صدامات بعد اعتقال جنود اعتدوا جنسيا على فلسطينيين.. وناشطون: إسرائيل تنهار
هيئة البث الإسرائيلية كشفت أن 10 جنود اعتدوا بالضرب المبرح على أسير من غزة
عمت إسرائيل حالة نادرة من الفوضى وفقدان السيطرة الأمنية بعد اقتحام عشرات المتطرفين قاعدة "بيت ليد" العسكرية (وسط) في 29 يوليو/تموز 2024.
واقتحم عشرات المتظاهرين اليمينيين المحكمة العسكرية داخل القاعدة، احتجاجا على اعتقال جنود اعتدوا جنسيا على أسرى فلسطينيين اعتقلوا بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأفادت صحيفة "هآرتس" العبرية بأن "نحو 200 ناشط يميني اقتحموا مقر المحكمة العسكرية داخل قاعدة بيت ليد حيث تم نقل جنود الاحتياط التسعة الذين تم احتجازهم لاستجوابهم بشبهة إساءة معاملة معتقل فلسطيني بشكل خطير في معتقل سدى تيمان (في النقب) إلى هناك".
واشتبك هؤلاء مع الشرطة التي تواجه اتهامات بعدم التصدي لهم، ما دفع الجيش إلى نقل 3 كتائب إلى القاعدة لحمايتها، بعدما كان مقررا لها دخول قطاع غزة.
وأفادت هيئة البث العبرية بسحب جيش الاحتلال قوات من الضفة الغربية وأخرى من لواء ناحل من قطاع غزة والدفع بهم إلى معسكر بيت ليد.
وكان بين المقتحمين مسؤولون وجنود في الجيش، ما قوبل باستنكار من الداخل الإسرائيلي ومطالبات باستبعاد اليمينيين المتطرفين من السلطة بما في ذلك الحكومة والبرلمان.
ومكث المتطرفون الإسرائيليون داخل القاعدة بعض الوقت، وساندهم عشرات جنود الاحتياط، ملثمين ومسلحين رفضا للتحقيق مع الجنود المشتبه باعتدائهم جنسيا وتعذيب عدد من الأسرى.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية كشفت النقاب عن أن 10 جنود اعتدوا بالضرب المبرح على أسير من غزة، لم تذكر اسمه، وتم نقله إلى المستشفى وعليه إصابات خطيرة حتى في فتحة الشرج، ما استدعى قيام الشرطة العسكرية بفتح تحقيق.
وسلط ناشطون على منصة إكس عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #سدى_تيمان، الضوء على الانتهاكات التي يرتكبها الجنود الإسرائيليون بحق الأسرى الفلسطينيين.
وشبهوا قاعدة سدى تيمان، بمعتقل غوانتنامو الأميركي سيئ السمعة، مؤكدين أن ما حدث يبرهن على انهيار الاحتلال وتآكله وتفككه من الداخل.
تفاصيل الأحداث
وفي سرد ونقل للأحداث، قال الإعلامي محمد المدهون، إن في سجن "سدى تيمان" الإسرائيلي الذي يتفوق في الإجرام عن سجن "غوانتانامو" قام جنود الاحتلال بتعذيب عدد من الأسرى بطريقة بشعة جدا مما أدى إلى نقل عدد منهم بإصابات حرجة إلى مستشفيات الاحتلال.
وأوضح أن ذلك دفع المحكمة العسكرية الإسرائيلية إلى إصدار أمر اعتقال الجنود المتورطين بالتعذيب للتحقيق معهم خشية من ملاحقات قانونية دولية خصوصا بعد أن صدرت عدة تقارير دولية عن بشاعة التعذيب والقتل الذي يجرى في هذا المعتقل وكان هناك مطالبات بإغلاقه.
وأضاف المدهون، أن بسبب قرار المحكمة باعتقال الجنود خرجت تظاهرات للمستوطنين داعمة للجنود المجرمين ورفضا لمساءلتهم من المحكمة العسكرية، وقام أكثر من ١٠٠٠ مستوطن باقتحام المحكمة العسكرية والاشتباك المباشر مع أمن المحكمة.
