خبير عسكري: الصاروخ الذي استهدف تل أبيب لم يطلق من اليمن
"الكميم أكد أن الحوثي يستعد لإشعال الحرب مجددا في اليمن"
قال الخبير العسكري اليمني العميد ركن السابق، محمد الكميم، إن حديث الحوثيين عن تطوير سلاح يصل إلى إسرائيل، لا يعدو كونه “كذبة كبيرة ينبغي ألا تنطلي على أحد، بل هي أسلحة تحصل عليها من إيران”.
ورأى الكميم في حوار مع "الاستقلال" أن "الحوثي إذا امتلك صاروخا واحدا أو اثنين أو حتى ثلاثة، فهذا قد يكون بتسليح من روسيا أو الصين، والهدف منه إشغال الولايات المتحدة الأميركية أو الانتقام منها، واستنزافها في معارك البحر الأحمر".
ولفت إلى أن "طهران استطاعت تحريك هذا الذراع (الحوثيون) مستغلة الحرب على قطاع غزة حتى تثبت نفوذها الإقليمي بالمنطقة، وأنها تجرب أسلحتها في البحر الأحمر، وبشكل كبير في اليمن".
ووصف الكميم اليمن اليوم بأنه "بمثابة منصة إطلاق متحركة، وهي في نظر الإيرانيين من ضمن مسرح العمليات الحربية الإيرانية، وأن طهران تعلن ذلك صراحة عن طريق القيادات العسكرية والسياسية بأن اليمن أصبحت جزءا من معركتهم".
ورأى الخبير العسكري أن "ما يجرى من مفاوضات حاليا هو بمثابة تأجيل للحرب ليس أكثر، لأن الحوثي لديه مشروع توسعي لا يشمل اليمن فقط، وإنما المنطقة كلها، فهو عينه على السعودية والثروة الاقتصادية الموجودة في دول الخليج".
وأشار إلى أن "التحالف العربي يرغب في الخروج من حرب اليمن قدر المستطاع، لكن مليشيا الحوثي ستفرض على العالم كله تلك الحرب. وباعتقادي أن كلفة الحرب مع الحوثيين هي الأقل كلفة؛ لأن السلام معهم عبارة عن وهم كبير جدا، وستطول المعركة إلى ما لا نهاية".
محمد عبد الله الكميم، خبير عسكري وإستراتيجي، فهو ضابط سابق في الجيش اليمني برتبة عميد ركن، وشغل العديد من المناصب الأمنية منها، مستشار في وزارة الدفاع، ورئيس لجنة متابعة الإفراج عن الأسرى السياسيين لدى مليشيا الحوثي.
ثقافة غائبة
بعد تبني الحوثيين قصف تل أبيب بصاروخ باليستي في 15 سبتمبر.. هل بالفعل تمكنوا من تطوير سلاحهم إلى هذا الحد؟
الصواريخ هذه هي إحدى الأسلحة التي يدّعي الحوثيون أنهم يصنّعونها، بينما هي واحدة من الأكاذيب التي يحاول أن يغطّوا فيها على الدعم الإيراني لهم، وأن العالم كله يعلم أن كل ما يستخدمونه هو أسلحة إيرانية.
الطائرات المسيرة والصواريخ، هي ذاتها التي يستخدمها الإيرانيون بنفس التكنولوجيا وطرق الإطلاق، إضافة إلى أن هناك أسلحة ومنظومات يتم شراؤها عبر إيران سواء من الصين أو روسيا.
في السابق، جرى ضبط الكثير من الأسلحة القادمة عبر البحر، وذلك عن طريق كشفها من الأساطيل الأميركية والبريطانية، وكذلك جرى مصادرتها في العديد من المنافذ اليمنية، ومنافذ أخرى مرتبطة بسلطنة عُمان، وهذه مثبتة في محاضر رسمية.
حتى وقود الصواريخ جرى ضبط شحنات منها وهي مرسلة من إيران إلى الحوثيين، وبالتالي فإن موضوع تصنيع الحوثي للسلاح “مجرد كذبة كبيرة” لا يمكن تصديقها، فهي مليشيا جاءت من الكهوف، ولا تمتلك أي خبرة عسكرية أو ثقافة تمكنها من ذلك.
كذلك، الحوثيون استولوا على أسلحة من الجيش اليمني السابق ومنها صواريخ سكود، وأنواع أخرى مختصة بالدفاع الجوي، وهناك أيضا أسلحة روسية وصينية بحرية جرى تطوير بعضها من الخبراء الإيرانيين، وهذا لا يعني أن الحوثي يصنع السلاح.
