صحيفة عبرية: لهذه الأسباب سنخسر الحرب سواء اخترنا الأسرى أو "فيلادلفيا"
"في كلتا الحالتين ستدفع إسرائيل ثمنا باهظا"
في الآونة الأخيرة، كثرت التساؤلات بشأن حقيقة موقف الكيان الإسرائيلي وسكانه الصهاينة بشأن تحرير الأسرى في غزة على حساب الانسحاب من محور فيلادلفيا الفاصل بين القطاع ومصر.
وفي هذا السياق، رأى ديفيد برين، رئيس تحرير صحيفة "جيروزاليم بوست" السابق، أن "إسرائيل" ستخسر لا محالة، سواء اختارت الذهاب لصفقة تبادل أسرى أو استمرت في الحرب.
انقسام حاد
وقال "برين"، في مقال له نشرته الصحيفة العبرية: "اندلعت احتجاجات جماهيرية وإضراب عام بعد مقتل 6 في رفح وترافق ذلك مع توجيه اللوم إلى الحكومة لفشلها في تأمين إطلاق سراحهم".
وكان المطلب الأساسي لهذه الاحتجاجات: التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن "ليت الأمور كانت بسيطة ومباشرة بهذا الشكل"، وفق تعبير برين.
وأضاف: "يعارض منتقدو رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، موقفه في أن الاحتفاظ بمحور فيلادلفيا ضروري لمنع حماس من إعادة التسلح؛ حيث يصفون هذا الموقف بأنه "المسمار الأخير في نعش ما تبقى من المحتجزين".
وأشار المقال إلى أن "عائلات المحتجزين أنفسهم منقسمون حول ما يعنيه قبول اتفاق وقف إطلاق النار لأحبائهم".
ونوه أيضا إلى أن بعض المحتجزين لن يُطلق سراحهم، حتى لو اختارت الحكومة الإسرائيلية الذهاب لصفقة.
وقال: "من الواضح أن بعض المحتجزين سيبقون في غزة، حتى بعد انسحاب إسرائيل بالكامل، فحماس لن تتخلى عنهم جميعا بمحض إرادتها".
وأوضح أن "العديد من العائلات تعارض أي صفقة من هذا القبيل، وأي اتفاق من شأنه أن يترك أحبابهم في غزة"، مشيرا إلى أن هناك مَن يشارك تلك العائلات هذا الموقف.
فقد أظهر استطلاع للرأي نشره "معهد سياسة الشعب اليهودي"، قبل أيام، أن 49 بالمئة من الجمهور اليهودي الإسرائيلي يعتقدون أن الحفاظ على السيطرة على محور فيلادلفيا أكثر أهمية من تحرير المحتجزين بينما يعتقد 43 بالمئة العكس.
ووفق استطلاع آخر أجراه معهد "قنطار" لصالح هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، ونُشر في 4 سبتمبر/أيلول 2024، فإن 53 بالمئة من الإسرائيليين مع التخلي عن السيطرة الأمنية على محور فيلادلفيا للتوصل إلى صفقة مع حماس لإعادة الأسرى.
بينما 29 بالمئة من الإسرائيليين يعتقدون أنه من الضروري إبقاء السيطرة على المحور "رغم الثمن الباهظ لتفجير الصفقة"، هذا في الوقت الذي قال فيه 18 بالمئة إنهم لم يكوّنوا رأيا بعد بشأن الموضوع.
وقال الكاتب: "إنك إذا ما نظرت إلى الاحتجاجات أو استمعت إلى "قناة كان" أو شاهدت القناة الـ12"، فقد تتصور أن 90 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون قبول أي صفقة من شأنها إعادة المحتجزين إلى ديارهم".
واستدرك: "لكن الواقع هو أن الإسرائيليين منقسمون بشأن هذه القضية، وفقا للانتماءات السياسية والأيديولوجية".
خيارات نتنياهو
وبحسب "برين"، فإن أحد الحلول هو البقاء في غزة، ومواصلة القصف، على أمل أن تستسلم حماس في نهاية المطاف لشروط إسرائيل، أو العثور على المزيد من المحتجزين أحياء وإنقاذهم.
أما الحل الآخر -وفق الكاتب الإسرائيلي- فهو الاعتراف بأن العملية العسكرية حققت كل ما في وسعها، ويجب على إسرائيل أن تقلل خسائرها، وتجعل تحرير أكبر عدد ممكن من المحتجزين أولوية على المخاوف الأمنية قصيرة الأجل.
