"راشيل جديدة".. انتقادات لإدارة بايدن بعد مقتل عائشة نور إزغي برصاص إسرائيل
“القاتل واحد والضحية هي الإنسانية جمعاء”
على وقع قتل قوات الاحتلال الإسرائيلي متضامنة أميركية، برصاصة خلال مشاركتها بفعالية رافضة للاستيطان في بلدة بيتا جنوب نابلس، استحضر ناشطون واقعة قتل الناشطة الأميركية راشيل كوري بدهسها بجرافة إسرائيلية كانت بصدد هدم منزل فلسطيني في غزة.
قوات الاحتلال الإسرائيلي، قتلت في 6 سبتمبر/أيلول 2024، المتضامنة الأميركية عائشة نور إزغي (26 عاما) التي تنحدر من أصول تركية برصاصة أصابتها بالرأس واخترقت الجهة اليسرى من ناحية رأسها، على جبل صبيح في بلدة بيتا جنوب نابلس بالضفة الغربية المحتلة.
جاء ذلك خلال قمع قوات الاحتلال مسيرة بيتا الأسبوعية السلمية، المناهضة للاستيطان.
والمتضامنة الأميركية متطوعة ضمن حملة "فزعة" لدعم وحماية المزارعين الفلسطينيين من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، ونقلتها فرق الإسعاف فور إصابتها إلى مستشفى رفيديا في مدينة نابلس، لكنها فارقت الحياة متأثرة بجراحها داخل غرفة العناية المشددة.
وأوضحت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، أن الاحتلال فتح النار على مسيرة نظمها أهالي بيتا للتنديد بالاستيطان، وأطلق الغاز السام المسيل للدموع وقنابل الصوت صوب المتظاهرين، ما أدى إلى إصابة المتضامنة برأسها، فيما أصيب شاب آخر في منطقة الفخذ.
وأدانت حركة المقاومة الإسلامية حماس "الجريمة البشعة"، وعدتها امتدادا لجرائم الاحتلال المتعمدة بحق المتضامنين الأجانب مع شعبنا الفلسطيني، والتي راح ضحيتها العشرات، أبرزهم راشيل كوري التي سُحِقَت تحت دبابات الاحتلال عام 2003.
وقالت في بيان إن "حكومة المتطرفين الصهاينة وجيشها الإرهابي، تسعى من خلال هذه الجرائم لإرهاب وقمع كل صوت ينادي بحرية شعبنا الفلسطيني، أو يتضامن معه في ظل مشاريع استيطان وتهويد إجرامية، وحرب إبادة شاملة مستمرة تشنها عليه".
واستنكرت حماس أن ذلك يحدث "دون أن يحرّك العالم الرسمي ساكنا لوقفها"، داعية المجتمع الدولي والأمم المتحدة وجميع مؤسساتها السياسية والإنسانية والحقوقية والقضائية، إلى "العمل فورا للجم حكومة الاحتلال".
وطالبت بـ"محاسبة الاحتلال على سلوكه الفاشي المتنكّر للقوانين الدولية كافة"، داعية الإدارة الأميركية لمراجعة سياستها المنحازة والداعمة لجرائم ومجازر الاحتلال.
فيما أدانت أنقرة مقتل المواطنة التركية الأميركية على يد القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، مؤكدة أن إسرائيل تعمل على إسكات وترهيب "كلّ من يهب لنجدة الفلسطينيين ويكافح ضد الإبادة الجماعية".
وقالت إن سياسة العنف هذه لن تجدي نفعا وإن "المؤسسات الإسرائيلية ومن يقدمون لها الدعم غير المشروط سيحاسبون بالتأكيد أمام المحاكم الدولية".
كما أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تصريحات صحفية أدلى بها على هامش زيارته إلى جمهورية الدومينيكان، عن "الحزن البالغ" إزاء مقتل الناشطة الأميركية التركية، متعهدا باتخاذ خطوات "حسب الحقائق" التي ستظهر.
وذكر ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية على منصة "إكس"، وتدويناتهم على فيسبوك، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #نابلس #متضامنة_أميركية، #بايدن، #الضفة_الغربية، وغيرها براشيل كوري، مؤكدين أن الاحتلال يقتل الجميع دون تمييز.
