حال فوز ترامب بالانتخابات الأميركية.. ما مستقبل الحرب في أوكرانيا؟
يمكن لترامب أن يوظف مسألة تسليح كييف للضغط على روسيا
رأى معهد إيطالي أن التصريحات والنوايا المعلن عنها أخيرا للرئيس السابق ومرشح الحزب الجمهوري الأميركي دونالد ترامب، تنبئ بتطور محتمل لسيناريو الحرب في أوكرانيا في حال فاز بالانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وقال معهد "تحليل العلاقات الدولية" إن "الانتخابات الأميركية استحوذت على اهتمام وسائل الإعلام بشكل أكبر بعد انسحاب الرئيس الحالي جو بايدن من السباق الحالي وترشح نائبته كامالا هاريس مكانه وكذلك محاولة الاغتيال التي تعرض لها ترامب في 13 يوليو/تموز 2024".
خطة ترامب
ومع احتدام المنافسة وبناء على تصريحات ترامب فيما يتعلق بإحدى أهم مسائل السياسة الخارجية التي تتصدر الحملة الانتخابية، تساءل عن السيناريو المحتمل لتواصل الحرب في أوكرانيا في صورة فوز مرشح الجمهوريين.
خاصة على ضوء الوعد الذي قدمه ترامب للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في 20 يوليو خلال مكالمة هاتفية بأنه "سينهي الحرب" بين أوكرانيا وروسيا إذا عاد إلى البيت الأبيض.
بينما صرح مرشحه لمنصب نائب الرئيس جيمس ديفيد فانس في مقابلة صحفية في يوليو بأن ترامب "وعد بالذهاب إلى المفاوضات مع روسيا والأوكرانيين لإنهاء هذه الأزمة بسرعة حتى تتمكن أميركا من التركيز على المشكلة الحقيقية، وهي الصين".
في هذا الإطار، أشار المعهد البحثي الإيطالي إلى وجود تسريبات متداولة بشأن خطة ترامب المحتملة لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
ويأتي ذلك على الرغم من أنه لم يطرح أفكارا واضحة عن ذلك، فضلا عن تهربه من أسئلة وكالة الأنباء الروسية "تاس" عما إذا كان سيتحدث مباشرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وذكر في هذا الصدد إمكانية أن تلجأ الولايات المتحدة إلى استخدام حق النقض ضد انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي “ناتو”، مقابل السلام مع روسيا.
كما يمكن لترامب في حال عاد إلى البيت الأبيض رئيسا، أن يوظف مسألة تسليح كييف للضغط على روسيا من أجل دفعها إلى الجلوس على طاولة المفاوضات.
وبحسب مراقبين، أجرى فريق الرئيس الأوكراني محادثة هاتفية مع ترامب، نتيجة شعورهم بالقلق من تراجع التزام الولايات المتحدة بالصراع الدائر في حال فوز الأخير بالانتخابات.
وبالتالي توقف تزويدهم بالمساعدات لمواصلة الحرب، لذلك كانت الغاية إقناع ترامب بمواصلة دعم أوكرانيا.
من جانبه، أعلن زيلينسكي، بالإضافة إلى إعرابه عن نيته لقاء دونالد ترامب لمناقشة الخطوات الواجب اتخاذها لتحقيق سلام دائم، أنه سيقدم خطته لإنهاء الصراع بحلول نوفمبر.
علاوة على ذلك، أيد مشاركة روسيا في محادثات السلام المقبلة التي يرغب بتنظيمها في نفس الشهر المذكور.
وكان رد الفعل الروسي على اقتراح زيلينسكي حذرا بالتأكيد على الحاجة إلى معرفة متعمقة أكثر بالنوايا الحقيقية لحكومة كييف، وذلك بحجة عدم دعوة روسيا لحضور القمة السابقة التي عقدت في سويسرا.
كما أفاد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، بفشل محادثات السلام التي عقدت عام 2022.
وعلى ضوء هذه العناصر، ألمح المعهد الإيطالي إلى إمكانية بدء مفاوضات في فترة ولاية رئاسية جديدة محتملة لترامب "خاصة مع وجود رغبة، وإن كانت غامضة، بين الطرفين" لبدئها، مستبعدا في نفس الوقت أن تجرى بسرعة.
