بينهم كامل أبو علي والسويدي.. لماذا يلجأ رجال أعمال السيسي لجنسيات أجنبية؟

إسماعيل يوسف | منذ ١١ يومًا

12

طباعة

مشاركة

بصورة لافتة، تزايد لجوء رجال أعمال ومليارديرات مصريين للحصول على أي جنسية أجنبية ولو كانت دولة صغيرة مجهولة في البحر الكاريبي.

حتى الآن، رصدت "الاستقلال" قيام 6 من كبار رجال الأعمال وأصحاب المصانع المشهورين بالحصول على جنسية أجنبية.

بعضهم احتفظ بجنسيته المصرية وآخرون تنازلوا عنها مقابل الجنسية الأجنبية التي تراوح بين البريطانية أو جنسية دول في الكاريبي.

محللون يرون أن السبب هو "البيزنس" والمصالح، حيث يقيم هؤلاء المليارديرات ورجال الأعمال مشاريع عديدة في الخارج، ويحتاجون لهذه الجنسية الأجنبية.

لكن فريقا آخر رأى أن الأمر مرتبط بالسعي للحصول على "حصانة" من جشع جنرالات الجيش، وحماية أموالهم ومشاريعهم من الاستيلاء عليها كما حدث لرجال أعمال وأصحاب شركات آخرين.

أشاروا لحوادث سابقة اعتقل فيها نظام عبد الفتاح السيسي رؤساء شركات كبرى، من أصحاب المشروعات الغذائية والتجارية الناجحة، والاستيلاء عليها، منهم "جهينة"، و"التوحيد والنور"، و"أولاد رجب"، وبعضهم عاد للعمل ضعيفا وآخرون أفلسوا.

فضلا عن تهديد وابتزاز رجل الأعمال "صلاح دياب" مالك صحيفة "المصري اليوم"، والاستيلاء على قناة "المحور" من صاحبها رجل الأعمال حسن راتب ونهب شركاته وجامعته في سيناء، ثم سجنه بتهمة الاتجار في الآثار، كما أوضحت "الاستقلال" في تقارير سابقة.

وعقب استيلاء عبد الفتاح السيسي على الحكم في مصر، بدأ في فرض تبرعات إجبارية على رجال الأعمال وتهديدهم ضمنا بالاستيلاء على شركاتهم لو رفضوا، ونفذ تهديده بالفعل مع عدد من رجال الأعمال لتخويف الباقين.

ودفع هذا بعضهم، مثل محمد أبو العينين، للارتماء في أحضان النظام ودخول اللعبة السياسية لضمان الحفاظ على البيزنس الخاص به، فيما لجأ آخرون للحصول على الجنسية الأجنبية كحصانة أو تسجيل شركاتهم خارج مصر كي يصعب الاستيلاء عليها.

من هم الستة؟

من سعوا للحصول على الجنسية الأجنبية هم ستة من رجال الأعمال حتى الآن ما بين عامي 2022 و2024، والغريب أنهم من المقربين للنظام، وهم:

الأول هو محمد زكي السويدي، رئيس اتحاد الصناعات المصرية وعضو مجلس النواب الذي حصل على جنسية دولة "سانت كيتس آند نيفس" بالكاريبي، مع احتفاظه بالجنسية المصرية.

والثاني، رجل الأعمال المقرب من النظام كامل أبو علي الذي حصل على الجنسية الدومينيكية مقابل 200 ألف دولار أميركي.

والثالث هو الملياردير محمد منصور، ثاني أثرياء مصر وفق "فوربس" في 2023، والذي يقف وراء أكبر تبرع لحزب المحافظين البريطاني منذ عقود، وحصل على الجنسية البريطانية ومول حزب المحافظين بـ 5 ملايين جنيه إسترليني.

وقبلهم (الرابع والخامس) ابنتا رجل الأعمال الراحل فريد خميس مالكتا شركة "النساجون الشرقيون" للسجاد، ياسمين وفريدة محمد فريد خميس كامل اللتان باعتا حصتيهما في الشركة إلى صندوق استثمار أسساه في بريطانيا وتسجيل شركاتهما في الخارج حتى تستطيعا العمل بحرية دون ابتزاز 

أما السادس، فهو صاحب شركة دومتي للألبان والأجبان، ففي سبتمبر 2023، نقلت ملكية ما يزيد عن 24 بالمئة من أسهمها إلى شركة international Dairy Investment في جزر الكايمان (أحد الملاذات الضريبية غرب البحر الكاريبي).

