لواءات يحكمون محافظات مصر بالإهانة والاستعلاء.. وناشطون: غير مؤهلين للحكم المدني

"أنتم مجموعة من الفسدة الذين أوصلتم مصر إلى حافة الإفلاس"
استياء واسع أثاره مقطع فيديو يوثق إهانة محافظ سوهاج اللواء عبدالفتاح سراج، طبيبة نساء وتوليد وجهت والد طفل بإحضار تذكرة دخول قبل الكشف على نجله خلال فترة مناوبتها.
المحافظ قال خلال جولة ميدانية بمستشفى المراغة المركزي، للطبيبة سمر أنور التي وجه لاحقا بإحالتها للتحقيق: "قاعدة في مكتبك بتعملي إيه؟!"، لترد: "قولتلهم روحوا هاتوا تذكرة دخول"، ليُكمل: "يعني المشكلة في تذكرة الدخول؟ شوفي العيان الأول.. معندكيش ضمير ولا إحساس!".
ونددت الطبيبة في منشور كتبته على حسابها بـ"فيسبوك" بأسلوب المحافظ، مؤكدة أنها قامت بواجبها على أكمل وجه، وأنها لم ترتكب أي خطأ.
وتساءلت: “ هو عادي إني أتعامل بالطريقة دي وأتهزأ وأنا والله العظيم مليش أي ذنب في اللي حصل، بل والله عملت معاهم أكتر من واجبي وصلاحياتي بكتير؟”
وواصلت الطبيبة سمر تساؤلاتها: "هو لحد امتى هتفضل الدكاترة ملطشة الكل كده"، قائلا: " حسبي الله ونعم الوكيل، عند الله تجتمع الخصوم".
وعقب انتشار المقطع الذي يوثق إهانة المحافظ للطبيبة، تقدم أعضاء مجلس نقابة الأطباء الفرعية بسوهاج، باستقالتهم في 17 يوليو/تموز 2024، تضامنا مع زميلتهم، ونشروا ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي.
من جانبه، اعتذر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحفي عن الحادثة قائلا:"نحن كمسؤولين تنفيذيين نحرص على تحقيق رضا المواطن، ومن حق المحافظ أن يحقق أفضل خدمة المواطن، لكن دون تجاوز فى حق العاملين بالدولة.. وأقول للطبيبة حقك عليا ونعتذر لك إذا ثبت حدوث تجاوز".
ولاحقا، استقبل محافظ سوهاج، طبيبة المراغة بمكتبه، وقال لها “حديثي معك كان حديث أب لابنته، هدفنا جميعا مشترك وهو خدمة المواطن”.
وجاء تعنيف الطبيبة بعد أيام من اقتحام محافظ الدقهلية اللواء طارق مرزوق مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون سابقا، منزل سيدة وأمر الفريق المرافق بتصويرها لشكوكه في مخالفتها نظام الحصول على الخبز المدعوم، وحصولها على حصة زائدة على حصتها.
وندد ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #طبيبة_المراغة، #محافظ_سوهاج، #سمر_أنور وغيرها بتصرف محافظ سوهاج، وصبوا غضبهم على المحافظين الجدد القادمين من مؤسسات أمنية وعسكرية.
غضب واستياء
وتفاعلا مع الأحداث، قال المسؤول السابق بوزارة الصحة مصطفى جاويش، إن طبيبة المراغة تكشف جهل اللواء محافظ سوهاج باللوائح والقوانين الحاكمة للمهنة الطبية.
من جهته، وصف الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل، اللواء بالبلطجي، مستنكرا تطاوله على طبيبة بكل صفاقة وانحطاط.
ورفض التعامل مع الأطباء على أنهم "الحائط المائل"، متسائلا: “هل المشكلة أن الطبيبة منتقبة؟ أم المشكلة أنك تريد أن تعمل شو مثل اللواء محافظ المنوفية الذي قال فين البالطو؟”
ودعا المحافظين للنزول والتفتيش عن الفساد والمحليات الضائعة والعقارات التي تنهار.
