"سيستمر التهديد حتى لو هدأت غزة".. معهد عبري: هل حان وقت إسقاط الحوثيين؟

منذ ٢٥ يومًا

12

طباعة

مشاركة

اعترف معهد دراسات الأمن القومي العبري بعدم فعالية الإستراتيجية الإسرائيلية الحالية في التعامل مع جماعة الحوثيين التي تواصل إطلاق الطائرات المسيرة نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ورأى المعهد التابع لجامعة تل أبيب أن نهج الحوثيين في الآونة الأخيرة ضد إسرائيل، يهدف إلى إنهاك "السكان" من أجل زيادة الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو لوقف العدوان على غزة.

ويدعو إلى زيادة نشاط التحالف (الأميركي البريطاني) مع إسرائيل بشكل كبير ضد قيادة التنظيم لإنهاء قدرته على إنتاج الصواريخ وإطلاقها. 

وتشن طائرات أميركية بريطانية إسرائيلية هجمات بين حين وآخر على مناطق سيطرة الحوثيين، منذ أن بدأت الجماعة إطلاق مسيرات نحو الأراضي المحتلة نصرة لقطاع غزة.

كما شكلت الولايات المتحدة نهاية العام 2023، تحالفا دوليا للتصدي لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر تحت مسمى "المبادرة الأمنية متعددة الجنسيات" يضم عشرة بلدان بينها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والبحرين.

وتركز النشاط الحوثي على إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة نحو الأراضي المحتلة في البداية باتجاه منطقة إيلات (أم الرشراش). ومع التحسينات التكنولوجية التي أدخلها الحوثيون، باتوا يستهدفون منطقة غوش دان في تل أبيب الكبرى أيضا.

وسبق ذلك بدء الجماعة استهداف السفن الإسرائيلية وتلك المتوجهة إلى الموانئ في الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر البحر الأحمر وبحر العرب.

استنزاف مستمر

وتابع: "يبدو أن الحوثيين انتقلوا إلى مرحلة جديدة في معركتهم ضد إسرائيل، حيث يحاولون الآن استنزاف سكانها من خلال إطلاق الصواريخ بشكل شبه دوري باتجاه منطقة تل أبيب الكبرى".

وأشار إلى أنه من منظور الحوثيين، حتى وإن اعتُرضت هذه الصواريخ، فإنهم "يحققون الهدف".

وتابع: "إذ ينجحون في ممارسة الضغط على السكان الإسرائيليين، فالإنذارات الليلية تُطلق في مناطق واسعة من غوش دان (عصب الاقتصاد في تل أبيب)، حتى بعد الاعتراض الناجح، خشية سقوط شظايا الصواريخ".

في مقابل ذلك، يوضح أن "إسرائيل اكتفت بردود محدودة، استنادا إلى قدرات سلاح الجو الإسرائيلي الذي قصف أربع مرات خلال عام 2024 مواقع بنية تحتية في اليمن، لا سيما في منطقة ميناء الحديدة والعاصمة صنعاء".

وأضاف: "في 26 ديسمبر/ كانون الأول 2024، كان المطار الدولي في صنعاء هدفا للهجوم الإسرائيلي".

ويعقب المعهد قائلا: "وربما كان هذا النشاط ناجحا على المستوى العملياتي، لكنه لم يغير الواقع الحالي بشكل فعلي، وذلك لأن الحوثيين لم يتوقفوا عن إطلاق النار على إسرائيل، وتسببوا عمليا في تجفيف ميناء إيلات، الذي أصبح نشاطه الآن معطلا تماما".

فقد أدت عدم فعالية الرد الإسرائيلي ضد الحوثيين، والتحديات العملياتية التي يفرضونها على إسرائيل، إلى ظهور أصوات بارزة داخل المنظومة الأمنية تدعو إلى دراسة إمكانية توجيه ضربات لإيران لوقف الهجمات القادمة من اليمن.

ويوضح أن هذه الدعوة تستند بشكل أساسي إلى حقيقة أن حزب الله اللبناني قد أُضعف بشكل كبير، بعد المواجهة الأخيرة مع إسرائيل.

وأردف: "وبالنظر إلى نتائج الهجوم الإسرائيلي في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، الذي ألحق أضرارا جسيمة بمنظومة الدفاع الجوي في طهران وبقدرتها على إنتاج الصواريخ، أصبح من الأسهل لإسرائيل العمل ضد إيران وداخل أراضيها".