الصواريخ الفرط صوتية لا تمتلكها إلا دول قليلة جدا منها روسيا والصين.. فكيف وصلت إلى يد الحوثيين؟
لا نؤمن أن الحوثي يمتلكها، وإذا امتلك صاروخا واحدا أو اثنين أو حتى ثلاثة، فهذا قد يكون بتسليح من روسيا أو الصين، والهدف منه إشغال الولايات المتحدة الأميركية أو الانتقام منها، واستنزافها في معارك البحر الأحمر.
قبل ذلك شاهدنا قصفا بطائرة مسيرة استهدفت تل أبيب وتبناها الحوثيون أيضا.. كيف تفسر ذلك؟
ما ينطبق على الصواريخ ينطبق على المسيرات أيضا، فإن مليشيا الحوثي يستحيل أن تمتلك قدرات تصنيع مثل هذه الأسلحة، وإنما تصله قطع غيار ويستخدمها، وبالتالي يقينا أن الطائرة المسيّرة التي وصلت إلى إسرائيل هي بدعم إيراني خالص.
استطاعت طهران تحريك هذا الذراع (الحوثيون) مستغلة العدوان على قطاع غزة حتى تثبت نفوذها الإقليمي بالمنطقة، وأن إيران اليوم تجرب أسلحتها في البحر الأحمر، وبشكل كبير في اليمن.
اليمن اليوم بمثابة منصة إطلاق متحركة، وهي في نظر الإيرانيين من ضمن مسرح العمليات الحربية الإيرانية، وأن طهران تعلن ذلك صراحة عن طريق القيادات العسكرية والسياسية بأن اليمن أصبحت جزءا من معركتهم.
الحوثي بدأ مع "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بمراحل متقدمة، فهو في كل مرة يطلق أسلحة جديدة -التي لا نؤمن بأنه هو من صنعها-، وهذا يعني أن هناك أسلحة متطورة خلال العام المنصرم، ويعدها صناعة يمنية، وهذه كذبة كبرى يجب ألا تنطلي على أحد.
هناك من يعتقد أن هذه الصواريخ والمسيرات لم تطلق من اليمن، وأن تبني الحوثيين لها يأتي في سياق ما يعرف بوحدة الساحات.. ما تعليقكم؟
إيران تستخدم الأذرع الموجودة في سوريا والعراق ولبنان واليمن من أجل إطلاق الصواريخ، ونتذكر قصف شركة "أرامكو" السعودية عام 2019 التي تبناها الحوثيون، لكن تبيّن بعدها أنها أطلقت من العراق.
مليشيا الحوثي ذراع رخيصة جدا، ولا تبالي بالشعب اليمني ومصالحه، وكل ما يهمها أن تظهر على أنها كحركة مقاومة إسلامية حتى تستطيع أن تكسب شعبيا، بعيدا عن التبعات التي سيتأثر بها الشعب اليمني.
حتى ضربة الصاروخ الأخيرة على تل أبيب هناك احتمال كبير أنها أرسلت من العراق، إضافة إلى أن طائرة "يافا" المسيرة التي استهدفت الأراضي الإسرائيلية نعتقد أنها أطلقت من العراق أيضا، لأسباب كثيرة من ضمنها أن القدرات الحوثية لا تؤهلهم، لكنهم مستعدون لتبنّي أي عملية.
إطلاق صاروخ أو مسيّرة من على بعد 2200 كيلومتر، فبطبيعة الحال لا يمكن أن تصل بقدرة وتأثير كبير، لأنه يجب تخفيف الكثير من أحمال الطائرة، ومن قدراتها العسكرية من قذائف وصواريخ متفجرة، وبالتالي بحاجة إلى وقود أكثر.
لذلك نعتقد أن طائرة مسيّرة تطير على مسافة 2200 كيلومتر، لن تكون ذات تأثير وقوة عند وصولها إلى الهدف، وتكون عرضة للإسقاط في الكثير من مناطق مرورها.
بناء على ذلك، فإن الاحتمالية الأكبر أنها أطلقت من العراق حتى تكون أسرع وأكثر قدرة على التدمير، وأن تبني الحوثيين هذه العمليات يأتي في إطار ما يسمى “وحدة الساحات للمحور الإيراني”، ولا يهمهم الشعب اليمني، وإنما إرضاء أسيادهم الإيرانيين.
