موقع عبري يكشف عن "ترسانة حزب الله العسكرية".. لماذا لم تدمرها إسرائيل؟
ترسانة أسلحة الحزب أكبر بعشر مرات مما كان لديه في حرب لبنان الثانية
تساءل موقع "القناة 12" العبرية عن سبب إحجام إسرائيل عن توسيع نطاق استهدافها لمواقع الترسانة العسكرية الضخمة لحزب الله، وعما إذا كان يرتبط ذلك القرار بتجنب التصعيد إلى حرب شاملة، أم تحكمه حسابات عسكرية وسياسية أخرى؟
وشرح الموقع كيف تمكن الحزب من بناء قوة صاروخية إقليمية، أصبحت تهدد أمن إسرائيل، في وقت يتواصل الفشل الإسرائيلي في وقف حصوله على صواريخ دقيقة.
وفي 22 أغسطس/ آب 2024، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي هجوما على ما قال إنه أكثر من 250 هدفا عسكريا تابعا لـ "حزب الله" في لبنان.
وادعى مشاركة نحو 100 طائرة حربية في الهجوم، استهدفت قاذفات الصواريخ وطائرات بدون طيار، ومستودعات أسلحة تحتوي على صواريخ ذات نطاقات مختلفة.
وحسب ادعاء الاحتلال، دُمر ما يقرب من 6 آلاف قطعة مضادة للطائرات في العملية، قبل نصف ساعة من إطلاق الحزب عشرات الصواريخ والطائرات المسيرة ردا على اغتيال القائد العسكري البارز فيه فؤاد شكر.
ترسانة ضخمة
وبين الموقع أن "الهجوم الواسع الذي شنته إسرائيل على حزب الله، كان يهدف إلى إحباط هجوم مخطط له بمئات الصواريخ، انتقاما لاغتيال رئيس أركان المنظمة فؤاد شكر".
إلا أن الخطير في الأمر، أن “هذا الهجوم الوقائي للقوات الجوية كشف جزءا من سباق التسلح السريع الذي تخوضه المنظمة الشيعية”.
وهو سباق يتمحور حول ترسانة الصواريخ والقذائف الضخمة التي جمعتها المنظمة في ظل 17 عاما من الهدوء النسبي على الحدود الشمالية.
وتحذر أورنا مزراحي، المسؤولة الكبيرة السابقة في مقر الأمن القومي، والباحثة الأولى في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، من الخطر المحدق بإسرائيل، إذ رأت أن حزب الله هو "الجهة الفاعلة شبه الحكومية الأكثر تسليحا في العالم".
وتضيف: "ترسانة أسلحته أكبر بعشر مرات مما كان لديه في حرب لبنان الثانية (يوليو/ تموز - أغسطس/ آب 2006)، فلديه مخزون كبير ومتنوع من صواريخ المدفعية، إلى جانب الصواريخ الباليستية، والصواريخ المضادة للطائرات والدبابات والسفن".
وقد سبق لتل أبيب أن عانت من صواريخه، فوفق الموقع، “أطلق حزب الله حوالي 200 صاروخ يوميا باتجاه إسرائيل، خلال حرب لبنان الثانية، مما ينذر بإطلاقه آلاف الصواريخ في حال اندلاع حرب شاملة”.
وأبدى إعجابه بالقدرات الهجومية للحزب، معتبرا أنها تشكل تحديا أمام أجهزة الأمن الإسرائيلية.
وتابع: "نتحدث عن كمية هائلة تصل إلى 150-200 ألف صاروخ، فضلا عن قذائف هاون وصواريخ قصيرة المدى، منها المئات تتمتع بدقة عالية وقدرة تدميرية كبيرة".
وسيكون التحدي الماثل أمام إسرائيل في وقت الحرب، أنه "سيجبرها على تحويل أنظمة دفاعها لحماية البنية التحتية المدنية والعسكرية بشكل مركز".
وينقل الموقع عن معهد الأمن القومي الإسرائيلي تقديراته، "بامتلاك حزب الله 40 ألف صاروخ غراد قصيرة المدى، و80 ألف صاروخ من طراز فجر 3 و5، وخيبر أو رعد متوسطة إلى بعيدة المدى، وحوالي 30 ألف صاروخ زلزال أو فاتح 110 بعيدة المدى، والتي قد تصيب أي نقطة في إسرائيل".
كما "حصل التنظيم من سوريا على عدد محدود من صواريخ سكود C و-D، التي يصل مداها إلى 700 كيلومتر".