وصبوا جام غضبهم على الإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن بسبب تحالفها مع الاحتلال الإسرائيلي ودعمه سياسيا وعسكريا حتى بات الأميركيون يقتلون بسلاح أميركي، متسائلين عن موقف المرشحين لرئاسة أميركا البارزين دونالد ترامب وكامالا هاريس من مقتل الناشطة.
واستنكر ناشطون ضعف ردة فعل إدارة بايدن والمرشحين لرئاسة أميركا على مقتل المتضامنة الأميركية، مذكرين بموقفهم على مقتل ستة أسرى بينهم أميركي كانوا محتجزين في رفح بقطاع غزة نتيجة شن الاحتلال غارات مطلع سبتمبر 2024، وطالبوا بوقف دعم الكيان وتسليحه.
وكان بايدن قد أعرب عن حزنه وهاجم رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بسبب تأخير الوصول إلى صفقة لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل للأسرى مع حركة حماس، فيما ألقى ترامب باللوم في مقتل الأسرى، على بايدن ونائبته قائلا: "أيديهما ملطخة بالدماء!".
ضحية أميركية
راشيل كوري ولدت في 10 أبريل/نيسان 1979 في مدينة أولمبيا بولاية واشنطن في أقصى الشمال الغربي الأميركي، وكانت طالبة في إيفرجرين ستيت كوليدج حيث عرفت بميولها الليبرالية.
وشاركت في تنظيم العديد من فعاليات السلام مع مجموعة محلية في أولومبيا قبل أن تنضم لحركة التضامن العالمية التي انتهجت وسائل سلمية لتحدي تكتيكات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية وغزة.
وكانت راشيل بين 8 نشطاء دوليين آخرين من حركة التضامن الدولية، جعلوا من أنفسهم دروعا بشرية لحماية مخيم رفح للاجئين بغزة، من عمليات الهدم التي زعمت قوات الاحتلال حينها أنها ضرورية لأن المسلحين الفلسطينيين استخدموه كساتر لإطلاق النار على الدوريات الإسرائيلية.
وسحقت جرافات الاحتلال المصنوعة من قبل شركة "كاتربيلر" (Caterpillar) الأميركية- راشيل وقتلتها على الفور في 16 مارس/آذار 2003، وانتهت الإجراءات القانونية عام 2015 إلى تأييد المحكمة العليا الإسرائيلية قرار المحكمة المركزية الأدنى في حيفا التي لم تجد أي خطأ في تصرف الجيش.
غضب واستياء
وإعرابا عن الغضب من مقتل عائشة نور وما تبعه من ردات فعل دولية لا ترقى لمستوى ردع الاحتلال الإسرائيلي، تعجب الباحث الفلسطيني ماجد أبو دياك، من إعلان الإدارة الأميركية شعورها بالانزعاج وأسفها على قتل جيش الاحتلال "المتضامنة التي تحمل الجنسية الأميركية في نابلس!".
وقال إن مجرد مقارنة هذا الموقف مع موقف هذه الإدارة من مقتل الأسير الأميركي لدى حماس بغزة، والإدانة المباشرة لها بقتله، رغم أنه قتل على الأغلب بقصف إسرائيلي، يؤكد حجم مهانة النخبة الأميركية الحاكمة أمام تحكم اللوبي اليهودي ونفوذه الذي تحسب له ألف حساب، حتى ولو كان ذلك على حساب المصالح والسيادة الأميركية.
وأضاف أبو دياك، أن "دولة عظمى لا تستطيع إدانة مقتل أحد مواطنيها برصاص جيش دولة أخرى، هي دولة لا تستحق الاحترام فضلا عن أن تخشى منها الأنظمة المتهالكة المرتعشة".
وخاطبت الكاتبة والباحثة فاطمة شعبان بايدن قائلة: "هذا الرصاص الأميركي قتل شعبك، وأوقفوا الحرب المجنونة على فلسطين وهذه جريمة بشعة ارتكبت على أرض بيتا"، عارضة مقطع فيديو لمحافظ مدينة نابلس يُعقب على استشهاد الناشطة الأميركية.
واستنكرت إيمان الرشدي، ادعاء أميركا الحرية والإنسانية، لكنهم على عكس ذلك، فهم "يدعمون الإرهاب بكل الطرق الممكنة ليقتل العدو الإنسانية بكل برود" .
