سلام فياض.. رئيس وزراء الانقسام الفلسطيني يعود من بوابة “اليوم التالي”
تولى فياض رئاسة حكومة تصريف الأعمال في الضفة الغربية
طفا اسم رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض على السطح مجددا ضمن الشخصيات القليلة التي تأمل أطراف عربية ودولية في أن تلعب دورا في اليوم التالي للحرب على غزة.
وطرحت الإمارات اسم فياض في اجتماع سري جديد عقد في 18 يوليو/تموز 2024 لمناقشة خطط اليوم التالي، بحسب ما كشف موقع أكسيوس الأميركي ووسائل إعلام عبرية من بينها القناة 14.
استضاف الاجتماع وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد في أبوظبي وحضره المبعوث الأميركي للشرق الأوسط بريت ماكغورك ومستشار وزارة الخارجية في واشنطن توم سوليفان.
وحضر وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، وهو من المقربين من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى جانب مسؤولين كبيرين من الجيش.
وقال موقع أكسيوس: “يريد الإماراتيون أن يكونوا جزءاً من حل في غزة لا يشمل (حركة المقاومة الإسلامية) حماس، ولكن لديهم أيضاً تحفظات قوية بشأن القيادة الحالية للسلطة الفلسطينية”.
وخلال اجتماع في يونيو/حزيران بين العديد من الوزراء العرب ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وصف عبد الله بن زايد القيادة الفلسطينية بـ "علي بابا والأربعين حرامي".
وأبلغ الإماراتيون إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد، محمد مصطفى، يعد أحد المقربين من عباس وبالتالي لن يكون مستقلا ولن يجري الإصلاحات اللازمة.
ودفع الإماراتيون من أجل تعيين مرشحين آخرين، بما في ذلك رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض ـ وهو منتقد لعباس ـ بدلا منه.
سلام فياض
فياض خبير اقتصادي وسياسي ليبرالي مستقل ورئيس وزراء سابق للسلطة الفلسطينية (2007-2013).
ولد في نابلس شمال الضفة الغربية عام 1952، وتلقى تعليمه الابتدائي فيها قبل أن ينتقل مع أسرته إلى الأردن حيث أكمل تعليمه الثانوي، ثم تخرج بدرجة البكالوريوس في الجامعة الأميركية ببيروت عام 1975.
حصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة سانت إدواردز عام 1980، وحصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة تكساس في أوستن عام 1986.
شغل فياض في بداياته عدة مناصب في التدريس والبحث وبدأ عمله مدرسا للاقتصاد في جامعة اليرموك بالأردن.
وأيضا شغل منصب باحث زائر في بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، قبل الانضمام إلى صندوق النقد الدولي من عام 1987 إلى عام 2001.
وشملت فترة عمله العمل كممثل مقيم لصندوق النقد الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة من عام 1996 إلى 2001.
ثم شغل منصب المدير الإقليمي للبنك العربي في فلسطين، وفي يونيو/حزيران 2002، عُين وزيرا للمالية في السلطة الفلسطينية.
وحتى استقالته في ديسمبر/كانون الأول 2005، شغل فياض هذا المنصب في عدة حكومات، وأدخل في هذه العملية إصلاحات مالية واسعة النطاق.
وبالاستناد إلى تاريخه وخبرته الواسعة وعمله في صندوق النقد الدولي، فقد تمكن من كسب ثقة واحترام المجتمع الدولي فيما يخص الشفافية والإصلاح الاقتصادي.
وفي يناير/كانون الثاني 2006، ترشح للانتخابات ضمن قائمة من المستقلين، وانتُخِب لعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني، حيث شغل منصب رئيس لجنة المالية.
وفي مارس/آذار 2007، عُيِّن فياض مرة أخرى وزيرا للمالية في حكومة الوحدة الوطنية، وفي يونيو/حزيران 2007، عُيِّن رئيسا للوزراء، وهو المنصب الذي شغله حتى تنحيه في يونيو/حزيران 2013.