الحوثيون مستقلون

ومع ذلك، يُشدّد المعهد على أنه "حتى وإن كان من الناحية العملياتية أسهل على إسرائيل التحرك علنا ضد إيران، فإن احتمالية أن يغير هذا الهجوم موقف الحوثيين تجاه مواصلة عملياتهم ضدنا، منخفضة للغاية". 

"إذ إن العلاقة بين إيران والحوثيين بعيدة كل البعد عن أن تكون علاقة راع ووكيل"، وفق معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي.

ويعتقد أنه "على الرغم من أن الحوثيين يعتمدون على الدعم الإيراني في بناء قوتهم العسكرية، بما في ذلك تزويدهم بأسلحة إستراتيجية، فإنهم يتمسكون باستقلالية قراراتهم، ولا يأخذون المصالح الإيرانية بالضرورة في الحسبان".

"والدليل على ذلك، أنه عندما هددت الإدارة الأميركية الإيرانيين وطالبتهم بالضغط على الحوثيين لوقف إطلاق النار على سفن الولايات المتحدة العابرة في البحر الأحمر، لم يتغير شيء".

وأضاف: "سواء أكان الإيرانيون قد تواصلوا مع الحوثيين ورُفض طلبهم، أم أنهم لم يتواصلوا معهم على الإطلاق، فإن النتيجة واحدة: وهي أن قدرة طهران على التأثير على قرارات الجماعة محدودة للغاية".

ورأى المعهد أن الحوثيين يرون في أنشطتهم ضد إسرائيل "انضماما إلى دوري الكبار"، سواء في نظر بقية أعضاء "المحور" (الذين يمتنع معظمهم عن استخدام القوة ضد إسرائيل)، أو في نظر دول المنطقة التي ستدرك أنهم قوة يجب أن يُحسب لها حساب.

علاوة على ذلك، رأى أنه "من الصعب أو حتى المستحيل إنشاء معادلة ردع مع الحوثيين، الذين لا يملكون الكثير ليخسروه".

واستطرد: "إن استمرار أنشطتهم ضد إسرائيل والولايات المتحدة يعزز قوتهم حتى داخل اليمن، حيث يرزح السكان المحليون تحت وطأة الأزمة الاقتصادية في ظل حكمهم".

ولذلك، شدد المعهد على أن استمرار النمط الحالي من النشاط الإسرائيلي في اليمن، وحتى الهجوم المباشر على إيران، لن يغير فعلا شيئا في الواقع الحالي للعلاقات بين إسرائيل والحوثيين. 

بالإضافة إلى ذلك، حذر من أن الهجوم الإسرائيلي على إيران قد يدفع القيادة الإيرانية للرد ضد إسرائيل الأمر الذي يقود المنطقة إلى صراع واسع.

 وهو أمر مشكوك في أن الإدارة الحالية أو المستقبلية لواشنطن، ترغب فيه في الوقت الراهن، وفق المعهد.

تغيير الأساليب 

وفق المعهد، تتمثل أساليب المواجهة التي يجب اتباعها ضد الحوثيين في خمس نقاط رئيسة:

أولا: يجب أن تكون العمليات مستمرة ومتواصلة ضد الحوثيين، حيث ينبغي بقاؤهم في حالة دفاع دائم.

ثانيا: يجب أن يكون هناك تنسيق مع التحالف الدولي، لتكثيف الأنشطة ضد أهداف الحوثيين في اليمن.

ثالثا: ينبغي استهداف قيادة الحوثيين بشكل مستمر، مع التركيز على القيادات العليا في الجماعة.

رابعا: لا بد من تعزيز القدرات الاستخباراتية بالتعاون مع دول الخليج، للمساعدة في جمع المعلومات اللازمة لضرب أهداف حيوية للحوثيين.

خامسا: يجب منع طهران من تقديم الدعم العسكري للحوثيين، عبر ضرب قوات فيلق القدس الإيراني في اليمن. 

وفي هذا الإطار، أكد أن "المشكلة الحوثية لا تمثل تحديا لإسرائيل فحسب"، مشددا على أنه "ليس من الصواب تحويلها إلى قضية خاصة بها".