وقال إن ما حدث يمكن عده تمردا غير مسبوق، حيث تُتهم شرطة الاحتلال أنها لم تتعامل مع المقتحمين بصرامة على تقدير أن هذا الاقتحام مدعوم سياسيا من وزير الأمن القومي "بن غفير"، وبالتالي اضطر الجيش للتدخل والسيطرة على الموضوع، وهذا يعني أن خلافا سيتوسع بين الشرطة والجيش!.
وأوضحت الصحفية أمينة بن دحمان، أنه تم قتل 36 أسيرا فلسطينيا تحت التعذيب، والاعتداء جنسيا عليهم، ناهيك عن الأساليب الأخرى من الاعتداءات الجسدية والنفسية.
وسخرت بالقول: "سيحقق جيش الاحتلال، ثم سيحكم على جنوده وضباطه بعقوبات تتراوح بين اليوم واليومين وبراءة الآخرين!".
ووصف المغرد تامر، ما حدث بأنه "قصة مرعبة"، مشيرا إلى أن عددا من الإصابات من الرهائن الفلسطينيين في سجن سيدي تيمان وصل إلى المستشفيات الإسرائيلية بإصابات بالغة نتيجة التعذيب.
ولفت إلى أن نتيجة لذلك، وبعد ضغط داخلي ومؤسسات حقوق الإنسان، والبعض يقول بسبب تهديدات المقاومة بالتعامل بالمثل، داهم محققون من الشرطة العسكرية سجن سيدي تيمان بناء على أوامر النائب العام لاعتقال عدد من المسؤولين في مسرحية إعلامية لا أكثر.
وقال تامر، إن بن غفير استنكر ما حدث وأطلق لقب "أبطال" على الجنود المتسببين بالحادثة، وهناك دعوات للجمهور الإسرائيلي وأعضاء الكنيست للقدوم إلى السجن وحماية الجنود من الاعتقال.
وأكد أن معاناة الرهائن الفلسطينيين داخل مراكز التعذيب لا تطاق وقاتلة، والأخطر أنها بعيدة كل البعد عن الأضواء، لافتا إلى أن هناك عددا كبيرا من الشهداء داخل مراكز الاعتقال، وحتى عائلاتهم لا تعلم شيئا عنهم أو عن مقتلهم.
وقال الكاتب نورس أبو صالح: إن المعسكر والسجن القائم على أراضي بيت ليد، هي أراضي خربتنا التي احتلت عام 1948، وعدنا نحن أهلها إلى بيت ليد الجبل، القرية القائمة حاليا في قضاء طولكرم، واشتهرت سابقا بعملية مزدوجة "عملية قسم" ، وهي بيت ليد بالياء و ليس "لِد" بالكسر، واليوم تشهد حدثا فاصلا يخلخل أركان دولة الاحتلال.
ولخص طارق شمالي، الأحداث قائلا: "خلاف حاد في الكيان الصهيوني بين من يريد تعذيب الأسرى الفلسطينيين والتنكيل بهم دون محاسبة ومن يريد أن يعذبهم وينكل بهم لكن بمحاكمات شكلية لا تحرج إسرائيل أمام المجتمع الدولي، واتفاق مجتمعي على ضرورة التنكيل بالفلسطيني بكل الوسائل الإجرامية والخسيسة الممكنة، والعالم مازال يشعر بالقلق!.".
وأوضح الإعلامي زين العابدين توفيق، أن في موضوع بيت ليد وسدي تيمان، لم يغضب أي مسؤول إسرائيلي عسكري أو سياسي في الحكم أو المعارضة على العنف الجنسي بحق أسير فلسطيني ووفاة 48 فلسطينيا في الأسر.
وأشار إلى أن المتظاهرين ومعهم الوزيران الفاشيان بن غفير و(وزير المالية بتسلئيل) سموتريتش اعترضوا على محاسبة الجنود الساديين وقائد الجيش وزعيم المعارضة واعترضوا على اقتحام معسكر الجيش.
ولفت إلى أن شرطة بن غفير التي تسحل مظاهرات عائلات الأسرى الإسرائيليين كل يوم لم تفعل أي شيء لمتظاهرين اقتحموا معسكرا للجيش.