وتولى فياض رئاسة حكومة تصريف الأعمال في الضفة الغربية بعد حلِّ حكومة الوحدة الوطنية برئاسة إسماعيل هنية وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007 إثر أحداث الانقسام الفلسطيني.
وجاءت استقالة فياض من رئاسة الحكومة بعد فشله في تشكيل حكومة وحدة وطنية بين حركتي التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” وحماس، وبسبب وجود تباين في وجهات النظر بين مؤسستي الرئاسة ومجلس الوزراء.
رجل طموح
وفي خطاب ألقاه في جامعة القدس خلال يونيو 2009، طرح فياض مفهوم خطة طموحة جرى اعتمادها في أغسطس/آب من نفس العام.
وكانت هذه الخطة بمثابة منصة انطلاق للحكومة الثالثة عشرة للسلطة، لبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقبلية.
تضمنت الخطة إقامة مؤسسات متكاملة وإنشاء مشروعات سيادية تتيح قيام دولة مستقلة سنة 2011 من غير انتظار نتائج المفاوضات مع إسرائيل.
وقال فياض وقتها إن هذه الخطة تشكل تحديا للإرادة الفلسطينية، وشكلا من أشكال المقاومة، وتفصل عمل جميع الوزارات في العامين المقبلين.
كما تضمنت الخطة إنشاء مطار دولي في الأغوار دون التخلي عن استعادة مطار قلنديا القريب من القدس والواقع تحت السيطرة الإسرائيلية.
وبحلول أبريل/نيسان 2011، بعد مرور عام ونصف العام على تنفيذ البرنامج، ووفقا لتقارير الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، كانت السلطة الفلسطينية قد حققت مكانة وسمات الدولة العاملة في قطاعات الحكم الرئيسة.
وقد أشاد فياض الداعم بقوة لحل الدولتين بهذا الاعتراف بوصفه شهادة ميلاد لواقع دولة فلسطين التي رفضتها إسرائيل في ذلك الوقت.
كما رفضت حركتا حماس وفتح وباقي الفصائل الخطة التي لم تحظ بموافقة تشريعية وقالوا إنها تقضم الأرض الفلسطينية وتحسن شروط الاحتلال.
وفي عام 2010، اختير فياض كواحد من أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم حسب مجلة تايم الأميركية.
كما جرى اختياره كواحد من أفضل 100 مفكر عالمي حسب مجلة السياسة الخارجية في عامي 2010 و2011.
وقد تم توثيق جزء من جهود فياض لبناء الدولة في الفيلم الوثائقي الإسرائيلي "الدولة 194" الذي عرض لأول مرة في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي في 10 سبتمبر/أيلول 2012.
في فبراير/شباط 2013، أنشأ قسم الاقتصاد في جامعة تكساس في أوستن صندوق سلام فياض للتميز الاقتصادي.
وكان فياض قد اختير كخريج متميز من جامعة تكساس عام 2008. وفي أغسطس 2013، أسس مؤسسة "مستقبل فلسطين"، غير الربحية.
وجرى تعيينه رئيسا لمجلس أجندة المنتدى الاقتصادي العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عام 2014.
كما سمي “رجل دولة متميز” في مركز برنت سكوكروفت للأمن الدولي في المجلس الأطلسي بالإضافة إلى كونه زميلا بارزا في كلية هارفارد كينيدي.
كما يعمل فياض حاليا، باحثا زائرا أول في كلية وودرو ويلسون للشؤون العامة والدولية في جامعة برينستون ويعد زميلا متميزا في مؤسسة بروكينجز.
حماس وفتح
ورغم ترؤسه أول حكومة بعد الانقسام الفلسطيني عام 2007، لم يُعرف عن فياض انحيازه لأي الطرفين المتخاصمين، فتح وحماس.
لكن تعاملت حماس مع حكومته على أنها غير شرعية كونها ولدت من رحم الانقسام بعد عدم تمكين الحركة الإسلامية من الحكم رغم فوزها بأغلبية ساحقة في الانتخابات التشريعية عام 2006.