وكانت هذه الشركة الأجنبية مرتبطة بطرف مرتبط بعائلة الدماطي مالكة الشركة، ما يعني أن العائلة لا تزال تحتفظ بنسبة الملكية بشكل مباشر وغير مباشر، بحسب بيان للشركة كما فعلت ابنتا صاحب شركة النساجون الشرقيون.

ويعتقد أن الشركة لجأت لذلك في ظل سعي السلطة للهيمنة على شركات الألبان والمضايقات التي جرت لأكبر شركة وهي "جهينة.

وكان من الواضح أن تحصين نجيب ساويرس نفسه باستثمارات إماراتية وأوروبية منعت النظام المصري من الاقتراب منه.

وعام 2022 هاجم نجيب ساويرس توغل الجيش المصري اقتصاديا وسيطرته على السوق، واتهمه بإفساد الاقتصاد، رغم أن هذا من المحرمات الكبرى التي أودت بالعديد من رجال الأعمال للمعتقل.

لكن لم يتعرض له أحد باستثناء انتقادات من الأذرع الإعلامية التابعة للنظام التي بلا قيمة فعلية.

لماذا باسبورات الكاريبي؟

يوم 10 مايو/أيار 2023، أصدر وزير الداخلية المصرية قرارا يمنح الإذن لـ21 مصريا بالحصول على جنسية أجنبية، وجاء رجل الأعمال الشهير "حمزة كامل حسن أحمد أبو على" ضمن القائمة بحصوله على جنسية "الدومينيكان" بجزر الكاريبي.

كانت المفارقة أن "أبو علي" تنازل عن الجنسية المصرية، ولم يحتفظ بها مثل غيره، وفق بيان وزارة الداخلية الذي نشره موقع "ذات مصر" في 13 سبتمبر/أيلول 2023.

وذلك رغم أنه يتمتع بسلسلة من العلاقات السياسية المتشعبة، بجانب انتشاره بقوة في السوق التجاري والسياحي خلال نظامي حسني مبارك السابق والسيسي الحالي.

وورد اسم كامل أبو علي في "الجريدة الدومينيكية الرسمية" التي تشمل الأشخاص الحاصلين على الجنسية الدومينيكية إما بدفع 200 ألف دولار أميركي في حال تكونت العائلة من 4 أشخاص (وهذا حال أبو علي)، أو عبر الاستثمار على أراضيها بهذه القيمة أيضاً.

وذلك وفق تحقيق "باسبورات الكاريبي" الذي يقوده "مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد" (OCCRP) بمشاركة مشروع مراقبة الحكومة Government Accountability Project وهي منظمة غير ربحية مقرها واشنطن.

حيث كشف المشروع، الذي شارك فيه عدد من الصحف في أكثر من 20 دولة، من بينها موقع "درج" عن شراء نحو 7700 شخص للجنسية الدومينيكية التي تمكنهم من السفر العالمي بدون تأشيرة.

وتتضمن هذه اللائحة مجموعة متنوعة من السياسيين ورجال الأعمال المشبوهين أو المجرمين والخارجين عن القانون.

وبموجب قوانين "الدومينيكان" يمكن شراء الجنسية وجوازات سفر مقابل مبالغ مالية تبدأ من 100,000 دولار، ووفق وثائق بنما وبارادايس وغيرها يشتري أشخاص هذه الجنسية للتهرب من جرائم أو الضرائب أو إخفاء أموالهم.

حيث كان لـ "أبو علي" نفوذ سينمائي عبر شركته "الباتروس" ونفوذ رياضي عبر قيادته أندية كبرى مثل المصري البورسعيدي، ونفوذ سياحي عبر علامته التجارية الخاصة تحت اسم فنادق ومنتجعات Pickalbatros على ساحل البحر الأحمر في الغردقة.

كما كان له نفوذ سياسي عبر الحزب الحاكم سابقا "الوطني الديمقراطي" وحزب "مستقبل وطن" الحالي الذي يعد حزب السلطة وعبد الفتاح السيسي شبه الرسمي.

وضمن هذا النفوذ امتلك أبو علي أسهماً في شركة "إعلام المصريين" المملوكة للمخابرات المصرية والتي أصبحت (المتحدة للإعلام) وتمتلك العديد من الصحف والفضائيات والمنصات الإلكترونية المصرية.

وفي منتصف عام 2021، وقع حادث سير أودى بحياة مهندسة ديكور (مي إسكندر) في الغردقة، وأوضحت كاميرات المراقبة أن من ارتكب الحادث هو هيثم أبو علي، نجل كامل أبو علي، الحاصل على الجنسية السويسرية لأن والدته سويسرية الأصل.

