تجاوز إسرائيلي للخطوط الحمراء.. ماذا بعد اغتيال هنية داخل إيران؟

a month ago

12

طباعة

مشاركة

بعدما قدم فلذات أكباده من أبناء وأحفاد، التحق رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية، بركب الشهداء، جراء غارة إسرائيلية استهدفت مقر إقامته في العاصمة الإيرانية طهران، خلال زيارته لحضور حفل تنصيب رئيسها الجديد مسعود بزشكيان.

حماس قالت في 31 يوليو/تموز 2024، إنها "تنعى لأبناء الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية وكل أحرار العالم الأخ القائد الشهيد المجاهد إسماعيل هنية رئيس الحركة، الذي قضى إثر غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران، بعد مشاركته في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد".

وأفاد التلفزيون الرسمي الإيراني باستشهاد إسماعيل هنية في طهران، موضحا أن التحقيق جار في ملابسات عملية الاغتيال وأنه سيتم الإعلان عن النتائج قريبا، فيما يلتزم الاحتلال الإسرائيلي الصمت رسميا حتى كتابة هذه السطور.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية، بأن هنية قتل بصاروخ من خارج الأراضي الإيرانية، بينما امتنع الجيش الإسرائيلي عن التعليق على الحادثة.

وإسماعيل عبد السلام أحمد هنية "أبو العبد" قيادي فلسطيني قضى حياته في المقاومة ضد الاحتلال، ومنذ بداية عميلة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، استشهد أكثر من 60 شخصا من أفراد عائلته بقصف إسرائيلي بينهم أبناؤه وأشقاؤه في استهدافات مختلفة.

وبدأ هنية نشاطه داخل الكتلة الإسلامية الذراع الطلابية لحماس ثم تدرج في العمل السياسي حتى أصبح رئيسا للوزراء بعد فوز الحركة بالانتخابات التشريعية عام 2006 ثم رئيسا للمكتب السياسي للحركة منذ عام 2017.

وأقاله رئيس السلطة محمود عباس في 14 يونيو/حزيران 2007 بعد سيطرة كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس على مراكز الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، وقد رفض هنية هذا القرار.

اعتقل في سجون الاحتلال سنة 1989 حيث أمضى ثلاث سنوات معتقلا وبعدها نفي إلى مرج الزهور في جنوب لبنان وعاد منه بعد عام في المنفى على إثر اتفاق أوسلو.

وأدان ناشطون على منصة إكس عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #استشهاد_إسماعيل_هنية، اغتيال هنية اليوم وقبله عدد من أفرد عائلته، وصبوا جام غضبهم على الاحتلال الإسرائيلي.

وأكدوا أن اغتيال هنية لن يثني حماس عن مواصلة مقاومتهم للاحتلال أو التراجع قيد أنملة عن جهادها حتى دحر إسرائيل والانتصار عليها.

وعد ناشطون اغتيال هنية في طهران خرقا للسيادة الإيرانية معلنين ترقبهم للرد الإيراني، ومؤكدين أن الاغتيال جاء بضوء أخضر من الولايات المتحدة الأميركية برئاسة جو بايدن، خاصة أنه جاء بعد أيام من كلمة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بالكونغرس الأميركي.

اغتيال للسيادة

وقال الداعية المصري محمد الصغير، إن استهداف القائد المجاهد إسماعيل هنية في العاصمة طهران، اغتيال للسيادة الإيرانية.

وأكد الباحث في شؤون الجماعات الجهادية خليل المقداد، أنه رسميا، وسياسيا، ودبلوماسيا، وعسكريا، اغتيال هنية في قلب إيران اعتداء صارخ على السيادة الوطنية، وأخطر بألف مرة من ضرب ملحق السفارة الإيرانية في دمشق، وعليه فلا بد من رد إيراني.

وقال المعارض السعودي سلطان العبدلي، إن استشهاد إسماعيل هنية فيه ملاحظتان، الأولى "عجزوا عن تجنيد أحد من الداخل الإيراني عبر تفجير داخلي، فلجأوا إلى غارة من الكيان الصهيوني، والثانية ينتظر الرد الإيراني حيث انتهكت السيادة الإيرانية، ولأحد أبرز القادة في العالم".