وفي مطلع عام 2008، طالب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وقتها خالد مشعل برحيل حكومة تصريف الأعمال برئاسة سلام فياض.
وقال في خطاب ألقاه من دمشق بمناسبة الذكرى العشرين لانطلاقة حماس إن “على الجميع أن يمنع الحكومة من أن تقامر بمصالح الشعب الفلسطيني”، واتهمها بأنها “تلاحق شعبنا في كل مكان وتنزع سلاح المقاومة”.
وفي أبريل/نيسان 2010، دعت حماس إلى محاكمة فياض بسبب تصريحات لصحيفة هآرتس العبرية فهم منها تنازله عن حق اللاجئين في العودة، بعد حديثه عن دولة فلسطينية مستقبلية تكون قادرة على استيعابهم.
وقالت حماس في بيان لها إن فياض "لا بد أن يقدم للمحاكمة الشعبية والرسمية"، ووصفته بأنه شخصية غير شرعية اغتصبت الحكم في الضفة الغربية. وأضافت أن تصريحاته بالغة الخطورة وتجعله “سواء مع سماسرة الأرض والقضية”.
كما لم تكن “فتح” راضية عن أدائه وهاجمته في بيان رسمي للمرة الأولى عام 2013، على الرغم من انتقادات سابقة كثيرة وجهها له قياديي الحركة.
وتعرض فياض أثناء ترؤسه للحكومة لانتقادات متكررة من حركة فتح والنقابات خاصة نقابة الموظفين على خلفية الأزمة المالية الحادة التي كانت تواجهها حكومته وانتقادات لأدائها وتعيين وإقالة الوزراء، دون الرجوع للحركة أو الرئيس محمود عباس.
كما هوجم فياض من حركة فتح التي يترأسها أيضا محمود عباس على خلفية زيارته إلى غزة عام 2015 ضمن محاولات تحقيق الوحدة الوطنية.
وقتها، قال المتحدث باسم حركة فتح أسامه القواسمي، إن "فياض لا يمثل شيئا في المجتمع الفلسطيني، وليس لديه من التاريخ الوطني والمهني ما يؤهله لتقديم النصح والإرشاد لأحد، وعندما يستدعي علية القوم لتحمل المسؤولية، فالأولى به أن يصمت مرة وللأبد”.
وتابع القواسمي أن “فياض يبحث لنفسه عن دور سياسي مشبوه، ونعلم جيدا علاقاته واتصالاته غير الوطنية، والدور المناط به في هذه المرحلة الحرجة والحساسة التي تحاول فيها إسرائيل إخضاع القيادة الفلسطينية وتحديدا الرئيس محمود عباس لشروطها وإملاءاتها”.
ومنذ استقالته من الحكومة وظهور خلافاته مع عباس إلى العلن، لم تتوقف حركة فتح عن مهاجمة فياض والتأكيد على عدم وجود دور مستقبلي له، كونه يخرج عن الخط العام الذي يحدده الرئيس.
اختيار مريب
وجاء طرح اسم سلام فياض مرة أخرى كونه رجل اقتصادي من الدرجة الأولى، على الرغم من إخفاقاته وقراراته الكارثية في هذا الجانب خلال وجوده في الحكومة.
وترك فياض ديونا كبيرة على السلطة الفلسطينية قبل استقالته عام 2013، وفق ما كشفت الحكومة اللاحقة برئاسة رامي الحمدالله.
وقال محمد مصطفى نائب رامي الحمدالله عقب اجتماع الحكومة الاول إن مديونية السلطة وصلت إلى 4.2 مليارات دولار.
وبين مصطفى الذي أصبح اليوم الرئيس الحالي للحكومة إن من تلك الديون 1.2 مليار دين محلي، ونحو مليار دولار دين لمؤسسات خارجية عليها تعثر وفوائد بقيمة مائة مليون دولار، ومتأخرات والتزامات أخرى.