نلاحظ أن الأذرع الإيرانية في المنطقة حريصة على عدم تبني العمليات، وفي لبنان رغم التنكيل الإسرائيلي فيه (حزب الله)، إضافة إلى التنكيل بهذا المحور في سوريا والعراق وحتى إيران، لكنهم حريصون على أن العمل وفقا لقواعد اشتباك محددة ضمن تصعيد منخفض.
لكن مليشيا الحوثي تطلق عنترياتها وبياناتها التي لا تنتهي، وأن كل إنجازاتهم استهداف سفن بحرية لا علاقة لها بالحرب القائمة، وأن السفن الأميركية والبريطانية لم تصب بأذى على الإطلاق.
تطور الصراع
شاهدنا رد إسرائيل الأول على هجوم الطائرة المسيّرة.. برأيكم كيف سيتعامل الاحتلال مستقبلا مع الحوثيين؟
إسرائيل لن تسكت على هجمات الحوثي، ورأينا تلك الضربة الإسرائيلية المؤلمة التي أصابت أحد المنشآت الاقتصادية المهمة، وهي مخازن النفط بمحافظة الحديدة، لذلك نتوقع أن ترد تل أبيب بالكيفية ذاتها وتصيب أهدافا اقتصادية أخرى قد تكون خزانات نفطية أيضا.
على الصعيد العسكري أستبعد أن تستهدف إسرائيل القيادات العسكرية ومخازن الصواريخ للحوثيين، وذلك لضعف المعلومات لديها، إضافة إلى أن الحوثي يحصّن الأسلحة بشكل كبير، مستغلا التضاريس الجغرافية اليمنية المعقدة لأنه يخزنها في مناطق حساسة جدا في الجروف والكهوف.
إضافة إلى أن المليشيات الحوثية تجيد الاختباء والاختفاء، وبالتالي لا أعتقد أن إسرائيل قد تستطيع في المرحلة الراهنة استهداف القيادات العسكرية ومخازن الأسلحة في اليمن، لكنها قد تقتصر على استهداف المنشآت النفطية.
تعقيدات المسافة بين تل أبيب واليمن يعقّد من موضوع الجانب التكتيكي والعملياتي والاستطلاع للأهداف، لأن بعد الهدف يحتاج إلى الكثير من منظومات السيطرة والاستطلاع المباشر والمعلومات، لذلك العامل الجغرافي سيحد من ذلك.
إذا انتهت إسرائيل من معاركها في لبنان وقطاع غزة، ربما تركز على اليمن بشكل أكثر، وقد ترسل بعض أسلحتها البحرية إلى مقتربات اليمن، كونها لا تمتلك المعلومات الكافية لاستهداف الحوثيين بشكل مباشر.
هل تتغير قواعد الاشتباك مع الحوثيين عبر شن الدول الغربية ضربات أكثر عنفا في مناطق سيطرتها؟
قواعد الاشتباك غريبة في الحرب ضد الحوثيين، لأننا نرى أن الولايات المتحدة وبريطانيا مازالتا تمارسان التصعيد المنخفض تجاه هذه المليشيا، وأن الكثير من قواعد الاشتباك التي أصابتنا بالحيرة.
الكثير من الهجمات التي نفذتها أميركا وبريطانيا ضد الحوثيين في اليمن كانت بمناطق مفتوحة أو في معسكرات مدمرة، وأنها لم تؤد الغرض منها، بالتالي كانت ضربات لا قيمة لها بشكل كبير.
الحوثي يطلق الصواريخ من منصات متحركة ويخزنها بطريقة جيدة، ولا يخرج منها إلا القليل في إطار معركته، وأنه يستخدم حرب العصابات حتى في البحر، فهي يضرب ويهرب، بالتالي هي حرب معقدة بالنسبة لأميركا وبريطانيا تجاه الحوثيين.
مليشيا الحوثي في الوقت نفسه سعيدة بهذه الحرب، كونها حرب استنزاف وهي تجيدها، بل انتظروها كثيرا، إذ إن هذه المليشيا تصرّح اليوم بأنها في مواجهة مباشرة مع قوى الاستكبار العالمي.
الحوثيون استطاعوا بذلك التهرّب من مسؤوليتهم تجاه عملية السلام في اليمن، ومعاناة الفقر والجوع غير الطبيعية التي يعيشها الشعب اليمني، فهناك سخط شعبي كبير في مناطق سيطرتهم.
وفي ظل هذه المعركة استطاع الحوثي أن ينجو بنفسه من ذلك السخط، ومن الانقسامات التي كانت تعصف بهم، وتمكن من لملمة شتاته خلال هذه المعارك، لذلك نرى أن أميركا وبريطانيا مقصّرة بالفعل، وهناك تقدير موقف سيئ ملازم لعمل الدولتين.
