تسليح الجيش الإثيوبي.. هكذا وجهت الإمارات طعنة إلى مصر

داود علي | a month ago

12

طباعة

مشاركة

تتأجج التوترات بشكل متصاعد في منطقة "القرن الإفريقي" الذي يعد حاليا من أكثر بقاع العالم تقلبا، لتلقي بآثارها على العلاقات بين الحلفاء.

ووصل تأثير التوتر إلى مصر التي سلمت في 29 أغسطس/ آب 2024، مساعدات عسكرية للصومال هي الأولى منذ أكثر من 4 عقود. 

وجاءت المساعدات بعد تعميق العلاقات بين البلدين، إثر توقيع إثيوبيا غريمة مصر الأولى، اتفاقا مبدئيا مع إقليم أرض الصومال الانفصالي (صوماليالاند) مطلع عام 2024 يسمح لأديس أبابا بالحصول على منفذ ساحلي مقابل اعتراف باستقلال الإقليم.

وهو ما جعل مصر تشعر بالقلق البالغ، بشأن احتمال أن تتمكن إثيوبيا، من خلال اتفاقها مع أرض الصومال، من الوصول إلى مضيق باب المندب المؤدي إلى قناة السويس المصرية.

إثيوبيا والإمارات

إذ يعد باب المندب شريانا حيويا للتجارة العالمية، ويمر من خلاله ما يقرب من 9 بالمئة من حركة السفن العالمية.

وبدأت الأمور تتصاعد مع وصول الأسلحة المصرية إلى الصومال، إذ رأت أديس أبابا أن مقديشو "تتواطأ مع جهات خارجية تهدف إلى زعزعة استقرار منطقة القرن الإفريقي.

وأصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية، بيانا شديد اللهجة، حذرت فيه من التطورات التي "تهدد" أمنها القومي في تلك المنطقة.

وفي أوج هذه المشاحنات يأتي الحديث عن القوة العسكرية بين البلدين مصر وإثيوبيا، وكيف عملت أديس أبابا التي تهدد القاهرة في أخطر قضية وجودية وهي النيل عبر بناء سد النهضة، على تقوية قواتها المسلحة. 

لكن المفاجأة أنها استعانت بدولة الإمارات العربية المتحدة، التي أسهمت عبر سنوات في تحديث الجيش الإثيوبي، وإمداده بأسلحة ومعدات متطورة. 

وهو ما أثار العديد من التساؤلات عن دور الإمارات، الحليف الأكبر والأهم لرئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي.

وكيف ساعدت إثيوبيا على تعبئة جيشها، الذي يمثل تهديدا مباشرا لمصر ومصالحها الحيوية خاصة أن ورقة الحرب لوحت بها إثيوبيا أكثر من مرة؟

ففي 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد: "إذا كانت هناك ضرورة للحرب فنستطيع حشد الملايين، وإذا كان البعض يستطيع إطلاق صاروخ، فالآخرون قد يستخدمون القنابل، لكن هذا ليس في مصلحتنا جميعا".

مدرعات وقنابل 

وأخيرا، عززت الإمارات ترسانة الأسلحة الإثيوبية، حيث سلمت قوات الدفاع الوطنية الإثيوبية مجموعة من المركبات متعددة الأغراض من طراز Calidus MCAV-20 من القوات المسلحة الإماراتية، بحسب مجلة "جينز" البريطانية.

وقالت المجلة المتخصصة في شؤون الدفاع في يوليو 2024: “إن مركبات MCAV-20 تتمتع بقدرات قتالية متميزة وقدرات عالية على التحمل”، الأمر الذي يجعلها مثالية للعمليات في مختلف التضاريس.

خاصة أنها صممت بهيكل مدرع متطور يوفر حماية عالية للطاقم من الأخطار المتعددة، بما في ذلك الرصاص والقذائف والانفجارات.

كما أورد موقع "الدفاع العربي" المتخصص بالشؤون العسكرية في 26 يوليو 2024 أن المدرعات الإماراتية التي وصلت إثيوبيا تستوعب طاقما قتاليا يتكون من 5 أفراد.

إضافة إلى حمولة متنوعة من الأسلحة والذخيرة، وتصل سرعتها القصوى على الطرق المعبدة إلى 110 كم/ساعة ويصل نطاق التشغيل إلى 800 كم.

ويمكن تزويد المركبات بمجموعة متنوعة من الأسلحة، بما في ذلك مدفع أوتوماتيكي من عيار 30 ملم، ورشاشات متعددة الأعيرة، وقاذفة قنابل آلية، وهو ما يجعلها منصة قتالية متكاملة وقادرة على التعامل مع معظم التهديدات.

 وفي 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، وصلت إلى إثيوبيا شحنات ضخمة من قنابل الطارق المتطورة، ضمن سعي الإمارات لتعزيز قدرات حليفتها الدفاعية.

ونقل موقع “الدفاع العربي”، أن أبوظبي نظمت أكثر من 15 رحلة شحن عبر طائرات C-17 وC-130 التابعة لسلاح الجو إلى مطار هراري ميدا الإثيوبي العسكري.

وتمثلت هذه الشحنات في أنظمة متقدمة لتوجيه القنابل، التي تتميز بمداها الذي يتراوح بين 50 و200 كيلومتر.

وذكرت أن قنابل "الطارق" هي ذخيرة موجهة بدقة عالية، تم تطويرها من قبل شركة "توازن داينامكس" الإماراتية.