وإضافة إلى الديون، نفذ فياض مجزرة بحق الموظفين عندما قطع رواتب الآلاف منهم ومنع صرف علاوات آخرين بعد سنوات الانقسام، بحسب ما قال الرئيس الأسبق لنقابة العاملين في الوظيفة العمومية بسام زكارنة عام 2013.
وأضاف زكارنة وقتها أن فياض اتبع سياسة الارض المحروقة باستهداف كل القطاعات قبل مغادرته الحكومة.
إذ أوقف رواتب 7000 موظف بدون أي سند قانوني وأوقف العلاوة الدورية وعلاوة غلاء المعيشة واستهدف اتحاد المعلمين وضرب العام الدراسي من خلال المراوغة والتسويف والاستهتار بكل الاتفاقيات مع النقابات وإقرار الموازنة دون أي مشاركة من أحد وعدم احترام تنفيذها.
واليوم، بعد العدوان الإسرائيلي، يقترح فياض خطة لإحلال السلام في غزة بشكل دائم، تتضمن إجراء إصلاحات ستمكن منظمة التحرير الفلسطينية من قيادة القطاع وإخضاعه لحكمها.
وقال فياض في تحليل كتبه بمجلة "فورين أفيرز" الأميركية في 28 أكتوبر 2023، إنه “في ظل هذه الظروف، فإن الأولوية الأولى لا بد أن تكون وقف الاندفاع نحو الهاوية. ولتحقيق هذه الغاية، يتعين على حماس أن تطلق سراح المدنيين الإسرائيليين الذين تحتجزهم من دون قيد أو شرط”.
ورأى أن “السلطة الفلسطينية، في تشكيلتها الحالية، لا يمكن أن توفر الإجابة عن سؤال اليوم التالي لأنها غير مستعدة لحكم غزة ولن تكون قادرة على فعل ذلك بسبب شرعيتها المتضائلة”.
كما عاد فياض للكتابة في نفس المجلة في 20 يونيو، ليؤكد على دعوته لقيادة الحركة الوطنية أن تتحد تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، التي يتعين عليها أن تقبل بانضمام حركة حماس، فضلا عن الفصائل المهمة الأخرى، إلى عضويتها.
ورأى أن توحيد الجبهة الداخلية عنصر أساسي لتمكين السلطة الفلسطينية من الاضطلاع بدورها الصحيح في حكم كل من غزة والضفة الغربية بما يتوافق مع تفويضها عند إنشائها في عام 1994.
وأكد أن حركة حماس لن تختفي من المشهد، وستظل موجودة حتى بعد أن ينجلي غبار الحرب وأنها ستؤكد بكل ثقة أنها منتصرة، فيما ستجد إسرائيل صعوبة في الادعاء بأنها فازت، وستفشل في تحقيق معظم -إن لم يكن كل- أهدافها المعلنة (بشأن العدوان).
وعلى المدى القريب -وفق فياض- ستكتسب حماس قدرا أكبر من المصداقية داخل كل من غزة والضفة الغربية. وإذا لم تكن قد فعلت ذلك بالفعل، فإنه يرجح أن ينتهي بها المطاف إلى منافسة منظمة التحرير على تمثيل الشعب الفلسطيني.
المصادر
- Scoop: U.S., Israel and UAE held a secret meeting on Gaza war "day after" plan
- حماس تدعو لمحاكمة فياض
- تلقّى اتهامات..هاجمته فتح وقاطعته حماس:فياض يثير الجدل في غزة ويطرح رؤيته للوحدة:مشكلة الموظفين لا تُحل بأرض المزيد على دنيا الوطن .. https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2015/12/02/824694.html#ixzz8hMpNg7aY Follow us: @alwatanvoice on Twitter | alwatanvoice on Facebook
- Salam Fayyad
- مشعل يهاجم حكومة فياض ويتهمها بملاحقة المقاومة
- Why Palestinian Unity Matters
- A Plan for Peace in Gaza