وتساءل: “إذا كان القصف  الصهيوني على القنصلية الإيرانية في دمشق أثار إيران؛ فكيف باختراق الأجواء الإيرانية وقصف شخصية بحجم إسماعيل هنية في حفل تتويح الرئيس بزشكيان؟!”

وعد الإعلامي اليمني أنيس منصور، اغتيال مسؤول فلسطيني زائر في إيران أكثر وقاحة من مهاجمة القنصلية الإيرانية وينبغي الرد المناسب على هذا العار الذي يحمله الصهاينة، ناهيك أن الجريمة انتهاك سيادة إيران الإقليمية، وكشف عن ضعف دفاعها الجوي!!.

وأعرب عن رفضه أسطوانة المؤامرة والخيانة التي تشنشن عليها ذباب صهاينة العرب ولكن لا يعفي ذلك مسؤولية إيران بالرد الشافي.

قراءات وتحليلات

وتحت عنوان "عن عملية اغتيال هنية في سياق التحليل"، قال المحلل السياسي ياسر الزعاترة، إنه ليس هناك أدنى شك ابتداء في مسؤولية "الكيان" عن عملية الاغتيال، سواء تم الإعلان رسميا، أم تُرك الأمر في سياق من الغموض، أقلّه راهنا.

وذكر بأن الصهاينة لم يخفِوا أن إسماعيل هنية كان على قائمة التصفية، مع عدد من إخوانه في الداخل والخارج، وشبّهوا مسلسل التصفية الذي قرّروه إثر "طوفان الأقصى"؛ بمسلسل تصفية المسؤوليين عن عملية "ميونيخ" 1972، والتي استغرقت سنوات طويلة.

وأكد الزعاترة، أن ما من حركة تحرير قدمّت قادة شهداء، كما قدّمت حركة "حماس"، ليس في السياق الفلسطيني فقط، بل حتى في السياق العالمي أيضا، ربما لطبيعة العدو وقدراته، وربما أيضا لكونه الأكثر دلالا في العالم، لكن ذلك لم يُسفر عن تراجع مسيرة الحركة، بل زادت تجذّرا في الواقع الفلسطيني.

ورأى أن المهم الحديث عن مكان اغتيال هنية ممثلا في قلب العاصمة الإيرانية (طهران)، والذي يعني أن الضربة كانت موجّهة للعنوان أيضا، لا سيما أنها تأتي بعد يوم من استهداف أحد قادة حزب الله (فؤاد شكر) في قلب الضاحية الجنوبية في بيروت.

وأشار الكاتب السياسي إبراهيم المدهون، إلى أن اغتيال قائد حركة حماس ورئيس مكتبها السياسي أقوى ضربة توجه إلى حركة حماس بعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين والرنتيسي في عام 2004.

وذكر بأن هنية كان من أهم الشخصيات المركزية التي قادت حركة حماس، سواء في غزة أو كرئيس لمكتبها السياسي منذ عام 2017، كما كان أول رئيس حكومة لحركة حماس، ورئيس حكومة فلسطينية منتخب من الشعب الفلسطيني، ويعد ممثلا رسميا لشعبنا الفلسطيني، مؤكدا أن اغتياله يعد تجاوزا لكل الخطوط الحمراء.

ولفت إلى أن اغتيال هنية جاء بعد استشهاد عدد من أبنائه وأحفاده في قطاع غزة، ويعد من الضربات البعيدة الصعبة والقاسية للشعب الفلسطيني، وتعديا صارخا. 

وأكد الباحث السياسي ياسين التميمي، أن ما أقدم عليه العدو الصهيوني من اغتيال هنية يضع المنطقة على أبواب مرحلة جديدة من الحرب تتجلى فيها المسؤوليات والالتزامات عارية من الدخن والمتاجرات السياسية والصفقات المشبوهة.

وقالت الباحثة المختصة بالشأن الإيراني فاطمة الصمادي، إن هذا ليس اغتيالا لقائد في حماس فقط،  فليست المرة الأولى التي يقضي فيها قائد من قادة المقاومة شهيدا، هو ضربة لكل محور المقاومة، وإهانة مباشرة للدولة التي تدعمه، وخرق لكل نظامها الأمني ورسالة خشنة جدا للرئيس الإيراني الجديد مع بداية عهده.