ويستكمل عرض الترسانة العسكرية قائلا: "يمتلك الحزب أيضا عدة مئات من مقذوفات فتح 110، التي تحمل حوالي 500 كيلوغرام من المتفجرات، مجهزة بآليات ملاحية دقيقة تعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، ولها قدرة كبيرة على الدقة والتدمير".
لكن ترسانة حزب الله لا تنتهي عند هذا الحد، فوفق ما نُقل عن معهد دراسات الأمن القومي، فهو يمتلك صواريخ ساحلية عالية الجودة من طراز (C802) مصنوعة في الصين.
كما يمتلك صواريخ "ياخونت" المصنوعة في روسيا، إلى جانب صواريخ متطورة ومحسنة مضادة للدبابات من نوع "كورنيت".
وأردف الموقع: "أيضا طور التنظيم القدرة على إطلاق قاذفات الصواريخ، ويمتلك أنظمة ثقيلة مضادة للطائرات من طراز SA-17 وSA-22 قادرة على ضرب الطائرات بدون طيار والمروحيات".
وأضاف: "يمتلك حزب الله كذلك صواريخ بركان قصيرة المدى، تحمل رأسا حربيا ضخما، يتم تعريفها على أنها صواريخ ثقيلة، ويمكنها حمل ما يصل إلى نصف طن من المتفجرات".
حسابات عسكرية
وبالرغم من كل تلك الصواريخ المتعددة، إلا أن ثمة سلاحا رئيسا آخر يؤرق المنظومة الأمنية الإسرائيلية، ألا وهي "الطائرات بدون طيار (الدرون)".
فبحسب الموقع، استثمر حزب الله في العقدين الأخيرين في تطوير نظامه الجوي القائم على الطائرات بدون طيار، بعضها إيراني وبعضها محلي الصنع.
ويشير إلى أنه "في الوقت الحالي في الحرب، أصبحت الطائرات بدون طيار سلاح الهجوم الرئيس للحزب، وهي تؤدى إلى سقوط قتلى وجرحى، وأضرار جسيمة، وتشكل صداعا ليس بالقليل للنظام الأمني".
ويدرك الحزب جيدا مدى فاعلية هذه الطائرات في تحقيق أهدافها، فهي "لديها قدرة أعلى على التهرب من أنظمة الدفاع الجوي (HAS)، لذلك يطلقها داخل أراضي إسرائيل بشكل يومي تقريبا".
ومن أسباب صعوبة اعتراض الطائرات بدون طيار، "صغر حجمها، ومسار طيرانها، وقربها من الأرض".
كما أنه "غالبا ما يطلقها من مناطق قريبة جدا من الحدود، مما يقلل من وقت رد الفعل الذي تتمتع به أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية لاعتراضها".
ويحلل تفاصيل الهجوم الانتقامي من حزب الله على إسرائيل، ناقلا عن تال باري، رئيس قسم البحث في معهد "تحديات الأمن في الشمال" قوله: "ليس من قبيل الصدفة أن معظم الصواريخ كانت موجهة إلى شمال البلاد، بينما الطائرات المسيرة كانت موجهة إلى أهداف إستراتيجية في الوسط".
ويتابع: "اختار هذا التنظيم أن يعمل على جبهتين متوازيتين، الأولى أنه بذل جهودا لتشتيت الانتباه، حيث أطلق مئات الصواريخ -وليس الآلاف- باتجاه شمال البلاد".
وأردف: "في الوقت نفسه، كان الجهد الرئيس هو محاولة ضرب أهداف في وسط البلاد، وما يثير الدهشة هو أنهم اختاروا استخدام الطائرات المسيرة وليس الصواريخ الدقيقة لهذا الهدف".
وأكمل: "تلك الصواريخ الدقيقة، التي كان من الممكن أن توفر الرد المثالي، هي جزء من المنظومة الإستراتيجية الحساسة لحزب الله".
ويفسر بارى عدم استخدام الحزب لتلك الصواريخ الدقيقة قائلا: "هذا اختيار إستراتيجي مثير للاهتمام، ويظهر أنهم يحاولون الحفاظ على أسلحتهم الثمينة والدقيقة في حال حدوث تصعيد كبير أكثر".
ووفقا لتقديرات الخبير العسكري، فإن هذه المنظومة منتشرة في عدة مناطق في لبنان، مثل شرق البقاع، شرق بعلبك، أو في بيروت ذاتها.
