دعوات متزايدة.. هل يفرض البرلمان الأوروبي عقوبات على دولة الاحتلال؟
إسبانيا لم تأذن بأي مبيعات أسلحة جديدة لإسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023
يمارس اليسار الأوروبي ضغوطا متزايدة لفرض عقوبات على إسرائيل بسبب عدوانها على غزة ولبنان، في وقت ينتقد فيه المعايير المزدوجة تجاههما عند المقارنة مع أوكرانيا.
وقالت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية إن الضغط داخل البرلمان الأوروبي من أجل فرض عقوبات على إسرائيل في تنامِِ.
وناقش البرلمان الأوروبي في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2024 الوضع في لبنان، وأصرت بروكسل على أن الدعم الإنساني الذي تقدمه الأمم المتحدة ضروري للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
حظر الأسلحة
وفي الحقيقة، قادت المجموعات اليسارية داخل الكتلة البرلمانية النقاش الذي افتتح يومها في ستراسبورغ شرقي فرنسا حول الوضع في لبنان، حيث تكثّف إسرائيل هجومها العسكري.
كما دار حديث حول دور قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل). ومن جانبهم وقع الاشتراكيون الأوروبيون وحزب تجديد أوروبا بيانا مشتركا للتعبير عن قلقهم والدعوة لمزيد من المساعدات الإنسانية.
ونقلت الصحيفة أن إيريني مونتيرو، عض حزب بوديموس الإسباني والمنظمة إلى حزب اليسار الأوروبي، كانت من الأصوات الأكثر انتقادا لإسرائيل.
إذ صعدت إلى المنبر بالكوفية إلا أنها أجبرت على نزعها قبل بدء الحديث، حيث لا يجوز إظهار الرموز السياسية داخل البرلمان الأوروبي.
وخلال اعتراضها على منعها من ارتداء الكوفية، قالت مونتيرو: "تحظر المعايير الدولية أيضا الإبادة الجماعية".
ومثل غيرها من البرلمانيين الأوروبيين التقدميين، رددت مونتيرو فكرة يدافع عنها حزبها أيضا في مدريد: "يجب وضع حد لبيع الأسلحة لإسرائيل على المستوى الأوروبي".
وأضافت: "إذا قطعوا العلاقات التجارية، فلن تتمكن إسرائيل من امتلاك عدد كبير من الأسلحة".
كما اتهمت المؤسسات الأوروبية "بالمشاركة في الدعاية الصهيونية" من خلال تكرارها باستمرار أن "إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها".
وقالت إستريلا غالان، عضو البرلمان الأوروبي عن سومار الإسباني والعضو في حزب اليسار الأوروبي، "دعونا نضع الأعذار جانبا ونفرض عقوبات على إسرائيل".
واتهمت رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بمحاولة منع وجود "شهود دوليين" على الإبادة الجماعية.
من جانبه، نوه جاومي أسينز، وهو أيضا عضو في البرلمان الأوروبي عن سومار ــ وينتمي إلى مجموعة الخضر/التحالف الحر الأوروبي ــ بالمعايير المزدوجة التي يتم تطبيقها في الاتحاد الأوروبي في التعامل مع الصراعات بين روسيا وأوكرانيا، من جهة؛ وإسرائيل وفلسطين أو لبنان من جهة أخرى.
وأصر على أن "ما ينطبق على أوكرانيا يجب أن ينطبق أيضا على لبنان". وتساءل "إلى متى سيستمر الاتحاد الأوروبي في التواطؤ".
إعلان الاشتراكيين والليبراليين
ومن جانبهم، وقع الاشتراكيون والليبراليون على إعلان مشترك للتعبير عن قلقهم أمام المفوضية الأوروبية بشأن الوضع في لبنان، والمطالبة بزيادة المساعدات الإنسانية أو وضع خطة محددة لصالح الأطفال.
ومن جانبها، تؤكد حركة تجديد أوروبا، التي ينتمي الليبراليون إليها، على الحاجة إلى زيادة الوجود العسكري الأوروبي في المنطقة.
بالإضافة إلى اليسار والخضر، كان نواب حزب التجديد والاشتراكيين شديدي اللهجة للغاية مع نتنياهو من على منصة البرلمان الأوروبي.