وتتميز ذخائر الطارق بسهولة دمجها في مختلف المنصات الجوية، حيث جرى دمجها بالفعل مع مقاتلات "ميراج 2000-9" الإماراتية ومقاتلات "إف-16".

كما تتميز أيضا بدقتها العالية، بحيث لا يتجاوز معدل الخطأ فيها 3 أمتار، وهي مصممة للهجوم على الأهداف بزاوية تبدأ من 30 وتصل إلى 90 درجة.

منظومة “بانتسير إس 1”

ومع ذلك فإن أبرز ما قدمته الإمارات عسكرية لإثيوبيا هو تمكينها من الحصول على منظومة الدفاع الجوي الروسية "بانتسير-إس 1" لحماية سد النهضة من المخاطر المحتملة بتدميره. 

وفي 18 مارس/ آذار 2019، كشفت صحيفة "القدس العربي" اللندنية عن مصادر رفيعة، أن الإمارات قدمت دعما ماليا سخيا لأديس أبابا.

ومن خلاله استطاعت تحديث منظومة جيشها الدفاعية، والحصول على منظومة "بانتسير إس 1" الروسية المتطورة للدفاع الجوي.

وذكر موقع "سكاي نيوز" البريطاني في 18 يوليو/تموز 2022، أن "بانتسير-إس 1"، هي واحدة من أهم منظومات الدفاع الجوي الروسي.

 وتصفها تقارير عسكرية أنها حامية سماء موسكو ضد أي هجمات معادية.

و"بانتسير-إس 1" التي حصلت عليها إثيوبيا بسبب الإمارات، هي نظام صاروخي مدفعي مضاد لجميع الطائرات والصواريخ.

كما أنها قادرة على ضرب الأهداف البرية المدرعة الخفيفة، والقوى البشرية للعدو، وتعد بمثابة خط الدفاع الأخير عن المنشآت العسكرية والمدنية الهامة (مثل سد النهضة على سبيل المثال). 

ومن مميزات "بانتسير-إس 1" أنها تطلق النار خلال زمن يتراوح بين 4 و6 ثوان.

ومنها أنواع متعددة، مثل المزود بالإطارات، والمجنزر والمائي والثابت، وتصل سرعتها إلى 90 كيلومترا في الساعة.

كما تعمل المنظومة بطاقم مكون من 3 أشخاص، ويبلغ مجال الرؤية بها 360 درجة، ويمكن تجهيزها بالمدافع المضادة للطائرات والأسلحة الصاروخية.

قوة بحرية

ومن الخدمات الجلية التي قدمتها الإمارات لإثيوبيا المنافس الأكبر لمصر حاليا في قارة إفريقيا، هو مساعدتها في إقامة ممر بحري. 

وفي 6 مايو/أيار 2021، وقعت الإمارات عن طريق موانئ دبي العالمية، اتفاقية مع الحكومة الإثيوبية، للتعاون في مجال البنية التحتية، إلى جانب إقامة ممر تجارى يصل إلى إقليم أرض الصومال "صوماليالاند".

كان الهدف الأساسي للاتفاقية الإماراتية الإثيوبية، يتمثل في تقديم خدمات لوجستية من البداية إلى النهاية على طول الممر الرابط بين إثيوبيا وميناء بربرة، وذلك لإطلاق منافع كبيرة لإثيوبيا، وتحقيق نقلة نوعية في فتح منفذ لها على البحار. 

خاصة أن إثيوبيا دولة حبيسة (غير مطلة على البحر)، وستستخدم ميناء بربرة بأرض الصومال كبديل.

وهو ما سيحقق منافع ضخمة لإثيوبيا، خاصة في صراعها القائم مع مصر بسبب أزمة سد النهضة. 

وما يمثل خطرا على مصر والقرن الإفريقي عموما بسبب مساعدات الإمارات لإثيوبيا، أن الأخيرة كانت لا تمتلك قوة عسكرية بحرية حقيقية، بتقدير أنها دولة غير مطلة على البحار.

لذلك لم تمتلك أي قطعة بحرية عسكرية ثقيلة، باستثناء بعض القوارب والسفن صغيرة الحجم. 

لكن في 4 مايو 2021، حدثت مستجدات بإعلان القوات البحرية الإثيوبية، عن إعادة تشكيل قوتها البحرية، ورفعت شعارها الجديد والوسام والزي الرسمي، خلال حفل أقيم في كلية الدفاع الجوي بمدينة "بيشوفتو".

وقد ترأس الحفل رئيس أركان الجيش الجنرال بيرهانو جولا، وقائد القوة البحرية كيندو جيزو، في إشارة واضحة إلى بداية عهد عسكري مختلف لقوات إثيوبيا البحرية. 

وتمضي أديس أبابا قدما بمساعدة الإمارات فيما أعلنه رئيس الوزراء آبي أحمد، عام 2018، عندما تعهد بإعادة بناء قدرات الجيش.

وفي عام 2019 قال معهد "جيوبوليتيكا فيوتشرز" الأميركي المتخصص في خدمات التنبؤ الجيوسياسي "إن إثيوبيا ترغب في بناء أسطول بحري قوي، وتسعى لاستعادة مجدها القديم وبناء البحرية الإمبراطورية، وذلك ضمن خطتها السياسية". 

وذكر أن "إثيوبيا يراودها حلم الوجود العسكري في مضيق باب المندب والمحيط الهندي وقيادة القوات الدولية التي تحارب القرصنة والتجارة غير الشرعية في سواحل الصومال".