وأضاف باري: "استخدام هذه الصواريخ من شأنه أن يخاطر بكشفها، ويؤدي إلى رد فعل إسرائيلي حاد، يمكن أن يتحول إلى حرب".
وتابع: "ولهذا السبب قرروا استخدام أسلحة دقيقة، ولكن ليس الصواريخ، لقد اختاروا عدم رفع المستوى إلى سلاح جديد لم يستخدموه حتى اليوم".
على النقيض، يختلف معه في الرأي الخبير العسكري الإسرائيلي والمستشار في الشؤون الدفاعية ميخائيل كليسكي، إذ يقدم تفسيرا مغايرا تماما لاختيار حزب الله عدم استخدام الصواريخ الدقيقة.
ويقول: "السبب هو أنهم كانوا يعلمون أن الضرر الذي ستسببه الصواريخ الدقيقة سيكون هامشيا، إن لم يكن هناك أي ضرر على الإطلاق".
وأكمل: "أعتقد أن الضرر الوحيد الذي قد يحدث هو شظايا القبة الحديدية أو شظايا الصواريخ الاعتراضية لنظام حيتس الدفاعي".
إذ إن “أنظمة الدفاع الجوي مثل حيتس 2، حيتس 3، ومقلاع ديفيد، تعرف كيف تتعامل بشكل أفضل مع الصواريخ ذات المدى الطويل”.
وترى الخبيرة في الشؤون الأمنية والدفاعية إيال مزراحي أن حزب الله "حقق أهدافه إلى حد ما، ولكن ليس بالكامل".
وتوضح قائلة: “حزب الله أراد أن ينفذ هجوما غير عادي ولكنه محدود، لا يسبب ضررا كبيرا وأن تكون إسرائيل قادرة على احتوائه”.
وأردفت: "قد يكون هدفه أن تكون الإصابة أكثر صعوبة قليلا، لكنه لم يرغب في أن يؤدي ذلك إلى تصعيد حقيقي". ولذلك رجحت أن "الحزب لم يُخْفِ موعد الهجوم بشكل كبير".
إذ تعتقد أنه "بالرغم من أن الحزب كان مستعدا لدفع حدود المخاطر من جانبه، إلا أنه ليس من المؤكد أنه بذل جهدا كبيرا لإخفاء نواياه".
مما يعنى، أن "العديد من الدول والمؤسسات المختلفة كانت على علم مسبق بما سيحدث، وكذلك الجيش الإسرائيلي فهم أنه سيحدث".
وتابعت الخبيرة العسكرية: "الحزب لديه مجموعة حسابات تؤثر عليه، فهو ليس انتحاريا، ويخشى من رد فعل قد يضر به بشكل كبير، ولا يرغب في أن تعاني لبنان من أضرار كبيرة بسبب الضغوط الداخلية".
بالإضافة إلى ذلك، ترى مزراحي أن "إيران لا ترغب في حرب إقليمية، وأن الأميركيين يمارسون ضغطا في المنطقة".
مرحلة الإشباع
ومن وجهة نظر كليسكي، وصل حزب الله إلى ما يمكن أن يُوصف بـ "مرحلة الإشباع" في كمية الصواريخ، بعد حرب لبنان الثانية.
إذ بات الحزب يركز الآن، وفق اعتقاده، على ما يُسمى "مشروع الدقة"، أي محاولة تحويل جزء من الصواريخ "الغبية" إلى أخرى موجهة دقيقة.
ويقول: "إنهم يحاولون تحويل الأسلحة من كونها إحصائية إلى وسيلة تتيح ضرب الأهداف الإستراتيجية مباشرة، مثل المقرات والقواعد ومحطات الطاقة وتجميعات القوات".
و"اعتمد حزب الله في بداية الأمر على إيران في تهريب الصواريخ عبر سوريا وصولا إلى لبنان، ولكن جرى إحباط العديد من هذه العمليات"، يقول كليسكي.
ويضيف: "في المرحلة التالية، تغيرت طريقة العمل من تهريب صواريخ دقيقة، إلى تحويل الصواريخ (العادية إلى أخرى دقيقة في مركز سارس للبحث العلمي في سوريا".
وبحسب الموقع، اكتشفت إسرائيل هذه العملية وهجمت على عدة منشآت مختلفة للمركز.
وهو ما دعا الحزب إلى تهريب "المكونات الدقيقة" إلى لبنان، وتجميعها على صواريخ غير دقيقة يمتلكها بالفعل.