وعد المغرد تامر، عملية اغتيال هنية تحديا واضحا وصريحا لإيران، لافتا إلى أن إسرائيل اغتالت ضيفا فلسطينيا في إيران بعد ساعات من اغتيال الرجل الثاني في حزب الله، فؤاد شكر.

وفي تقدير موقف لقيادة المقاومة بعد استشهاد هنية قال الباحث مهنا الحبيل، إن التحدي كبير في الزمن الأصعب، مشيرا إلى أن عودة خالد مشعل لقيادة المقاومة اليوم تأتي في زمن حرب عدوانية كُشف ظهر المقاومة فيها 

كما غُدر بغزة وذبحت، لكن الحفاظ على حياته ووحدة المقاومة حوله ضرورة كبرى للعبور الإستراتيجي الخطير الذي يحتاج الى مرحلة زمنية ليست سهلة بعد المحرقة.

وأكد أن الميزان ليس في تواطؤ أجهزة إيرانية بالضرورة ولكن في عبورها لقواعد اللعبة، فلا يجوز أن يتوجه لطهران مطلقا وأن يحدد تحركاته في أقل مدى حتى تعبر المرحلة.

وأضاف: "لا أعرف الظروف الدولية التي تحكم بقاؤه في قطر وتقدير الدوحة لها لكن تأمين انتقاله لتركيا اليوم قد يخضع لخطوط دولية خاصة تملكها أنقرة لصالح سلامة أبي الوليد وهو موقف ينتظر منها أن تبادر فيه إن كان هناك توافق مع الدوحة والمقاومة فيه".

دور أميركي

وتسليطا للضوء على دور واشنطن في اغتيال هنية، أكد رئيس تحرير صحيفة وموقع وطن نظام المهداوي، أن المجرم نتنياهو لا يجرؤ المجرم على فعل اغتيالين القائد في حزب الله فؤاد شكر، وبعد ساعات من اغتيال إسماعيل هنية في طهران لولا الضوء الأخضر الذي حصل عليه في واشنطن.

وأكد الصحفي خالد محمود، أن نتنياهو عاد من أميركا بموافقة على تغيير قواعد اللعبة عبر تحجيم إيران واغتيال قادة محورها فى المنطقة، مشيرا إلى أن أول أيام مسعود بزشكیان رئيس إيران الجديد، تم اغتيال إسماعيل هنية مسؤول حماس وفؤاد شكر أحد قيادات حزب الله. 

وقال الإعلامي سامي كمال الدين، إن أميركا كانت تعلم بعملية اغتيال إسماعيل هنية في طهران حيث رتب معهم نتنياهو عملية الاغتيال قبل تنفيذها.

وأضاف أن على الرغم من أنها خسارة كبيرة لحركة حماس لكنها تعبر عن فشل نتنياهو في حسم حربه في غزة وإطلاق سراح الرهائن أو إسكات المجتمع الإسرائيلي الذي يرى أن بنيامين نتنياهو لم يحقق ما وعدهم به بعد عشرة أشهر من طوفان الأقصى.

وقال الكاتب علي شريف: "يبدو أن زيارة نتنياهو إلى واشنطن قد أنتجت قرارات سرية بين الكيان والسي آي إي والقوات الأميركية والأطلسية في المنطقة بتكثيف عمليات الاغتيالات".

ورأى عصام بن الشيخ، أن واشنطن سمحت للكيان الصهيوني أن يعربد ويقتل في قلب طهران وداخل كل عواصم الدول العربية والإسلامية لاستفزاز ملياري مسلم وإشعال حرب عالمية ثالثة، مؤكدا أن اغتيال هنيه شرارة مواجهة شاملة مع كل دول محور المقاومة وعملية اعتداء سافر تتجاوز كل الخطوط الحمر.

ثبات المقاومة 

وتأكيدا على أن اغتيال هنية لن يوقف المقاومة أو يدفعها للتنازل أو المهادنة، ذكر الإعلامي وضاح خنفر، بأن إسرائيل اغتالت قبله قادة كثر؛ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وفتحي الشقاقي واغتالت بالسم ياسر عرفات وكثيرا من قادة المقاومة وعشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، لكن المقاومة لم تتوقف بل انتقلت الشعلة عبر الأجيال. 