وسخر إيهاب المصري، من قول بلينكن: " نأسف لمقتل مواطنة أميركية في نابلس ونعمل على معرفة ما حدث".
تواطؤ أميركي
وتساءل السياسي فايز أبو شمالة: “أين الصهيوني رئيس أميركا بايدن الذي بكى وناح لمقتل أسير صهيوني يحمل الجنسية الأميركية في غزة، وهدد أهل غزة بالمزيد من الذبح والدمار؟” وذكّره بأن "اليوم قتل الصهاينة على أرض الضفة الغربية ناشطة تركية تحمل الجنسية الأميركية".
وتابع تساؤلاته: “هل ستبكي يا بايدن؟ وهل ستهدد جيش الصهاينة كما هددت أهل غزة؟ أم طغت شخصيتك الصهيونية على هويتك الأميركية؟”
وتهكم المحلل السياسي ياسين عز الدين، قائلا: "لنرَ ماذا سيقول بايدن والإدارة الأميركية"، متوقعا أن في أفضل الأحوال "سيطلبون من نتنياهو التحقيق بظروف قتلها والتعبير عن قلقهم".
وذكر بأن الإدارة الأميركية ورئيسها حمّلوا حماس كامل المسؤولية عن مقتل المواطن الأميركي الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية والأسير لدى المقاومة، وأصدروا أوامر باعتقال قيادات حماس.
وأكد عز الدين، أن حماس لم تأسره لأنه أميركي، بل لأنه مستوطن، وليس مؤكدا من قتله الحركة أم جيش الاحتلال، مستنكرا أن مع ذلك عد بايدن ذلك اعتداءً على أميركا، ساخرا بالقول: "أما أن يقتل جيش الاحتلال بشكل واضح الناشطة الأميركية رغم معرفتهم بها، فهذا أمر فيه نظر وستبحث إدارة بايدن عن أعذار لكي لا تلوم دولة الاحتلال".
وأكد الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية، أن تقديم إدارة الرئيس الأميركي "دعمهم الثابت" للمذبحة الإسرائيلية المستمرة في فلسطين، بدعم من مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية، يعزز هذا الإفلات من العقاب، قائلا إن "هذا يشمل قتل المواطنين الأميركيين ونشطاء السلام مثل عائشة نور".
وأضاف أن الحقيقة لا يمكن إنكارها: "إسرائيل تقتل دون عقاب، بينما الولايات المتحدة تقدم الدعم الثابت!".
ورأى وائل محمد، أن السؤال المهم هو: "ماذا سيقول ترامب وهاريس للشعب الأميركي عن مقتل متضامنة أميركية بعد إصابتها في الرأس برصاص الاحتلال في محيط جبل صبيح جنوب نابلس، خاصة أنها ليست المرة الأولى التي يتعمد فيها جيش الإرهاب الصهيوني استهداف المتضامنين الأميركيين مع القضية الفلسطينية".
ودعت سوزان حرزالله، لإخبار الرئيس الأميركي بايدن وبلينكن وهاريس بمقتل المتضامنة الأميركية على يد جيش الاحتلال لمعرفة مدى غضبهم كما فعلوا عندما قتل المواطن الأميركي المحتجز لدى المقاومة الفلسطينية على يد الجيش الأميركي والإسرائيلي في غزة.
عائشة وراشيل
وعرض راشيد غيرنوق، صورتين الأولى لعائشة والثانية لراشيل، مشيرا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يقتل ولا يهمه من يكون ولا من أي جنسية إذا وقف في طريق رغبة الكيان، وعلى الجميع التزام الصمت ولو كان القتيل مواطنا أميركيا.
كما عرض قاسم عيسى، أيضا صورتين لعائشة وراشيل، مع الإشارة إلى أن الفرق بين هذه وتلك 20 عاما، مؤكدا أن "القاتل واحد والضحية هي الإنسانية جمعاء".
وكتب محمد آل خليفة: "قوات الاحتلال تقتل المتضامنة الأميركية راشيل في غزة بدهسها تحت جنزير جرافة!!!.. واليوم يقتل جيش العدو متضامنة أميركية أخرى في قرية بيتا جنوب نابلس.. متضامنون أميركيون مع الشعب الفلسطيني يقتلهم جيش العدو برصاص أميركي! متى يجبر الشعب الأميركي رئيسه وحكومته على وقف تزويد العدو بالمال والسلاح".