وتم سجن هيثم أبو علي ثلاث سنوات فقط رغم اتهامه بجريمة القتل وتناول المخدرات والسير عكس الاتجاه، بعدما برأته محكمة النقض من تهمة حيازة مخدرات، وقتل خطأ، وقيادة سيارة تحت تأثير المخدر، وفق "المصري اليوم" في 26 ديسمبر 2022

مع هذا سعى أبوه للحصول على جنسية أجنبية له ولأسرته وتنازل عن الجنسية المصرية، ربما لأن نجله لم يحصل على البراءة الكاملة، أو أن أوساطا في السلطة خذلته ولم تنقذ ابنه من السجن بشكل كامل، كما يقول نشطاء.

"السويدي" رئيس الصناعات

يوم 7 أبريل/نيسان 2024، كشف بيان لوزير الداخلية المصري نشرته الجريدة الرسمية عن حصول رجل الأعمال محمد زكي السويدي، رئيس اتحاد الصناعات، وعضو مجلس النواب، على جنسية دولة "سانت كيتس آند نيفيس"، إحدى دول الكاريبي.

صحف حكومية بررت ذلك بسعي الكثير من رجال الأعمال المصريين إلى الحصول على جنسيات دول الكاريبي "بهدف الحصول على الامتيازات الخاصة بها فيما يتعلق بتسهيلات السفر للخارج"، وفق موقع "القاهرة 24" القريب من السلطة.

لكن نشطاء وسياسيين استغربوا أن يلجأ "السويدي"، وهو رئيس اتحاد الصناعات وعضو مجلس النواب ورئيس لجنة الطاقة والبيئة بالمجلس، للحصول على جنسية دولة أخرى.

برروا ذلك بأنه "في حاجة إلى جنسية أجنبية للحفاظ على حقوقه وهو رئيس اتحاد الصناعات وعضو مجلس النواب، فكيف الحال بالتجار الصغار"؟

والغريب أن السويدي مرتبط بعقود عديدة مع النظام في مصر بسبب أعماله في مجالات موصلات وحلول الكهرباء، بمصر وإفريقيا وأوروبا والهند.

ورشحه الحزب الحاكم (مستقبل مصر) ليحصل على مقعد في البرلمان بالتزكية عام 2015، وكان زعيم الأغلبية نائبا عن "ائتلاف دعم مصر" الحكومي.

وشارك "السويدي"، في كل مؤتمرات السيسي الاقتصادية، بالإضافة إلى تنظيمه مؤتمرات لدعم السيسي في انتخابات رئاسة الجمهورية 2018، أثناء رئاسته لائتلاف دعم مصر في برلمان 2015.

كما تبرع “السويدي” بمبلغ 5 ملايين جنيه للحكومة، وأطلق في 2014 مبادرة التبرع بـ "المليار جنيه" من الغرف والاتحادات الصناعية لصالح صندوق تحيا مصر.

ويشارك السويدي أيضا في العديد من المشروعات الحكومية، مثل توصيل الكهرباء إلى مشروع توشكى بالاتفاق مع وزارة الكهرباء، ومبنى وزارة الدفاع في العاصمة الإدارية الجديدة، ومنتجع الجلالة بالعين السخنة، وتنفيذ أعمال الكهرباء بالعاصمة الإدارية الجديدة.

كما أسندت السلطات المصرية لشركة السويدي للكابلات تحالفًا مع شركة المقاولون العرب، لتنفيذ مشروع حكومي لإنتاج الكهرباء من سد "يوليوس نيريري" الكهرومائية بتنزانيا.

أيضا ترتبط شركة السويدي للكابلات بعقد شراكة مع الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، يتيح لها الاستثمار في تصميم وإنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة مشروعات البنية التحتية من كهرباء ومياه وصرف صحي وغاز طبيعي وإدارة للمخلفات الصلبة.

ويقول الصحفي الاقتصادي "وائل جمال" إن السويدي سعى مع ذلك للحصول على جنسية أجنبية من أجل "تحويل الأرباح للخارج بشكل شرعي بالعملة الصعبة والاستعانة بالتحكيم الدولي في حالة وجود نزاع مع الدولة".

محمد منصور

لم يحصل الملياردير المصري محمد لطفي منصور على الجنسية البريطانية فقط بل وتم تعيينه أمينا لخزانة حزب المحافظين في ديسمبر/كانون أول 2022، ولكن تم تكريمه بوسام الفروسية في 28 مارس/آذار 2024، كونه أحد أكبر المتبرعين لحزب المحافظين، بحسب صحيفة “تلغراف”.