وأشار إلى أن الاحتلال يزداد غطرسة وجنونا ويضرب في كل اتجاه، لكن حقيقة واحدة ستبقى "لا مستقبل لهذا الاحتلال مهما فعل إلا أن يرحل".

وأكد الصحفي وائل أبو عمر، أن استشهاد القائد إسماعيل هنية وقبله القائد المؤسس أحمد ياسين والرنتيسي وكل قيادات شعبنا لن يوقف المقاومة ولن يفت في عضدنا حتى النصر بإذن الله تعالى.

وقال الباحث في الشأن السياسي سعيد زياد، إن ما نجحت المقاومة في إنتاجه وإفرازه من قادة عظماء بعد جميع عمليات الاغتيال، يثبت بما لا يدع مجالا للشك مؤسسية المقاومة، ومتانة تنظيمها، وقوة صفها القيادي والنخبوي.

وأوضح أن إسرائيل بدأت فكرة الاغتيالات منذ الستينيات من القرن الماضي، واغتالت عددا لا بأس به من قادة المقاومة في خارج فلسطين، مثل فتحي الشقاقي وخليل الوزير، واغتالت عددا كبيرا من قادة المقاومة في داخل فلسطين، مثل أحمد ياسين والرنتيسي وأبو علي مصطفى وأبو عمار.

وأشار زياد، إلى أن سلسلة الاغتيالات الطويلة هذه خلقت شكوكا كثيرة عند قادة المؤسسات الأمنية والعسكرية للعدو حول جدوى عمليات الاغتيال ومدى تأثيرها على إضعاف المقاومة.

وكتب المغرد رستم: "كانوا يعتقدون بعد اغتيال أحمد ياسين سوف تتوقف المقاومة الفلسطينية.. ولكن كبروا أطفال الحجارة وأصبحوا مهندسي صواريخ تدك تل أبيب.. فلا تعتقدون بعد اغتيال إسماعيل هنية بهذه العملية الجبانة لن يكون هناك رد، فكل المقاومه على خطا القادة الذين استشهدوا في طريق تحرير فلسطين".

وقال المتخصص في إدارة الأزمات مراد علي، إن هنية لم يكن ليموت إلا ما عليه أحمد ياسين والرنتيسي وعزالدين القسام حافظا لكتاب الله، مجاهدا في سبيله، باذلا كل الوسع لنصرة دينه ووطنه.

وأضاف: "أما عن إسرائيل، فقد استشهد أحمد ياسين منذ 20 عاما، لكن المقاومة بعد أن كانت بالحجارة، أصبحت صواريخها تطال تل أبيب؛ فانتظروا الأسوأ لكم وإن نصر الله لقريب".

نعي ورثاء

وفي رثاء من ذوي هنية له، عرضت سارة إسماعيل، صورة لأبيها قائلة "بتلبقلك الشهادة والله ياسندي".

وقالت أبرار هنية: "وداعا أبي.. إلى اللقاء أبي اليوم عريسا.. يزف إلى جنة الخلد.. مع محمد حبه.. بعد البحث عنها لأكثر من 40 عاما من النظال.. نال الشهادة".

وأضافت: "أبي اليوم لم يمت.. بل التحق بشيخه الياسين.. ليحلق في السماء"، عارضة صورة نادرة للشهيدين إسماعيل هنية والشيخ أحمد ياسين رحمهما الله.

ونشرت أبرار، مقطع فيديو لأبيها يقول فيه: "ماضٍ وأعرفُ ما دربي وما هدفي.. والموت يرقص لي في كل منعطفِ"، وأخرى له مع والدتها مبتسما محتسبا رافعا شارة النصر عندما أتاه خبر استشهاد أخوانها في شهر أبريل بغزة، قائلة: "رحم الله أبا صدق الله، فصدقه الله".

وعرض العقيد المتقاعد محمد علاء العناسوة، مقطع فيديو لما قالته زوجة نجل الشهيد القيادي بحركة حماس إسماعيل هنية بعد أن اغتاله الاحتلال فجر اليوم.

وقدم ناشطون نعيهم ورثائهم لهنية وذكروا بمواقفه واستحضروا كلماته وخطاباته السابقة، وتداولوها بقوة، كما عرضوا مقاطع فيديو له أثناء إمامته للمصلين، وصورا له جمعته مع شهداء سابقين أبرزهم أحمد ياسين الذي عمل مديرا لمكتبه.