ولفت توفيق، إلى أن الكل تحدث إلا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مبينا أن السكوت علامة الرضا والتواطؤ.
وبين أن زعيم المعارضة يائير لابيد أقر بأن حكومة نتنياهو بها وزراء فاشيون هم من يديرون المشهد.
غوانتنامو إسرائيل
وتعريفا بسدي تيمان وتأكيدا على أنه مشابه لمعتقل غوانتنامو ، قال الصحفي ضياء الكحلوت، إن السجن لم يكن معتقلا عاديا بل معسكر تعذيب للفلسطينيين وساحة انتقام منهم.
وذكر بأنه عقب الإفراج عنه بعد 33 يوما قضاها في بركسات سدي تيمان مشبوحا بلا تهمة شعر بأنّه خرج من الجحيم، ووصفه في أول مقابلة بسجن غوانتنامو الأميركي.
وأكد الكحلوت، أن كل ما يُحكى عن السجن وما سيحكى لاحقا يمثل القليل من الواقع، لأن الواقع الذي عايشته وعاشه آلاف المعتقلين فيه لا يمكن أنّ يتصوره أحد.
وأوضح الصحفي طلال مشاتي، أن سدي تيمان"، تعني باللغة العربية "حقل اليمن"، هي قاعدة عسكرية إسرائيلية بصحراء النقب جنوبي إسرائيل، اشتهر المحققون فيها بالتنكيل الجسدي والجنسي بالأسرى الفلسطينيين من غزة حتى بات يطلق عليها "غوانتنامو إسرائيل"، في إشارة إلى المعتقل الأميركي سيئ السمعة.
وأفاد بأن المعتقل سيئ الصيت عاد إلى واجهة الأحداث، بعدما تزايدت في الأشهر الأخيرة، التقارير المنددة بالاعتداءات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون من قطاع غزة فيه، وعادة تدعي السلطات الإسرائيلية أنها تحقق في الأمر دون نتائج ملموسة.
وأكدت مايا رحال، أن ما يرتكب من فظائع وجرائم حرب في معتقل سدي تيمان يفوق أضعاف أضعاف ما ارتكب في معتقل سجن أبو غريب بالعراق ومعتقل غوانتنامو ومعتقلات جزار وسفاح الشام بشار الأسد، من انتهاكات جسيمة بحق المعتقلين الفلسطينيين من تعذيب شديد يفضي إلى الموت والقتل، متسائلة: “أين منظمات حقوق الإنسان من هذه الانتهاكات؟”
وقال الباحث في العلاقات الدولية علي أبو رزق، إن ما حدث للأسرى من جرائم وانتهاكات مروعة ومؤسفة يستوجب الدعوة لانتفاضة ثالثة لردع هذا العدو الغاشم، داعيا القيادات السياسية والنقابية ونخب المجتمع المدني الاستقالة والتنحي جانبا بعد فشلهم في وقف جريمة الإبادة في غزة وفشلهم الأكبر في تحريك الشارع الفلسطيني للانتصار لقضية الأسرى.
وأكد الباحث معتز حازم، أن ما نسمعه عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال تدمي القلوب، قائلا: "لا عجب كلمة الناطق الرسمي لسرايا القدس أبو حمزة، في توجيه رسالة للدروز والذين يشكلون عددا ليس بالقليل إلى جانب اليهود أو حتى العملاء العرب الذين يشاركون في التحقيقات".
إسرائيل تتآكل
وتحت عنوان "ما يجرى في إسرائيل بداية.. والقادم حرب أهلية"، أكد السياسي أحمد رمضان، أن ما نشاهده في "بيت ليد" ليس صراعا بين جنود ومتطرفين متشددين، بل أشد وأقسى، وارتداد لأزمة أعمق، إنه حربٌ حول الهُوية والدولة والسيطرة والنفوذ، حربٌ وجودية، من يربحها يُهيمن، ومن يخسرها يخرجُ مذموما منبوذا.
وأشار إلى أن إسرائيل دولة اشتقاق من المنظومة الغربية، ترضعُ من ثديها، وتمرضُ معها، وقد بلغت حدا لم يعد بمقدورها تجاوز الانشقاقات، وحل النزاعات، وباتت الدولة بمؤسساتها أسيرة نفوذِ حفنةٍ صاخبةٍ من المتطرفين، يروِّجون للحرب، ويتبنَّون القمع، ويمزقون المجتمع، وينشرون الفوضى فيه.