مسائل خلافية
في هذا السياق، يرجح أن تظهر مسائل مختلفة من شأنها أن تؤثر على المفاوضات وألا يكون من السهل حلها.
المسألة الأولى تتعلق بميدان القتال خصوصا أن روسيا وأوكرانيا تعيشان حالة من الجمود على هذا الصعيد منذ فترة طويلة.
ففي الوقت الحالي، تحتفظ موسكو بزمام المبادرة بتوسيعها خط المواجهة بحوالي 1200 كيلومتر، وشنها هجمات تستهدف الجيش الأوكراني.
كما تحرز تقدما بطيئا وتسيطر على عدد من القرى، بينما يحاول الجيش الأوكراني من جانبه المقاومة قدر الإمكان.
المسألة الثانية تتعلق بكسب مزيد من الأراضي خصوصا أن الطرفين يتنافسان من أجل بسط السيطرة على إقليم دونباس الغني بالفحم والغاز والنفط والحديد والمنغنيز والتيتانيوم واليورانيوم والمعادن النادرة، وشبه جزيرة القرم الإستراتيجية في البحر الأسود.
لذلك يبدو أن كليهما متصلب على موقفه وغير مستعد في الوقت الحالي للاستسلام، يستنتج المعهد الإيطالي.
أما المسألة الثالثة فتتعلق بأضرار الحرب وتشمل المجالات البيئية والمدنية والاقتصادية لكييف وكذلك المناطق الخاضعة للصراع.
وقد باتت إحدى ركائز العمل الدبلوماسي الأوكراني الذي ذهب إلى حد مطالبة روسيا بالتعويضات.
المسألة الأخيرة تخص العلاقات الدبلوماسية التي يتعين على الأطراف كافة أن تعمل على استعادتها.
وكذلك العلاقات الاقتصادية في المستقبل، فضلا عن مسألة العقوبات التي يفرضها الغرب على الكرملين، وهو ما طالب به الجانب الروسي على الأرجح.
وبالإضافة إلى هذه العناصر، يتوقع المعهد الإيطالي أن تلعب أحداث إقليمية أخرى دورها أيضا لا سيما أنها تتسبب في تفاقم الصدام بين الغرب ضد روسيا والصين.
كل هذا، بالإضافة إلى جانب تباطؤ المفاوضات، من شأنه أن يؤدي إلى تصلب مواقف جميع الأطراف المعنية، وفق تقديره.
وفي ظل هذا الوضع، رجح المعهد فرضية أن ينفذ صبر الطرف الأميركي وبالتالي قد يقرر الدفع نحو تسريع المفاوضات وإنهائها من أجل التركيز بالكامل على المواجهة مع الصين.
ويتوقع ألا يرضي ذلك الأطراف المعنية بالصراع بشكل كامل، وعلى الأرجح الطرف الأوكراني أو أن يؤدي إلى فشل المفاوضات وتخلي الولايات المتحدة عن دعم حكومة كييف.
هذه الفرضية، من شأنها أن تجبر أوكرانيا في المفاوضات المستقبلية، على قبول شروط الكرملين لأن شركاءها الأوروبيين لن يكونوا قادرين على دعمها على النحو الأميركي أو قد يقرروا بدورهم التخلي عنها.
وشدد المعهد الإيطالي على أن هذا السيناريو قد يكون مرجحا أكثر إذا فاز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات.
إلا أنه من جانب آخر، يُذكر بنوع من "التناقض" لوحظ في فترة رئاسة ترامب للبيت الأبيض بين أقواله وأفعاله، كانت قد فرضته "الواقعية السياسية".
لذلك، يلمح إلى إمكانية أن تواصل الولايات المتحدة دعمها لأوكرانيا في الصراع بحكم "الاحتياجات التي يفرضها تحول النظام العالمي والمواجهة في إطار الحرب الباردة الجديدة".
في الختام، أكد أن أسابيع قليلة تفصل عن معرفة اسم الرئيس الجديد للبيت الأبيض وكيف سيتم التعامل مع الحرب في أوكرانيا ومع الملفات العالمية.