المرزوقي: سعيد اغتصب السلطة وتواطؤ الأنظمة ضد غزة سيأتي بانفجار

خالد كريزم | منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

وصف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي الانتخابات الرئاسية الأخيرة في بلاده بأنها “اغتصاب للسلطة” بعد الانقلاب على مكتسبات ثورة الياسمين عام 2011.

وفي حوار مع “الاستقلال”، اتهم المرزوقي رئيس النظام الحالي قيس سعيد بتزوير نتائج الانتخابات التي أجريت في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 وفاز فيها بنسبة 90.69 بالمئة من الأصوات.

وجاء هذا الحوار على هامش مؤتمر عقد في العاصمة البوسنية سراييفو بعنوان “العهد الديمقراطي العربي”، وقدم فيه مفكرون وسياسيون من بينهم المرزوقي خريطة طريق جديدة للديمقراطية العربية في ظل تفاقم التسلط الداخلي والعدوان الخارجي.

وأوضح المرزوقي خلال المقابلة أن الربيع العربي سينفجر مرة أخرى بسبب فساد وقمع واستبداد حكام الثورات المضادة وتخليهم عن القضية الفلسطينية وتواطؤهم مع ما يجرى من إبادة جماعية في قطاع غزة على يدل الاحتلال الإسرائيلي.

ورأى أن الشعوب العربية أمام مسألة حياة أو موت في ظل إبادة أهل غزة، وأن عليها أن تنتظر دورها وتبقى تحت القمع، وهي تشاهد بصمت ما يجرى من جرائم.

والمرزوقي المقيم حاليا في المنفى، تولى رئاسة تونس منذ عام 2011 إلى 2014 بعد ثورة الياسمين ورحيل نظام زين العابدين بن علي، ويعد من أشد المؤيدين للربيع العربي والمنتقدين للرئيس الحالي قيس سعيد.

وفي فبراير/شباط 2024، قضت محكمة تونس الابتدائية بالسجن غيابيا عليه 8 سنوات، بتهمة "الاعتداء على أمن الدولة وتحريض التونسيين ضد بعضهم البعض".

كما أصدرت ذات المحكمة في ديسمبر/كانون الأول 2021 حكما عليه بالسجن 4 سنوات بتهمة الاعتداء على أمن الدولة بالخارج وإلحاق ضرر دبلوماسي بالبلاد.

فوز سعيد

ما تقييمكم للانتخابات الرئاسية الأخيرة في تونس وفوز سعيد بولاية ثانية بعد إقصاء معظم منافسيه وسجنهم؟

سعيد انقلب على السلطة والبرلمان وأزاحه، ولهذا يمكن أن نسميه المنقلب، ثم الآن أضيفه إليه وصف المغتصب لأنه اغتصب السلطة، حيث إن الكيفية التي أخذ بها السلطة هي اغتصاب.

فقد وضع كل الناس (من المعارضين له) إما في المنافي أو السجون وغير قواعد اللعبة قبل الانتخابات، حيث وضع يده على القضاء ورفض القضاء الإداري وارتكب كل الموبقات اللا قانونية والأمر المضحك أنه رجل قانون.

وفيما يخص الانتخابات، حدد سعيد نسبة فوزه بـ 90 بالمئة وهي ماركة مسجلة للتزييف تظهر غباء النظام الحاكم، وكأنه يقول للجميع إنه زيف النتائج ولا يهمه أحد.

إذن للأسف الشديد تونس رجعت إلى ما قبل الثورة، وعمل سعيد على تصفية كل مكتسباتها مثل الانتخابات الحرة والنزيهة والدستور التوافقي.

وكل هذا انتهى اليوم في إطار تصفية الربيع العربي والانتقام منه والتنكيل برموزه.

فأنا على سبيل المثال محكوم عليّ بـ 8 سنوات و4 سنوات سجن أخرى في حكمين منفصلين، إضافة إلى قضية ثالثة متهم فيها بالخيانة العظمى.

في ولايته الأولى، تحدث سعيد بأن “التطبيع مع إسرائيل خيانة” لكنه عرقل لاحقا إصدار قانون لتجريمه في البرلمان، ما السبب؟

المضحك أن سعيد يدعي دائما أنه رجل قانون ولكن لم يضرب القانون عرض الحائط أحد كما فعل مغتصب السلطة الحالي.

فقد تعسف واعتدى واغتصب القانون عندما قامت حملته الانتخابية على قضية أن التطبيع جريمة للعب في مشاعر الناس.

لكنه انكشف لاحقا بعد بدء ولايته الأولى وبات خائفا من تمرير قانون تجريم التطبيع لأنه يتلقى حماية اليوم من الدول الغربية، وهذا شخص كشفته الأيام بعد أن كذب على الناس.