ويقول تال باري: "حتى اليوم، تُنتج الكثير من مكونات الأسلحة في إيران وتُنقل إما كأجزاء أو كاملة، حسب العملية والإمكانات المتاحة، إلى حزب الله".
واستدرك الخبير: “لكنهم بكل تأكيد وفروا على أنفسهم الكثير من اللوجستيات والعمليات من خلال قيامهم بذلك في سوريا نفسها بناء على البنية التحتية للصناعة العسكرية السورية".
إذ عندما تنقل الأسلحة من إيران على مسافة 1800 كيلومتر، تعرض نفسك لهجمات محتملة.
ويشير الموقع إلى أنه “في العامين الأخيرين، كشف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو علنا مرتين عن مواقع دقيقة لصواريخ حزب الله في لبنان”.
كانت المرة الأولى في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2018، حيث كشف عن ثلاثة مواقع.
والثانية في خطاب مسجل للجمعية عام 2020، حيث كشف عن منشآت إضافية، بما في ذلك مخازن صواريخ وسط حي سكني في بيروت، حسب زعمه.
وخلافا للرأي السائد، يرفض الخبير العسكري كاليسكي التصديق بوجود تهديد فعال من الصواريخ الدقيقة.
ويزعم أن أنظمة الدفاع الإسرائيلية المتقدمة، مثل سهم داود والمقلاع، قادرة على تقديم رد مناسب على هذا التهديد.
ويتابع الموقع: "التهديد الحقيقي، في رأيه، يكمن بالتحديد في الصواريخ الثقيلة قصيرة المدى، حيث إن بساطتها على وجه التحديد تجعلها أدوات قتل فعالة بشكل خاص".
وأكمل موضحا: "فهي رخيصة الثمن نسبيا في التصنيع، وسهلة التشغيل، ويكاد يكون من المستحيل اعتراضها بسبب مداها القصير".
وأردف: "الصواريخ قصيرة المدى ذات الأوزان الصغيرة، يمكن تحميلها على شاحنة صغيرة أو سيارة نقل، وإخفاؤها بحديقة منزل وإطلاقها على شكل رشقات".
على الجانب الآخر، “فإن الصواريخ طويلة المدى هي قصة مختلفة تماما، كما يقول كاليسكي”.
فعلى سبيل المثال، صاروخ الفجر يزن عدة أطنان وصعب التشغيل، لذا هرب العديد من سكان الضاحية من منازلهم، لأنهم يعيشون على برميل من المتفجرات، وينامون بجانب نمر نائم يسمى مراكز قيادة حزب الله".
وفيما يتعلق باحتمالية استخدام الحزب للصواريخ الدقيقة خارج إطار الحرب الشاملة، يشير الخبير العسكري إلى أن ذلك التقدير "يقترب من الصفر".
وقال: "هم يعرفون تماما المعادلة، وبخلاف التصريحات الفارغة، لن يجرؤوا على فعل ذلك لأنهم يعرفون ما سيتلقونه في المقابل، أنا لست قلقا بشأن هذا الأمر على الإطلاق".
في هذه الأثناء، يبدو أن حزب الله يحافظ على سرية المعلومات المتعلقة بترسانته، ويترك للخبراء تقييم قدراته.
ورأى الموقع أن "معظم المعلومات العامة في هذا الشأن تأتي من تصريحات الحزب وقائده حسن نصر الله، الذي يزعم أن أنصاره استخدموا فقط جزءا صغيرا من أسلحتهم في الهجمات منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023".
“لكن ثمة طريقة لمعرفة ما يمتلكه الحزب بالفعل من أنواع الصواريخ المختلفة التي بحوزتهم”.
فوفقا للخبير العسكري باري، "يمكن فهم أنواع الصواريخ التي يمتلكونها، بمشاهدة المواكب التي ينفذها الحوثيون في النهار باستمرار، لرؤية أي أسلحة وصلت إلى حزب الله قبلهم".
ويضيف: "قد يكون هناك بعض الأسلحة الإيرانية التي لم يكشف عنها علنا، لكن الافتراض هو أنها بين يدي الحزب بالفعل".
“وحش” ينمو
ويدعي الموقع عدم وجود "خطوط حمراء" من إسرائيل تجاه تطوير حزب الله لترسانته العسكرية.
وقال: "مع أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية استثمرت على مر السنين جهدا كبيرا في منع حزب الله من الحصول على صواريخ وقذائف دقيقة، لكنها امتنعت عن وضع خطوط حمراء واضحة فيما يتعلق بمشروع دقة الأسلحة، على الرغم من أنه تهديد تقليدي قد يصل إلى أبعاد غير مسبوقة".