وقال: "على الرغم من إصرار الولايات المتحدة على أن الاتفاق قريب وأن ما تبقى هو مجرد تفاصيل دقيقة تحتاج إلى تسويتها، لكن يبدو في الواقع أن إسرائيل وحماس على طرفي نقيض، وليس علينا أن نتوقع التوصل لأي "تسوية".
وأضاف: "يريد الرئيس الأميركي، جو بايدن، التوصل إلى اتفاق، وبناء على تصريحاته بأن نتنياهو لا يبذل جهدا كافيا، فيمكن القول إن بايدن يؤيد تنازل إسرائيل عن محور فيلادلفيا وعن البقاء في غزة".
وهذا يعني -وفق الكاتب- ترك حماس في السلطة، مع قدرتها على إعادة تجميع وتسليح نفسها، وهو ما صرح نتنياهو بأنه ليس لديه أي نية للقيام به.
وتابع الكاتب: "نحن، الشعب الإسرائيلي، ليس لدينا أي فكرة عما إذا كان الاحتفاظ بمحور فيلادلفيا حيوي فعلا لأمن إسرائيل".
"فوزير الحرب، يوآف غالانت، يعتقد أن الأمر ليس كذلك، لكن نتنياهو يعتقد أن غالانت ابتلع طُعم حماس، وفي الوقت نفسه، يمكنك أن تجد العديد من "خبراء الدفاع" يقولون إن محور فيلادلفيا ضروري لأمن إسرائيل".
وكان موقع أكسيوس الأميركي قد نقل عن مصدر لم يسمّه قول "غالانت" إن "على إسرائيل أن تختار بين إبقاء سيطرتها على محور فيلادلفيا واستعادة الرهائن، ولا يمكن أن تحصل على كليهما معا".
ووفقا لموقع "تايمز أوف إسرائيل"، فإن "غالانت" قال في اجتماع المجلس الأمني، في 1 سبتمبر/أيلول 2024، إن "إعطاء الأولوية لمحور فيلادلفيا على حساب حياة المحتجزين هو فضيحة أخلاقية".
في المقابل، شدد نتنياهو أكثر من مرة على أن الجيش الإسرائيلي لن يغادر محور فيلادلفيا، وقال إذا خرجنا منه فلن نتمكن من العودة إليه.
نفس المصير
وقال "برين": "مع ذلك، فإن ما نعرفه يقينا هو أن جميع المناضلين على وسائل التواصل الاجتماعي من خارج البلاد لا يعرفون أكثر منا".
"فوسائل التواصل الاجتماعي مليئة بمن يسمون أنفسهم بـ"الصهاينة الداعمين لإسرائيل"، لكنهم يصفون المتظاهرين بـ"اليساريين"، بنفس الحدة التي يتهمنا بها أعداء إسرائيل بـ"الإبادة الجماعية"، وفق الكاتب.
وأضاف: "إن وسائل التواصل الاجتماعي تعد مكانا مناسبا لهم، وينبغي علينا جميعا تجاهلهم".
وأردف: "شيء آخر علينا أن نعرفه، وهو أنه بينما يستمر الجمود بشأن محور فيلادلفيا والمحتجزين، فإن الأسرى المتبقين يعانون في غزة".
"كما أنهم يواجهون نفس المصير الذي لقيه الأسير الأميركي، هيرش غولدبرغ-بولين، وخمسة من زملائه المحتجزين الذين قُتلوا الأسبوع الماضي، بعد قضائهم نحو عام في ظروف لا يمكن تصورها"، بحسب المقال.
وأوضح أنه "يتعين على أولئك الذين ينادون بإطلاق سراحهم بأي ثمن أن يواجهوا العواقب المترتبة على تعاظم قوة حماس في السنوات القادمة، والتي قد تعرض إسرائيل لذات الخطر الذي واجهته في 7 أكتوبر".
"وفي المقابل، فأولئك الذين يضعون السيطرة على غزة وإضعاف حماس في مقدمة أولوياتهم، ربما يضطرون إلى مواجهة المزيد من الجنازات مثل تلك التي شهدناها بعد مقتل الأسرى الستة".
وختم بالقول: "في كلتا الحالتين، من المرجح أن تدفع إسرائيل ثمنا باهظا".