الربيع العربي

من خلال جميع المعطيات الحالية، هل يمكننا القول إن الربيع العربي الذي بدأ في تونس انتهى بها أيضا؟

تصفية الثورة ورموزها قد يكون طبيعيا؛ لأنه على مدار التاريخ تكون هناك ثورة مضادة بعد كل ثورة نظيفة.

ولكن الثورة المضادة مآلاها الفشل وفي تونس الكل بات يلمس فشل سعيد اجتماعيا واقتصاديا.

ولذلك، الثورة ستعود من جديد وسيرحل قيس سعيد كما رحل من قبله رئيس النظام السابق زين العابدين بن علي.

لماذا لا يتحرك الشعب التونسي ضد سعيد رغم انكشاف مخططاته في التفرد بالحكم وسلب الديمقراطية؟

لم يكف التونسيون عن التظاهر ضد سعيد، لكننا نعيش اليوم في وضع عالمي كارثي.

كما أن الشعوب العربية دفعت ثمنا باهظا في سوريا وليبيا، ولذلك هناك نوع من الخوف من أن تبدأ موجة ثورات جديدة ربما يكون ثمنها باهظا.

لكن المشكلة أن الشعوب ليس لها خيار آخر غير أن تثور، أمام خبث الثورات المضادة والاستبداديين الذين دفعوا الشعوب إلى التمرد بظلمهم وفسادهم.

هم نظموا الثورات المضادة لإفشال كل أحلام الشعوب وتسببوا بجرائم يندى لها الجبين سواء في سوريا او اليمن أو غيرها.

كما أنهم يضعون كل الأوزار على الثورة بينما هم دفعوا الشعوب إليها بسبب فسادهم وظلمهم، وهم نظموا الثورة المضادة للقضاء على أحلامهم.

الوضع في غزة

ما المطلوب من الشعوب العربية تجاه الإبادة الإسرائيلية في غزة خاصة مع وجود دعوات لمحاصرة سفارات الاحتلال؟

الشعوب العربية قصرت كثيرا ولو أن الشعب الأردني والمغرب تحركوا في مظاهرات هنا وهناك، ولكن الشعب المصري والجزائري على سبيل المثال لم يتحركا.

وهذا كله نتيجة القمع من الأنظمة العربية الحاكمة، فلو كانت الشعوب حرة لخرجت إلى الشوارع ورفعت صوتها.

ولكن اليوم، أصبحت المسألة مسألة حياة أو موت، فإذا كانت هذه الشعوب ترضى أن ترى شعبا من شعوبها العربية يباد، فعليها أن تنتظر دورها هي أيضا حتى تباد من جديد وتعيش تحت ظل القمع.

ولذلك أنا دعوت وأدعو إلى تحرك الشعوب العربية لممارسة الضغوط على دولها كي تضغط تلك الأنظمة بدورها على أميركا التي تواصل تزويد إسرائيل بالسلاح لقتل الشعب الفلسطيني.

هل تعتقد أن الشعوب العربية في وضع موات للتحرك ضد أنظمتها المتواطئة مع إسرائيل؟

الشعوب العربية المسكينة المقهورة في وضع صعب جدا، وهي خائفة من الدخول في معركة جديدة، لكن سيأتي يوم لن تستطيع فيه تقبل تزايد الفقر وإرهاب الدولة والصمت على ما يجرى في فلسطين.

والمسألة اليوم، ليست هل ولكن متى سينفجر البركان، وأنا أرى أنه بصدد الانفجار، في مصر وكل مكان.

وحاولنا في اجتماع سراييفو أن نضع الخطط وأن نكون على أهبة الاستعداد لهذه الانفجارات، ليكون هناك حلم ومشروع للثورات العربية وشبكة للديمقراطيين العرب نسعى لتكوينها مبكرا حال قيام ثورات.

وذلك لعل وعسى عندما تقوم ثورات أخرى تكون مؤطرة وسلمية وبناءة وأن لا تترك مجالا لإعادة الاخطاء التي مكنت الثورة المضادة من الانتصار.

وفي المجمل أرى أن الملحمة التي تقوم بها غزة سيكون لها تأثير على الأمد البعيد على الوضع العربي.

وذلك لأن شعوبنا الآن تختزل الغضب وشعور الإهانة لأنها لم تستطع أن تفعل شيئا.

لكن هناك جيل جديد يتشبع بكل هذه القيم وبالمثال الذي أعطته غزة بالصمود والبسالة والشجاعة والتحمل.

وهذا سيكون له تأثير كبير قادم، حيث ستأتي أجيال جديدة لا علاقة لها بالأجيال الحالية الخانعة الساكتة.