ذاقت الأمرين بخانيونس.. ما قصة "الفرقة 98" الإسرائيلية التي تقود غزو لبنان؟

داود علي | a month ago

12

طباعة

مشاركة

في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، أعلنت وسائل إعلام عبرية عن حدث صعب يتضمن سقوط عدد كبير من القتلى والمصابين في صفوف الجيش الإسرائيلي خلال اشتباكات مع “حزب الله” في أولى محاولات التوغل بجنوب لبنان. 

فأفادت القناة 12 الإسرائيلية بمقتل 8 ضباط وجنود من وحدة الكوماندوز (إيغوز) التابعة لـ"الفرقة 98"، وإصابة 35 آخرين، خلال المعارك الدائرة في جنوب لبنان.

وكان جيش الاحتلال، قد أعلن في مطلع أكتوبر أن الفرقة العسكرية "98" بدأت في التوغل بصورة محددة بمناطق في جنوب لبنان.

وتشمل الفرقة 98، قوات كوماندوز ومظليين ومدرعات من اللواء 7، وأجرت استعدادات على مدار أسابيع لتنفيذ عملية برية جنوب لبنان، بحسب جيش الاحتلال.

فما هي تلك الفرقة التي تعد من نخبة الجيش الإسرائيلي؟ وماذا قدمت في العدوان على غزة؟ وما هو تاريخها العسكري؟ 

“تشكيل النار ”

الفرقة 98 هي فرقة مشاة تابعة لجيش الاحتلال، معروفة باسم "تشكيل النار"، يتخصص مقاتلوها في تنفيذ الهبوط الهجومي بالمظلات، بواسطة المروحيات أو طائرات نقل الجنود، ومتخصصة في القتال بعمق أراضي العدو.  

تتكون الفرقة من مجموعة وحدات على رأسها "وحدة إيغوز" و"قسم أوز" الخاص بالكوماندوز. 

ثم "اللواء 35 مظلات" و"اللواء 89 كوماندوز"، و"اللواء 55 مظلات" و"اللواء 551 مظلات". 

وهناك أيضا "الوحد 5515" وهي قوة متخصصة في نقل وإنقاذ القوات الخاصة، باستخدام المركبات في ظل ظروف التضاريس الصعبة والمواقف العملياتية المعقدة. 

إضافة إلى "الوحدة 7289" المحمولة جوا المضادة للطائرات، وتشكيل "مقلاع داود" وهو جزء من سلاح المدفعية، وصولا إلى "كتيبة لابيد" المسؤولة عن التكنولوجيا والمعلومات والاتصالات. 

تاريخ الفرقة 98 

تأسست "الفرقة 98" عام 1974، في إطار خطة تطوير وإعادة هيكلة الجيش الإسرائيلي عقب هزيمته في 6 أكتوبر 1973، المعروفة في إسرائيل بـ"حرب يوم الغفران" على يد الجيشين المصري والسوري.

وكان أول قائد لها المقدم "دان سامورون"، وكان قائدا أيضا لوحدة العمليات الخاصة التي كانت تسمى “قوة الصخرة”، ثم أصبح لاحقا رئيس الأركان الثالث عشر للجيش الإسرائيلي.

أول حرب حقيقية خاضتها "الفرقة 98" هي "عملية سلام الجليل" والتي عرفت فيما بعد بحرب لبنان الأولى، والتي اندلعت خلال الفترة من 6 يونيو/ حزيران 1982 إلى 29 سبتمبر/ أيلول 1982. 

حينها قام الجيش الإسرائيلي بإدخال سبع فرق إلى لبنان، وفرقتين في مرتفعات الجولان في مواجهة سوريا، وكانت الفرقة 98 تقاتل على الجبهتين.

حينها تولت قوات الفرقة مهمة قطع تشكيلات لواء "القلعة" التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية عن مقرها في بيروت.

نتائج مخيبة

ثم تحركت قوات تلك الفرقة شمالا ووصلت إلى منطقة الدامور، وفي هذه الأثناء أكملت تطويق مدينة صيدا، واستطاعت حصار بيروت.

كانت النتائج المباشرة لحرب لبنان الأولى، تتمثل في نقل مقر منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس.

والقضاء على معظم القوة العسكرية للمنظمات الفلسطينية، لكنها لم تنجح في إخراج الجيش السوري من لبنان.

أما النتيجة الأخطر للحرب فكانت تأسيس منظمة "حزب الله" بقيادة عباس موسوي، وهي القوة التي ملأت الفراغ الذي نشأ في جنوب لبنان مع خروج القوات الفلسطينية. 

ومن خسائر جيش الاحتلال في هذه الحرب مقتل 655 جنديا معظمهم من "الفرقة 98"، وقد رافقت الحرب وأهدافها وفرقها انتقادات حادة في أروقة صنع القرار الإسرائيلي.

