في الذكرى الأولى لزلزال المغرب.. صحيفة إسبانية: إحباط وانعدام ثقة لدى الناجين

a month ago

12

طباعة

مشاركة

بعد مرور عام على فاجعة الزلزال الذي هزّ المغرب، مازال الغضب يخيم بين الناجين من هذه الكارثة الطبيعية، فضلا عن الإحباط وانعدام الثقة في السلطات. 

وقالت صحيفة "الإندبندينتي" الإسبانية إن زلزال المغرب الذي مرت عليه سنة قد أزاح الستار عن الفجوة العميقة التي تفصل بين المدن المتطورة وريفها المنسي والمهمّش. 

وفي 8 سبتمبر/ أيلول 2023، ضرب الزلزال الذي بلغت قوته 6.8 درجات القرى النائية والفقيرة في منطقة الأطلس. 

وخلال هذه الفاجعة، حالت تضاريسها الصعبة ونقص الموارد دون تقديم المساعدة السريعة. 

وفقد ثلاثة آلاف شخص حياتهم، وبعد مرور سنة، لم يتم الوفاء بوعود إعادة الإعمار التي قدمتها الحكومة، وهي حقيقة تثير غضب الناجين.

حياة كئيبة

وفي محادثة مع صحيفة “الإنديبندينتي”، أكد الصحفي صلاح الدين لميزي أن "إعادة الإعمار لا تسير بوتيرة جيدة". 

وخلال الأشهر الأخيرة، زار الصحفي لميزي موقع الزلزال في مناسبات عديدة لإعداد تقرير منظمة الشفافية الدولية حول نطاق المساعدات الحكومية الموعودة. 

وتجدر الإشارة إلى أن الرباط خصصت 11 مليار يورو لإعادة الإعمار “التي لا زالت غير ملموسة على أرض الواقع”.

وقال لميزي: "بالنسبة للطرق والتجهيزات العامة، فهناك العديد من البنى التحتية التي لم تكتمل بعد أو لم تبدأ أشغالها بعد، مثل المدارس أو العيادات، الأمر ليس سهلا لأنها منطقة جبلية".

ونقلت “الإنديبندينتي” أن الصحافة الحكومية المغربية "تشيد بخطة إعادة الإعمار".

واستدركت: "لكن هذا الاحتفاء المتناقض مع أرض الواقع لم يمر مرور الكرام بالنسبة للإعلام المحلي مثل موقع (لوديسك)". 

وفي تقرير لها حول الحياة الكئيبة للناجين من الزلزال المقيمين في الخيام، أوضح موقع "لودسيك" أن “منطقة تلات نيعقوب ظهر فيها حي من الأكشاك خلال بضعة أشهر. وتحوّل السوق القديم إلى حي غير رسمي يتكون من مجموعة من الخردة وسوق ومنازل عشوائية”. 

وبعد سنة، أصبحت الأوضاع المعيشية والصحية للسكان "مزرية".

يأس مرتفع

من جهته، نقل مدير الفرع المغربي لمنظمة الشفافية الدولية، فؤاد عبد المومني، للصحيفة الإسبانية، أن "مستوى الإحباط واليأس مرتفع للغاية، من بين أسباب أخرى، لأن الوعود كانت هائلة والتنفيذ كان رديئا للغاية". 

وأجج هذا السخط خلال الأشهر الأخيرة احتجاجا في المناطق المتضررة، وحتى في الرباط. 

وبحسب هذا المسؤول، كانت "العقبة الأولى متمثلة في أن السكان لم يفهموا كيفية عمل البرنامج. 

كما لم تكن المعايير التي وضعتها الحكومة للحصول على المساعدات سهلة".

وقال لميزي: "لقد جرت محاولة لتقليل حجم المساعدات، وقد كان هناك نوعان: للمنازل المدمرة كليا وتلك المهدمة جزئيا، ويشكو السكان من أن الحكومة حاولت خفض حجم المساعدات".

ومنذ الفترة الأولى التي تلت الزلزال، استنكر الضحايا أيضا “العقبات البيروقراطية وغياب الحوار مع الإدارة”. 