وأدى ذلك، بحسب الموقع، إلى "تسارع حزب الله في تعظيم قوته، بينما لم تشن إسرائيل هجوما وقائيا لإزالة القدرة من يديه".
وتبرر الخبيرة العسكرية مزراحي غياب رد فعل تل أبيب على النمو العسكري لترسانة الحزب، بالخشية من الدخول في حرب واسعة، ولثقة إسرائيل في القدرة على التعامل مع الأمر.
إذ أفادت قائلة: "ليس لدي أدنى شك في أن خيار المواجهة مع الحزب قد جرى النظر فيه، وكان أحد الخيارات التي بُحثت".
واستطردت: "لكن في كل مرة، يقررون وضع الأمر جانبا وانتظار ما سيحدث، انطلاقا من شعورنا بأننا قادرون على التعامل معه، وأن السلام أفضل، وأنه ينبغي تجنب حرب واسعة النطاق، وأنه لا ينبغي إلقاء اللوم على إسرائيل. كان الدافع لكسر السلام بشكل استباقي منخفضا للغاية".
ونقل التقرير عن مزراحي رأيها بأن هذا القرار سمح لـ "الوحش" -كما تُسمي ترسانة حزب الله- بالنمو ومراكمة القوة دون انقطاع.
وأردفت الخبيرة العسكرية: "قبل 7 أكتوبر 2023 (تاريخ تنفيذ عملية طوفان الأقصى)، كنت أؤيد فكرة العمل ضد الصواريخ الدقيقة، لكن الخوف كان من أن يؤدي ذلك إلى التدهور إلى حرب واسعة النطاق".
وتابعت: "كان المفهوم هو أنه لا يمكن للمرء أن يذهب إلى الحرب عندما يكون هناك خيار أمامنا، نحن نشن الحروب فقط عندما لا يكون هناك خيار، ولا نشن هجمات مفاجئة إلا على أهداف غير تقليدية".
كذلك يناقش الموقع مدى نجاعة الضربات الإسرائيلية في تحقيق أضرار فعلية لترسانة الحزب العسكرية.
ووفقا لمعهد "ألما": "كانت الهجمات موجهة إلى أهداف قرب 27 قرية في جنوب لبنان، سواء جنوب نهر الليطاني أو شماله".
وتابع: “في هذه المنطقة، توجد صواريخ وقذائف يمكنها الوصول إلى مدى يصل إلى 200 كم، بعضها يقع في مناطق مفتوحة والآخر مخفي تحت الأرض أو مموه بالنباتات”.
وأردف: "توجد أيضا بنية تحتية تحت الأرض من الأنفاق الإستراتيجية جنوب جزين، وهي المنطقة التي تم استهدافها جزئيا" جنوب لبنان.
ويضيف الخبير العسكري تال باري: "إسرائيل هاجمت أساسا جنوب نهر الليطاني، في نطاق الحماية الأولى. في هذه المناطق، يتركز النظام الصاروخي بشكل رئيس على المدى القصير".
وأكمل: "شمال النهر، هناك أيضا صواريخ زلزالية، وقد جرى استهدافها بالفعل، لذا فإن الضرر كان في صواريخ وقذائف يقدر مدى تأثيرها حتى 200 كم".
وأردف: "في أفضل الأحوال، تم تدمير آلاف قليلة من الصواريخ والقذائف من أصل 65 ألفًا، هذا لا يزال ليس كل النظام الصاروخي للحزب".
واتفق موقع القناة 12 الإسرائيلية مع ذلك التحليل، حيث قال: "بالفعل، يتحدث الجيش عن عملية تعطيل محدودة ضد تهديد محدد من حزب الله. لذا لم نر هجمات في عمق لبنان، بل فقط في جنوبه".
ويرى أن "هذه كانت عملية واسعة، باستخدام معلومات استخباراتية دقيقة سمحت بإصابات دقيقة، لكنها لم تكن مصممة لتؤدي إلى تصعيد".
مع ذلك، يحذر من أن الاحتلال يواجه معضلة كبرى ذات خطر داهم، "فبالرغم من أن تلك العملية سمحت لإسرائيل وحزب الله بتهدئة الأوضاع والعودة إلى "روتين القتال"، لكنها تركت لتل أبيب تهديدا إستراتيجيا لم يتم التعامل معه لسنوات، وخطا أحمر قد تلاشى كثيرا.