بعد سقوط نظام البعث وهروب الأسد.. هل ستسمح إسرائيل بتأسيس جيش في سوريا؟

منذ ٢٥ يومًا

12

طباعة

مشاركة

جدل واسع وترقب دولي حول طبيعة النظام السياسي الجديد الذي قد يتشكل في سوريا، بعد سقوط نظام البعث في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024

وتساءل كثيرون عن شكل الدستور الجديد، وقابليته لتلبية الحد الأدنى من تطلعات جميع المكونات المجتمعية.

معارضة شديدة 

وسلطت صحيفة "إندبندنت" بنسختها التركية الضوء في مقال للكاتب وهاب أولوتش، على تحديات بناء نظام سياسي في سوريا بين صراعات الداخل وضغوط إسرائيل.

وقال الكاتب التركي: إنه "من أجل الإجابة عن هذه التساؤلات يجب النظر إلى هذه القضايا من زوايا متعددة". 

وأشار إلى أن “التحدي الأكبر يكمن في التوفيق بين مجموعة مثل هيئة تحرير الشام، وطوائفَ دينية وعِرقية مختلفة مثل العلويين ووحدات حماية الشعب والدروز وغيرهم، حيث يبدو أن محاولة الجمع بين هذه المكونات داخل حدود دولة واحدة هي مهمة شبه مستحيلة”، وفق قوله.

واستطرد: “مع ذلك، لنفترض للحظة أن هذه المجموعات تمكنت من التوصل إلى اتفاق حول نص دستوري، هنا يبرز سؤال حيوي ومفصلي لم يتم التطرق إليه بشكل كافٍ: هل ستسمح إسرائيل بتأسيس جيش في سوريا؟”

وأردف أولوتش: "على مرّ التاريخ أظهرت إسرائيل معارضة شديدة لأي تهديد عسكري محتمل من سوريا، وقد عمدت إلى تدمير قدرات الجيش السوري بعد سقوط نظام الأسد مباشرة". 

وأضاف "فوفقا لبعض التقارير نفذت إسرائيل حوالي 500 غارة جوية، استهدفت فيها 90 بالمئة من أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات و85 بالمئة من أنظمة الدفاع الجوي السوري". 

وتابع: "نفهم من هنا أن هذه الضربات تشير إلى مخاوف إسرائيلية عميقة من استخدام هذه الأسلحة ضدها، خاصة من قبل هيئة تحرير الشام".

وأضاف أولوتش: "قبل أيام معدودة وصف مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى الثوار بأنهم مجموعة إرهابية، مما يعكس النظرة الإسرائيلية لهيئة تحرير الشام بصفتها تهديدا يفوق خطر نظام البعث". 

وبناء على ذلك، فإن إسرائيل تبدو غير مستعدة للسماح لسوريا بامتلاك قوة عسكرية حقيقية، مثل الطائرات الحربية والصواريخ بعيدة المدى.

وإذا أخذنا هذا الواقع في الحسبان، فإن سوريا بدون جيش قوي ستجد نفسها عاجزة عن التعامل مع الأزمات الداخلية المتصاعدة أو التصدي لأي تهديدات خارجية. 

فالجيش الذي يفتقر إلى القوة والقدرة على الردع يصبح أقرب إلى قوة شرطية غير قادرة على فرض الأمن أو حماية سيادة الدولة.

وبذلك فإن هذا الوضع يعزز هشاشة النظام السياسي في سوريا، ويجعلها عرضة لاستغلال القوى الإقليمية والدولية، فضلا عن تحويلها إلى ساحة دائمة للنزاعات والتدخلات الخارجية، بحسب أولوتش.

تحديات البناء 

وقال الكاتب التركي: "في علم السياسة تعد الشرعية واستخدام القوة عاملين أساسيين لتأسيس نظام دولة مستقر". 

وأوضح أن "الشرعية تعني قبول الشعب بالنظام السياسي، في حين يمثل استخدام القوة القدرة على فرض النظام وردع أي تهديدات، وفي غياب هذين العنصرين يبقى مستقبل النظام السياسي في سوريا هشا". 

وشدد أولوتش على أنه "من أجل إقامة نظام سياسي مستقر، يجب أن يستند هذا النظام إلى شرعية تؤمن بها فئات المجتمع كافة، فالشرعية هي حجر الأساس لأي نظام لكنها بمفردها لا تكفي لضمان الاستقرار؛ إذ يلزم توفر قوة قادرة على حماية هذا النظام من محاولات زعزعته". 

ورأى أن "هذه القوة تتجلى في أجهزة أمنية فعالة ونظام قضائي عادل والأهم من ذلك هو وجود جيش قوي ورادع".

وأشار أولوتش إلى أن "غياب جيش قوي في سوريا التي تتميز بتنوعها العرقي والديني والمذهبي يشكّل خطرا حقيقيا، فإن السنة، والعلويين، والأكراد، والتركمان، والدروز، والمسيحيين، واليزيديين وغيرهم من المكونات الأيديولوجية المختلفة قد يجدون أنفسهم في صراعات متزايدة إذا غابت قوة تمنع الانزلاق إلى الفوضى".

ولفت النظر إلى أن "هذه الفوضى المتواصلة بالنسبة لإسرائيل تمثل فرصة إستراتيجية لإشغال دول المنطقة بمشاكلها الداخلية، مما يخدم مصالحها دون تكبد أعباء مالية أو عسكرية كبيرة". 

وأكد أولوتش أن "رفض إسرائيل السماح لسوريا ببناء جيش قوي يؤدي إلى استمرار حالة الفوضى هذه، وهكذا فإن إسرائيل تحاول من خلال هذه السياسة إبقاء سوريا كمصدر دائم للأزمات، وهو ما يشبه (الغنيمة) في قلب الشرق الأوسط بالنسبة لها". 

واستدرك: "لكن هذا التوجه الإسرائيلي، الذي يهدف إلى تحويل سوريا إلى نموذج يشبه لبنان من حيث الانقسام والهشاشة السياسية، قد يضع إسرائيل في مواجهة مباشرة مع تركيا".

وأوضح أن "أنقرة تسعى بشكل واضح إلى تحقيق استقرار سريع في سوريا بما يتماشى مع مصالحها الإقليمية، ويرى صناع القرار فيها أن استمرار الفوضى في سوريا يشكل تهديدا لاستقرار حدودها وأمنها القومي".

لذلك بحسب تقييم الكاتب التركي فإن "هذا التضارب في الأهداف قد يؤدي إلى تصعيد التوتر بين البلدين، ويؤثر بشكل كبير على توازن القوى في المنطقة". 

وتابع: “يبقى السؤال: إلى أي مدى تستطيع إسرائيل الحفاظ على هذا الوضع الفوضوي؟" مضيفا أن ”الإجابة عن هذا السؤال المفصلي تعتمد على مواقف الدول الإقليمية، وردود فعل المجتمع الدولي، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وروسيا وخصوصا الولايات المتحدة".