لا يمكن أن نؤمن أن هذه قدرات الولايات المتحدة في التعامل مع مليشيا مثل الحوثي، فهي ربما لا تريد إنهاءها وإنما الحد من قدراتها فقط، وأن أميركا حتى اليوم ترفض التخلي عن الحوثيين، ومازالت تناشد من أجل السلام معهم، لأنها حتى اليوم ترفض ترك القوات المسلحة اليمنية تخوض معركتها وتضع الخطوط الحمر أمامهم.
الولايات المتحدة هي من أوقفت المعارك في الحديدة عام 2018، وكذلك أوقفت المعارك في سنة 2015، عندما كانت القوات اليمنية على مقربة من تحرير صنعاء، وهي أيضا من تدعم الحوثيين سياسيا من خلال وساطتها للسلام عبر المبعوث الأممي، وتناشدهم بالسلام.
الولايات المتحدة تعد الحوثي مكونا يمنيا قابلا للتطويع والسلام، مع أننا نؤمن أن الحوثيين مشروعهم تدميري وإرهابي ولا يقل عن تنظيمي الدولة والقاعدة بأي حال من الأحول، فهم لديهم مشروع خطره كبير لأنه ذراع إيرانية.
الشعب اليمني يرى في الحوثيين أنهم مشروع إرهابي وطائفي وعنصري ينكل بهم، لكن الولايات المتحدة وبريطانيا مازالت تتعامل مع هذه المليشيات على أنها قابلة لأن تكون شريكا في السلام، وهذه أم المصائب التي نعاني منها.
التعامل الغربي مع الحوثيين نعده تعاطيا ناعما غير مبرر، وخصوصا من بريطانيا وأميركا، وأن المجتمع الدولي لايزال ينظر إلى الحوثي أنها ليست مليشيات إرهابية ويراهن على تطويعها، رغم أنها غير قابلة للسلام.
الوضع الداخلي
لا تزال الهدنة قائمة في البلاد منذ أكثر من عامين.. هل ثمة مؤشرات تنذر بعودة الحرب بين الشرعية اليمنية والمليشيات الحوثية؟
الهدنة وقعّت من طرف الشرعية فقط، لأن الحوثي نفذ آلاف المناورات العسكرية وحشد مئات الآلاف ويعزز يوميا الجبهات القتالية، وهناك هجمات لا تتوقف يوميا في مدن يمنية، وأن مئات الشهداء ارتقوا خلال مدة الهدنة، رغم أن المعارك خفت، لكنها مستمرة.
نذر الحرب لا تزال مستمرة، فالحوثي أوقف تصدير النفط في اليمن، ويهاجم في الجبهات، ويحّشد طائفيا ويحرّض على المعركة، وأن اليمن يجب أن تخضع لسيطرته بالكامل، بالتالي نذر الحرب قريبة جدا، لأنها من تكتيكاته التي سيعمل عليها في القريب العاجل.
في ظل هذا التهديد الحوثي.. هل انتهت مهمة التحالف العربي الذي تشكّل لإيقاف زحف المليشيا المدعومة إيرانيا؟
التحالف العربي، وبالذات المملكة العربية السعودية كان لهم دور كبير في تعطيل المشروع الإيراني في اليمن واستعادة الكثير من المناطق اليمنية، إضافة إلى دوره في الحد من المشروع الإيراني بالمنطقة.
التحالف العربي دعم اليمن سواء القوات المسلحة أو الشرعية اليمنية، وإبقاء اليمن دولة معترفا بها دوليا، لكن نتوقع أن التحالف وصل إلى مرحلة يعتقد أنه لا جدوى من المعارك مع الحوثي، ولا بد من التوصل إلى السلام.
وفي هذا الصدد، تبذل السعودية جهودا كبيرة لإيجاد خارطة طريق للسلام، وقدمت مبادرات كثيرة، وتنازلت الحكومة الشرعية عن قضايا عدة بطلب من التحالف العربي، وكدنا نصل إلى تحقيق السلام، لكن الحوثي تهرب كعادته وتعلق بقضية غزة.
نحن نؤمن أنه حتى لو وقع الحوثي على أي اتفاق فإنه لن يلتزم، فهو منذ بداية الأزمة عام 2014 وحتى 2024 وقع مئات الاتفاقات ولم ينفذ بندا واحدا منها، فهو يستطيع المناورة في التفاصيل ويتهرّب من التنفيذ ويجيد التسويف والمماطلة حتى لا تحصل الشرعية على شيء، ثم عندما تتنازل الأخيرة عن أحد الشروط، يقوم الحوثيون برفع سقف مطالبه.