وقبلها حصل على الجنسية الأميركية لأنه عاش فترة طويلة هناك خلال دراسته وبداية حياته المهنية.

"منصور" الذي كان أحد أبرز رجال الأعمال في مصر وله شركات في مجالات صناعية مختلفة تقدر قيمتها بـ6 مليارات دولار، بما في ذلك السيارات المواد الغذائية والرياضة والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية، كان أحد أبرز رجال عهد نظام مبارك.

وبجانب تجارته مع شقيقه "حافظ" كموزعين للشركات الأميركية شيفروليه، ومارلبورو، وجنرال موتورز وكاتربيلر، وسلسلة سوبر ماركت "مترو" و"خير زمان" وتوكيلات طعام (ماكدونالدز)، تولى أيضا وزارة النقل المصرية بين 2005 و2009، وعُرف بأنه جزء من فريق جمال نجل مبارك.

وفي آخر تقييم عام 2023، قدرت مجلة "فوربس" ثروته بـ3.6 مليارات دولار، كثاني أكبر ملياردير في مصر والرابع على مستوى العالم العربي.

ولم يكتف "منصور" بتوثيق علاقته مع أميركا وبريطانيا عبر الجنسية التي يحملها، ولكنه انخرط في حزب المحافظين البريطاني الحاكم وتولي رئاسة صندوق الحزب المالي، وتبرع بأكبر مبلغ لحزب المحافظين البريطاني (5 ملايين جنية إسترليني) في يناير 2024، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز".

وعقب ثورة 2011، اختفت أخبار منصور لكنه عاد للظهور مجددا في مارس/آذار 2022 عندما برز، حسب تقرير "ميدل إيست آي"، أنه مهتم بشراء نادي تشيلسي الإنكليزي لكرة القدم من الروسي رومان أبراموفيتش.

الأختان ياسمين وفريدة

يوم 25 ديسمبر/كانون أول 2022 أعلنت الأختان "ياسمين" و"فريدة" محمد فريد خميس، نجلتا رجل الأعمال الراحل أبرز منتجي السجاد في مصر، أنهما باعتا حصتيهما البالغتين 26 بالمئة من أسهم شركة والدهما "النساجون الشرقيون".

تم البيع بقيمة 1.7 مليار جنيه لصندوق في بريطانيا اسمه FYK limited، وهي شركة مسجلة في بريطانيا (مانشستر) منذ 2018.

أثيرت ضجة حول بيع بنات فريد خميس نصيبهم من الشركة الشهيرة، لكن النساجون الشرقيون أصدرت بيانا توضح أن الشركة البريطانية FYK limited التي اشترت أسهمها مملوكة للأختين بالكامل بمعنى أن نسبة ملكية الشركة لن تتغير.

تبين بالتالي أن الأختين باعوا لأنفسهما وحولتا أموالهما بالدولار للخارج وحظيتا بجنسية وجوازات سفر بريطانية وخرجتا من مصر بأموالهما بطريقة دبلوماسية.

ووقتئذ، كشف السياسي هشام قاسم أن مالكتي شركة النساجون الشرقيون ليستا وحدهما من فعل هذا، بل إن هذا "توجه أصبح يتكرر بعد المضايقات التي أصبح يتعرض لها أصحاب الاستثمارات واعتقال بعضهم لرفضهم التنازل عن حصة من أموالهم للنظام.

قال إن هناك "حالات أخرى لا تعد، يفضل اصحابها التكتم خوفا من المزيد من البطش، وتأمين أموالهم بنفس طريقة البيع لشركة مسجلة في الخارج، بما يتيح اللجوء للتحكيم الدولي في حالة التعرض لإجراءات تعسفية".

وبحسب خبراء قانون، يجعل انتقال ملكية النساجون الشرقيون إلى شركة استثمارات بريطانية، هذه الشركة خاضعة للاتفاقيات الدولية للتحكيم التجاري الدولي في حال حدوث أي نزاع، وفق "BBC" 28 ديسمبر/ كانون الأول 2022.

و"النساجون الشرقيون" من أبرز وأعرق الشركات المتخصصة في صناعة السجاد، واكتسبت شهرة كبيرة بعدما أسسها رجل الأعمال الراحل محمد فريد خميس.

وتبيع منتجاتها في السوق المصرية والعربية والخليجية، وتصدر كميات ضخمة من منتجاتها للعديد من دول العالم، كما أن لديها مصنعين خارج مصر، أحدهما في الصين والآخر في الولايات المتحدة الأميركية.