وقد ألمحت إيرينا جوفيفا البولندية، من حزب تجديد أوروبا، إلى مدى تورط إسرائيل ومسؤوليتها عن الوفيات في لبنان، وأيضا بالنسبة للاتحاد الأوروبي إذا لم يتخذ إجراءات جذرية.
ومن جانبه، أكد الاشتراكي، ناتشو سانشيز أمور، أن "نتنياهو ينتهك القانون الدولي" وأنه لا يستطيع تبرير كل الفظائع التي يرتكبها من خلال طرح هجوم حركة المقاومة الإسلامية حماس في 7 أكتوبر على الطاولة مرارا وتكرارا.
وفي نفس السياق، أرسل وزير الحقوق الاجتماعية والاستهلاك وأجندة 2030، الإسباني بابلو بوستندوي، برسالة إلى وزارة الدفاع في بلاده طلب فيها تعليق أي عقد بيع أسلحة جارٍ مع الشركات الإسرائيلية.
وتشير الرسالة إلى "بعض العقود" التي لا تزال جارية، على الرغم من أن إسبانيا لم تأذن بأي عمليات جديدة في هذا الصدد منذ 7 أكتوبر 2023.
ووفقا لمعلومات اطلعت عليها صحيفتا بوبليكو والباييس الإسبانيتان، لم تجمد مدريد مبيعات الأسلحة من تل أبيب فحسب، بل علّقت أيضا مشترياتها منها، وفقا لما أكدته وزيرة الدفاع، مارجريتا روبلز، في رسالتها لرئيس الحقوق الاجتماعية، بابلو بوستندوي.
ويمثل البيان الذي يفيد بتعليق شراء المواد العسكرية الإسرائيلية خطوة أخرى في حظر الأسلحة المفروض على حكومة نتنياهو، والذي لم تعلنه إسبانيا رسميا، حيث لم تفعل أي جهة دولية ذلك، ولكنها بصدد تطبيق الحظر بحكم الأمر الواقع.
وحتى الآن، اقتصر وزير الخارجية، خوسيه مانويل ألباريس، على الإشارة إلى أنه منذ 7 أكتوبر 2023، لم يُسمح بتصدير أسلحة جديدة إلى إسرائيل، معترفا ضمنيا بأن عمليات التسليم المصرح بها مسبقا كانت ستستمر.
ومع ذلك، تؤكد المصادر التجارية أنه جرى الحفاظ على رقابة صارمة لسنوات على مبيعات الأسلحة إلى المنطقة، ولم يسمح بتصدير تلك التي يمكن استخدامها في الصراع.
وتقول صحيفة بوبليكو إن شراء الأسلحة من إسرائيل أكثر أهمية من مبيعاتها، حيث أصبحت الصناعة العسكرية الإسرائيلية في السنوات الأخيرة أحد الموردين الرئيسين للقوات المسلحة الإسبانية.
وبحسب تقرير لمركز ديلاس لدراسات السلام، وافقت وزارة الدفاع، منذ 7 أكتوبر على شراء أنظمة من شركات إسرائيلية، منفردة أو مرتبطة بشركات إسبانية، بقيمة 1.027 مليون يورو.
تشمل هذه الأنظمة نظام قاذفة الصواريخ عالية الحركة، سيلام، مقابل 576.4 مليون دولار، أو توريد 168 قاذفة صواريخ مضادة للدبابات من طراز سبايك، مقابل 237.5 مليون دولار.
وفي حين أن العملية الأخيرة عبارة عن استيراد لأنظمة الأسلحة من شركة رافائيل الإسرائيلية، فإن الأولى هي عقد تصنيع في إسبانيا مع الشريك التكنولوجي الإسرائيلي (إلبيت سيستمز).
وتشير الصحيفة أيضا إلى أن شركة أنظمة الاستخبارات الأميركية بالانتير حصلت على عقد بقيمة 16.5 مليون يورو، بفضل علاقاتها الوثيقة مع إسرائيل.
ومع ذلك، بحسب ما أكدته روبلز لبوستندوي في رسالتها، فمن المفترض أنه جرى تعليق شراء المنتجات الإسرائيلية لهذه الأنظمة.