ما يجري من مفاوضات حاليا هو بمثابة تأجيل للحرب ليس أكثر، لأن الحوثي لديه مشروع توسعي لا يشمل اليمن فقط، وإنما المنطقة كلها، فهو عينه على المملكة العربية السعودية والحرمين الشريفين والثروة الاقتصادية الموجودة في دول الخليج.
التحالف العربي يرغب في الخروج من الحرب قدر المستطاع، لكن مليشيا الحوثي ستفرض على العالم كله تلك الحرب. وباعتقادي أن كلفة الحرب مع الحوثيين هي الأقل كلفة، لأن السلام معهم عبارة عن وهم كبير جدا، وستطول المعركة إلى ما لا نهاية.
رأينا أخيرا عودة لنشاط تنظيم القاعدة في اليمن وخصوصا في مناطق الجنوب.. كيف تقرأ هذا التطور؟
ثبت بالدليل القاطع أن تنظيم القاعدة والحوثي هما وجهان لعملة واحدة، وأن الكثير من الشواهد أثبتت ذلك، فمنذ سقوط صنعاء بيد الحوثيين، لم ينفذ التنظيم أي عملية في مناطقهم على الإطلاق، بينما ينشطون في المناطق المحررة من هذه المليشيات.
هناك اتفاقات جرت بين الحوثيين وتنظيم القاعدة لخلخلة صفوف الشرعية اليمنية، لذلك كف الحوثي يده عن مناطق وجود التنظيم وأطلق الكثير من عناصره وعيّن العديد منهم في مناصب عسكرية وقيادية.
لكن تنظيم القاعدة ينشط في مناطق جنوب اليمن لأنها ذات غالبية سنية، ولذلك هي البيئة المناسبة لتحرك هذه التنظيمات، وكل هذا يجرى بدعم يصلهم من إيران.
عندما تنشط الحكومة الشرعية في المناطق التي تسيطر عليها، نرى الكثير من التفجيرات والاغتيالات التي تنفذها هذه التنظيمات، حتى يفقد الشعب ثقته فيهم، إضافة إلى أن تنظيم القاعدة يعمل خلف خطوط القوات اليمنية في محافظات أبين وشبوة وغيرهما، من أجل خلخلة هذه القوات.
وفي المقابل، يقيم الحوثيون عشرات الآلاف من الفعاليات في اليوم الواحد بمناطق سيطرتهم، من مؤتمرات وتجمعات، لكن تنظيم القاعدة لم ينفذ ضدهم عملية واحدة، وهذا دليل على وجود اتفاق بين الطرفين برعاية إيرانية.
كيف ترى مستقبل الأوضاع في اليمن بعد مرور 10 أعوام على الحرب الداخلية التي تدخلت فيها أطراف خارجية؟
في ظل وجود مليشيا الحوثي، فإن وضع البلد من سيئ إلى أسوأ، وضع الشعب داخل مناطق سيطرتهم يصعب وصفه، لأن الحوثيين استأثروا بالسلطة وحصروها في سلالتهم.
الحوثيون يريدون إلحاق اليمن بالمشروع الإيراني فكرا وثقافة وانتماء، لذلك هناك رفض مجتمعي له وسخط كبير عليهم، لأن هذه المليشيا أخذت حقوقهم وحوّلت الدوائر الحكومية إلى مؤسسات للجباية ونهب لموارد الدولة لصالحهم، رغم أن الشعب بدون مرتبات منذ 10 سنوات.
الحوثي مازال يستعد للمعارك الداخلية والخارجية، لذلك نرى أن مستقبل اليمن مظلم في ظل وجود هذه المليشيات التي لا تقل سوءا عن القاعدة وتنظيم الدولة، وهناك من يحاول أن يغالط في سردية الصراع باليمن.
نحن نواجه مشروعا كهنوتيا ديكتاتوريا ظلاميا إجراميا لا علاقة له باليمن ولا الدولة ولا الوطن ولا الإنسان، فهو ينكل ويعذب ويقتل ويهجر ويفجر المنازل، فجرائمه لا تتوقف.
الحوثيون هم مشروع حرب دموي، ولا علاقة لهم بالسياسة والاقتصاد وبناء الدولة، لذلك ننظر بنظرة تشاؤمية لأوضاع اليمن في ظل وجودهم، ولن يعود البلد إلى طريق السلام إلا بإنهاء هذه المليشيا بالقوة العسكرية الفاعلة.