وقبل وفاته، دعم "خميس"، الذي ينتمي للتيار الناصري، الانقلاب العسكري عام 2013، ووصف السيسي لاحقا بانه "هبة من السماء"، ودافع عن بيع تيران وصنافير، ويرى أن "السيسي مظلوم" وفق قوله.

حماية أم نهب؟

يلجأ بعض رجال الأعمال المصريين لدول الكاريبي ودول أجنبية أخرى من أجل الحماية، والسرية التامة لثروتهم، وبحثا عن الإعفاءات الضريبية من الضرائب على الدخل ومكاسب رأس المال وسهولة تأسيس الشركات دون حاجة السفر إلى هناك.

حيث تسمح دولة "سانت كيتس أند نيفيس" بإنشاء شركات سرية يتمتع مُلاكها بإخفاء هويتهم أكثر من أي مكان آخر على وجه الأرض تقريبًا، بحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية 12 يوليو/تموز 2018.

ولذا لم تكن مفاجأة أن يظهر أسم دول الكاريبي خاصة "سانت كيتس آند نيفيس ضمن ملفات التهرب الضريبي وسرقة مئات المليارات من الجنيهات الإسترلينية من الدول الفقيرة، في الملفات السرية (سويس ليكس، وأوراق بنما، وأوراق بارادايس).

ففي 2017، جرى تسريب معلومات عن 70 ألف شركة في "سانت كيتس ونيفيس"، ضمن تحقيقات "أوراق الجنة (بارادايس)"، لكن ذلك لم يساعد في معرفة من يملكها لأن معلومات الملكية في الدولة الكاريبية سرية للغاية، وفقًا للغارديان.

وبسبب ذلك وضع الاتحاد الأوروبي، في مارس/آذار 2018، ثلاث دول، بينها "سانت كيتس ونيفيس"، على قائمته السوداء، لعدم تلبية معايير العدالة الضريبية والشفافية، بعد ظهورها في سلسلة "وثائق بنما" و"اوراق الجنة"، التي كشفت أسرار الملاذات الضريبية لكبار الأثرياء في العالم.

ودولة "سانت كيتس آند نيفيس" هي دولة صغيرة عبارة عن أرخبيل من الجزر بين الأميركتين، ومساحتها الكلية 250 كيلومترا مربعا، وهي من الدول التي تسمح للأجانب بالحصول على الجنسية عن طريق برنامج استثماري ترعاه الحكومة.

وتأسس برنامج جنسية سانت كيتس عام 1984 في الجزر التابعة للتاج البريطاني ودول أميركا الوسطى المعروفة بتقديمها مزايا ضريبية متعددة، ويسمح لمن يستثمر هناك بالجنسية له ولعائلته وتوريثها وإصدار جوازات سفر لهم بخلاف مزايا التنقل لدول العالم.

حيث يتيح جواز سفر سانت كيتس ونيفيس، إمكانية الدخول إلى 155 دولة وإقليما بدون تأشيرة، بما في ذلك دول شنغن في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وأيرلندا وروسيا.

ويشير موقع "درج" في 13 أكتوبر/تشرين أول 2023، إلى أن ظاهرة شراء الجنسيات عقب تولي السيسي السلطة في مصر، جاء نتيجة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وضعف جواز السفر المصري في السنوات العشر الأخيرة.

وذلك بجانب أسباب أخرى منها "الغموض والتقلب الاقتصادي" وتعويم الجنيه ما أدى إلى زيادة التكاليف لبعض الأفراد والشركات لذا يلجأ بعض رجال الأعمال إلى الحصول على جواز سفر ثانٍ كوسيلة لتعزيز مرونة استثماراتهم وأصولهم، خصوصًا إذا تفاقمت الأزمات الاقتصادية.

ومنها "تنويع الأصول"، إذ إن حصول رجال الأعمال على جنسية ثانية يتيح لهم فرصة تنويع أصولهم واستثماراتهم في بلدان مختلفة، ومن ثم حماية ثرواتهم من التقلبات الاقتصادية المحتملة أو الاضطرابات السياسية في بلدهم.

ومن أسباب الرغبة في الحصول على جنسية أخرى أجنبية أيضا سهولة السفر، حيث تقدم دول الكاريبي، ومن بينها دومينيكا امتيازات السفر بدون تأشيرة.

وعادة ما يقترن الحصول على هذا النوع من الجنسيات بالاستعانة بالتحكيم الدولي في حالة وجود نزاع مع الدولة، ما يحمي رجال الأعمال من أي مشاكل في بلادهم الأصلية.