هزيمة كارثية 

وتعد حرب لبنان الثانية التي اشتعلت من 12 يوليو/ تموز 2006 إلى 14 أغسطس/ آب 2006 نقطة سوداء في تاريخ هذه الفرقة. 

حينها شاركت وحدات "الفرقة 98"، بقيادة الجنرال "إيال أيزنبرغ" في اجتياح جنوب لبنان عن طريق البر والبحر. 

وخلال القتال في منطقة "كفر دبل" بالضاحية الجنوبية، رتب مقاتلو حزب الله كمينا محكما لأفراد الفرقة، وعلى أثره قتل 9 من ضباط وجنود الفرقة وجُرح عشرات آخرون.

كما شاركت وحدات الفرقة في عملية تطويق عمودي وإنزال مظليين في عمق لبنان وعلى طول نهر الليطاني.

وهي المهمة التي فشلوا فيها أيضا بعد أن تمكنت وحدات حزب الله من إسقاط مروحية "ياسور".

حينها قرر قائد الفرقة أيزنبرغ وقائد القيادة الشمالية أودي آدم وقف العملية فورا.

ثم عملت الوحدات الخاصة التابعة للفرقة بعملية مشتركة شملت إنقاذ القوات المحاصرة. 

لجنة فينوغراد 

بعد الهزائم والخسائر التي تعرضت لها الفرقة في لبنان واصل أيزنبرغ القيادة لمدة عام آخر بعد الحرب حتى تمت إقالته. 

حيث تم انتقاد أداء الفرقة من خلال تقرير لجنة "فينوغراد"، وهي لجنة شكلت من قبل الحكومة عقب الحرب مباشرة بضغط شعبي، لبحث أسباب الفشل. 

وحمل التقرير المكون من 500 صفحة "الفرقة 98" سبب فشل تحقيق أهداف العملية العسكرية. 

ومع الإطاحة بقائد الفرقة إيال أيزنبرغ، قام رئيس الأركان الإسرائيلي آنذاك دان حالوتس، بتقديم استقالته، كما استقال وزير الدفاع عمير بيريتس.

وبعد انتهاء التقرير وخروجه إلى العلن قام أهالي الجنود الذين قتلوا في المعارك، بتعاون مع "الحركة من أجل جودة السلطة"، بالاعتصام أمام المحكمة العليا وديوان رئاسة الحكومة في القدس، مطالبين بإسقاط حكومة رئيس الوزراء آنذاك إيهود أولمرت. 

حرب غزة 

ولا يغفل الدور الذي لعبته "الفرقة 98" خلال حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة على غزة، بداية من 7 أكتوبر 2023.

حيث كانت من الوحدات المخولة بالاقتحام البري، والاشتباك مع قوات حركة حماس وبقية فرق المقاومة الفلسطينية المرابطة في غزة. 

وعملت الفرقة في منطقة خانيونس لعدة أشهر، وتعرضت لخسائر فادحة في المعدات والأرواح خلال قتالها الضاري مع فرقة خانيونس التابعة للقسام.

وارتكبت هذه الفرقة أكثر من جريمة حرب خلال العمليات، على رأسها اقتحام مستشفى ناصر في خانيونس، يوم 18 فبراير/ شباط 2024، وقتل وإصابة عدد كبير من الجرحى والمرضى المدنيين. 

وفي 10 مايو، ارتكبت جريمة حرب أخرى عندما اقتحمت مخيم جباليا للاجئين شمال غزة، وخاضت اشتباكات تسببت في مقتل عدد من اللاجئين والنازحين من أبناء القطاع. 

ومع ذلك لم تنجو من فخاخ المقاومة التي انتقمت لتلك العملية يوم 15 مايو عندما قتلت 20 جنديا من أعضاء الفرقة في تفجير مبنى مفخخ في جباليا.

يذكر أنه في 13 مارس 2024، ألقى قائد الفرقة آنذاك "دان غولدفوس" كلمة وجه فيها رسالة إلى قيادة الحكومة الإسرائيلية، قال فيها: "يجب أن تكون جديرين بنا.. يجب أن تكونوا جديرين بهؤلاء المحاربين الذين ضحوا بحياتهم".

وهو ما أغضب قيادات الاحتلال، حتى أنه بعد هذا الخطاب، استدعى رئيس الأركان "هرتسي هاليفي" غولدفوس للتحقيق ووبخه بشدة.

وفي 31 يوليو 2024، تم تعيين قائد جديد لـ "الفرقة 98" هو المقدم جاي ليفي، الذي قال في حفل تنصيبه: "سنعمل بتصميم حتى استعادة الثقة التي تم كسرها في ذلك اليوم الملعون (يقصد عملية طوفان الأقصى)، ولسوء الحظ في خضم المعركة، ألحقت بنا خسائر فادحة لا يمكن تجاوزها بسهولة".