وأكد رمضان، أن إسرائيل تتآكل والحروب لم تعد فرصة للهروب من أزمات الداخل، وهذه المرة نجح نتنياهو في التدمير الذاتي.
وقال الصحفي والكاتب خالد محمود، إن "إسرائيل تتآكل من الداخل!!"، لافتا إلى أن مقر رمز حكم القانون في جيش الاحتلال الإسرائيلي بمعسكر المحاكم في قاعدة بيت ليد العسكرية فى قبضة اليمين المتطرف، بعدما فقدت الشرطة السيطرة على الحدث وامتنع الجيش عن التعليق.
وبشر الكاتب السياسي إبراهيم المدهون، بأن إسرائيل نحو فوضى داخلية والقادم أعظم.
ورأى المحلل السياسي ياسين عز الدين، ما يحدث في بيت ليد من مقدمات الحرب الأهلية، لافتا إلى أن الأحداث في المعسكر تتفاقم، ورئيس الأركان هرتسي هليفي والناطق باسم الجيش دانيال هجاري متواجدون في المعسكر.
وقال إن الأثر الحقيقي للحدث هو جعله المجتمع الصهيوني أكثر قربا للحرب الأهلية، فالصهيونية الدينية عنيدة وعنيفة ومستعدة لفعل أي شيء للسيطرة على الدولة والجيش، وقد ينتهي الحدث خلال الساعات والأيام القادمة لكن تداعياته لن تتوقف، وهي هدية يقدمها اليمين المتطرف بغبائه وجحاشته للشعب الفلسطيني في أحرج الأوقات وأكثرها حساسية.
وأوضح الصحفي أحمد سمير، أن ما يحدث في "إسرائيل" هو شكل لتفكك النظام والمجتمع ومؤشر لانهيار النظام وشكل الدولة، مشيرا إلى أن مشهد الصدام الحاصل في بيت ليد "المنطقة العسكرية" يحمل مواجهات بين قوات الجيش الصهيوني واليمين المتطرف.
وقالت الصحفية منى العمري، إن ما حدث في سدي تيمان وبيت ليد هو يوم من مستقبل إسرائيل المنظور، ومشهد صارخ من مشاهد السيادة على الدولة، هو أعمق من فكرة صورة إسرائيل أمام العالم، وإن كان ذلك يهم أنصار دولة إسرائيل إلا أنه لا يهم أنصار دولة يهودا.
وأكد الناشط أحمد القاري، أن التصعيد الحاصل مقدمات حرب أهلية في إسرائيل، مشيرا إلى أن جنود وأعضاء في الكنيسيت وجماعات من جمهور الإرهاب الصهيوني يهجمون على قاعدة عسكرية لتحرير جنود إرهابيين آخرين متهمين بمخالفة أوامر عسكرية.
وقال: "إذا استسلم جيش الإرهاب للمتمردين فلن تكون له بعد اليوم سلطة على عناصره وإذا قمعهم فسيكون المشهد مؤذيا لكيان يدعي تماسكا لا يملكه".
وأضاف، أنه خلال هذا النزاع تتسرب بالتدريج تفاصيل ما مارسه جيش الإرهاب من تعذيب مميت على الأسرى الفلسطينيين.
وعد الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية، العنوان الرئيس في كيان العدو هو "إسرائيل تنهار"، قائلا إن ما تشاهده الآن في بيت ليد هو ذروة تفكك المجتمع الصهيوني، هذه المشاهد كان من المستحيل رؤيتها قبل عشرين عام حين كانت (إسرائيل قوية وكانت دولة).
وأضاف: "الآن نحن نتحدث عن مجتمع مليشيات تتصارع مع بعضها البعض وفي لحظة ما سنصل لحالة من الصراع الداخلي الدموي"، مؤكدا أن الحدث مفصلي، وسيكون له ما بعده حتى لو نجحت قيادات العدو في تجاوز هذه الأزمة لحظياً.