وتابع زاعما: "إنها مشكلة لدول المنطقة وللنظام الدولي بشكل عام، والتي تعتمد على حركة الملاحة في منطقة باب المندب". ومن أجل ذلك، دعا إلى الاعتماد، بجانب النشاط الإسرائيلي، على عمل التحالف الدولي.

وأيضا "التوصل إلى اتفاق مع أعضاء فريق الرئيس الأميركي المنتخب ترامب بشأن ضرورة زيادة فاعلية التحالف ضد الحوثيين بشكل كبير، خاصة في ظل تعقيد العمل في مسافة بعيدة عن الحدود الإسرائيلية".

وشدد المعهد على أنه "لا مفر في نهاية المطاف من الإطاحة بحكم الحوثيين في اليمن، حتى لو انتهت الحرب بغزة، وحتى لو أوقفوا إطلاق النار".

وأكمل: “لن تكون هذه المهمة سهلة، ولكن على النقيض تماما من دول أخرى في المنطقة، يوجد في اليمن قوى أخرى -خاصة في جنوب البلاد- تعتمد على الدعم السعودي والإماراتي”، في إشارة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي.

وبين أن المجلس المذكور "يمكنه تحمل المسؤولية -على الرغم من وجود خلافات بشأن وحدة اليمن- حال انهيار حكومة الحوثيين".

لكن لفت المعهد الأمني إلى أن "الحوثيين تعلموا درسا من الأحداث الراهنة، وهو كيفية استخدام القوة العسكرية التي بنوها مع إيران، للضغط على دول المنطقة للحصول على تنازلات سياسية".

تحد مشترك

وأردف: "في ضوء ذلك، حتى لو توقف إطلاق النار على إسرائيل مؤقتا، فمن المرجح أن يستأنف القتال في المستقبل لأسباب أخرى".

وأضاف: "كما أن المعرفة الحوثية المكتسبة في الحملة ضد إسرائيل يجرى نقلها إلى عناصر أخرى تعمل بالوكالة عن إيران في الشرق الأوسط، مثل المليشيات الشيعية في العراق، وهذا سبب آخر يشير إلى أهمية العمل على الإطاحة بنظام الحوثي".

واستطرد: "على افتراض أن هذا هدف قابل للتحقيق، فإنه سيشكل ضربة قاسية لجهود إيران لبناء القوة وترسيخ نفسها بالبحر الأحمر والقرن الإفريقي".

وبناء على ما سبق، خلص معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي إلى أن "سياسات الحكومة لم تكن كافية حتى الآن لتغيير الواقع الذي يفرضه الحوثيون".

وبالرغم من إقراره بأن "الساحة اليمنية لم تكن على رأس أولويات إسرائيل"، فإنه يشير إلى أن ذلك هو ما جعل تل أبيب "تدفع ثمنا باهظا، من حيث قدرتها على العمل بفعالية ضد التهديد اليمني".

واستدرك: "لكن حان الوقت لتغيير الوضع برمته، ومن غير المرجح أن تكون هناك طريقة أخرى".

ورأى المعهد أن التحدي الحوثي يشكل ضرورة لإسرائيل للاعتراف بأن المسافة والتحدي العملياتي يؤديان إلى أنه لا يوجد "ضربة قاضية" في المعركة ضد الحوثيين، وأنه من الأفضل أن يكون الرد على التحدي مشتركا وليس عبر إسرائيل فقط.

كما أكد على ضرورة بناء قدرات استخباراتية وزيادة الحضور في منطقة البحر الأحمر، لتسهيل العمليات المستمرة ضد الجماعة.

علاوة على ذلك، شدد على أنه "يجب الضغط على التحالف بقيادة الولايات المتحدة بشكل كبير لتنفيذ الضربات ضد كبار قادة الحوثيين ونظام تصنيع الأسلحة في حوزتهم، مع الاستفادة من المعلومات الاستخباراتية التي تملكها دول الخليج".

وأضاف: "ستخدم الحملة الفعالة ضد الحوثيين أيضا المصالح الثنائية لإسرائيل مع كل من الإمارات والبحرين والسعودية، والذين يعدون، بدورهم، هذه الجماعة تهديدا حقيقيا".

كما اختتم بالإشارة إلى أن الحملة ضد الجماعة "ستتيح إعادة فتح قناة السويس في مصر للسفن المتجهة إلى إسرائيل، وهي خطوة ستسهم بشكل كبير أيضا في إعادة بناء الاقتصاد المصري".