وبحسب شهود عيان من المغرب، "في الأيام الأولى بعد الزلزال، أصر الملك محمد السادس على أن يكون المعيار هو الإنصاف والاستماع إلى السكان. ومن الناحية العملية، وجدنا أنه تم تجاهل المتضررين في غالبية الأوقات".

من جانبها، استنكرت منظمة "التحالف من أجل التضامن- أكشن إيد" حقيقة أن "المساعدة الرسمية التي وعدت بها الرباط لم تكن كافية، حيث لا يزال حوالي 300 ألف شخص ينتظرون الحصول على منزل".

وأوضحت المنظمة: "رغم أنه في العديد من القرى المتضررة، تم منح الناس الإذن بإعادة البناء، وقد حصلت معظم الأسر المتضررة على مساعدة حكومية، إلا أن المبلغ لا يكفي لتغطية تكلفة مواد البناء. وفي كثير من الحالات، فإن سطحا أو جزء من الأرض التي يملكونها ليس آمنا لإعادة البناء".

ظروف صعبة

ونقلت الصحيفة أن حالة الاستياء أدت إلى حركة اجتماعية انتقلت إلى المراكز الإدارية بالمنطقة وحتى إلى العاصمة المغربية. 

وقدمت الحكومة مساعدة شهرية بقيمة 250 يورو للعائلات المتضررة البالغ عددها 60 ألف أسرة، والتي فقدت أيضا مصادر دخلها، والتي تعاني حاليا - ككارثة إضافية - من الجفاف في منطقة زراعية. 

ولا يزال معظم الناجين يعيشون في خيام وأماكن إقامة مؤقتة. 

ونتيجة لكل هذه العوامل، انتشرت حالة من عدم الثقة بين المتضررين.

فضلا عن ذلك، هناك مجالات ظل أخرى مثل نقص الموارد التعليمية للقاصرين في سن الدراسة. 

ونظرا لأن اقتصاد العائلات يعتمد على شبكات دعم الأسرة، "يعمل بعض الأطفال في المدن الكبرى مثل أغادير أو الدار البيضاء أو مراكش ويرسلون الأموال إلى أقاربهم". 

وأشارت الصحيفة إلى أن المنظمات غير الحكومية "حاولت تغطية تقصير الدولة". 

وعلى سبيل المثال، قامت قرى الأطفال بتركيب فصول دراسية جاهزة تسمح لـ7200 طالب وفتاة بمواصلة دراستهم، رغم الظروف الصعبة. 

بالإضافة إلى ذلك، أتيحت الفرصة لـ1126 فتى وفتاة للوصول إلى التعليم غير الرسمي وبرامج التعلم الرقمي، والتي تم تسهيلها من خلال القوافل المتنقلة التي تسافر عبر المناطق المتضررة.

ونوهت الصحيفة بأن الرعاية الصحية مهمشة في هذه المناطق أيضا.

وبحسب منظمة التحالف من أجل التضامن- أكشن إيد، “يعد الدعم المقدم للنساء والفتيات، اللاتي كن الأكثر تضررا من الزلزال، محدودا للغاية”. 

وفي الأشهر التي تلت الزلزال، تم توفير الرعاية الصحية الطارئة، لكن حاليا في المناطق الأكثر عزلة، فإن الحصول على الرعاية الصحية، وخاصة الاهتمام بالاحتياجات الإنجابية للمرأة، أمر صعب للغاية".

أمام هذا الوضع، تصرّ مصادر حكومية على أنه “رغم بطء وتيرة إعادة الإعمار، إلا أنه بحلول نهاية عام 2024، ستتجاوز المنازل التي سيعاد بناؤها 12 ألف منزل”. 

في المقابل، قال الصحفي لميزي إن "الزلزال وعواقبه أظهر بالكاشف الفجوة التي تفصل بين المراكز الحضرية والريفية، وقد كانت هذه الفوارق موجودة دائما منذ استقلال المغرب عن الاستعمار الفرنسي والإسباني".