ووصف الحقوقي أسامة رشدي، ما فعله محافظ سوهاج بأنه "سلوك همجي"، وأن أسلوبه في الحديث منتهى قلة الأدب والعجرفة، قائلا إن المحافظ "عايز يعمل فيلم إعلامي والنتيجة كما يراها الناس الآن".
وأشار إلى أن النظام المفروض على الطبيبة هو أن يحضر المريض بتذكرة من المستشفى قبل الكشف عليه، قائلا للمحافظ: "إذا كنت تملك تغيير هذا النظام فلتغيره ولا تَلُم من يطبقه".
وأكد رشدي، أن محاولة تملق الجمهور وإهانة الأطباء عمل بوليسي مدان لا مكان له في المستشفيات.
ووجه المفكر عز الدين محمود، رسالة لمحافظ سوهاج، قائلا: "أنت المفروض تروح وتلبس الجلابية.. أولا أنت متقاعد وعلى العسكر التوقف عن الاعتقاد أنهم يملكون الأرض وما عليها فأنتم مجموعة من الفسدة الذين أوصلتم مصر إلى حافة الإفلاس".
واستهزأ الطبيب المصري يحيى غنيم، بمحافظ سوهاج وما فعله مع الطبيبة، مخاطبا زميلته: "إنت متعرفيش إن البيه المحافظ لواء! يعنى يفهم فى كل حاجة! قال لك:إديلو محاليل؟ إديلو محاليل.. قال لك: عالجى المريض بالفهلوة؟ عالجيه بالفهلوة.. قال لك استخدمى جهاز الكفتة؟ استخدمى جهاز الكفتة.. وإذا لم تجدى جهاز الكفتة؛ استخدمى الممبار!".
وسخر السياسي عمرو عبدالهادي، مما فعله اللواء محافظ سوهاج مع الدكتوره، قائلا: "الراجل لقى نفسه فاضي فنزل يبهدل شوية مصريين مدنيين".
أرض اللواء
وتأكيدا على أن تكرار هذه الوقائع نتيجة لتسليط العسكر على رقاب المدنيين، عرضت الصحفية عائشة السيد مجموعة فيديوهات لـ5 أعضاء من العصابة الحاكمة لمحافظات مصر، تظهر الوضع الحالي.
وكان المقطع الأول لمحافظ أسوان وهو يقود حملة إزالة لبيوت الأهالي بحي الصداقة لبناء الكباري وسط صراخ الأهالي، قائلا: "شيل شيل كفاية كدة عليهم".
ونشرت فيديو آخر لمحافظ كفر الشيخ سيد نصر، أجاب على مذيع سأله: "ماذا تقول لمن لم يصوتوا في الانتخابات" قائلا: "اقعدوا في بيوتكم وشوفوا اللي يطبطب على قفاكم من ورا، جتكم ستين نيلة!".
كما عرضت السيد، فيديو آخر لمحافظ الدقهلية أثناء اقتحامه حرمة البيوت لمصادرة 4 أكياس خبز ثمنهم 80 جنيها ويردهم لخزينة الدولة، وسلطت الضوء على مقطع لمحافظ بورسعيد أثناء اجتماعه مع المشايخ يعطيهم التعليمات، واختتمت بعرض مقطع محافظ سوهاج الجديد وهو يهين الطبيبة.
ورأى الشيخ مصطفى الصغير، أن مصر أصبحت فعلا "أرض اللوا" حيث يتحكم حفنة من اللواءات المتقاعدين في كل مفاصلها ووظائفها القيادية وخصوصا المحافظين، والأعجب أنهم يتعاملون مع المحافظة بفكر الكتيبة، ومع المواطنين على أنهم عساكر.
واستنكر حدوث واقعتين في أسبوع واحد الأولى واقعة اللواء محافظ الدقهلية في معركة مع بائعة خبز، واليوم اللواء محافظ سوهاج تعدى على طبيبة المراغة وحاول التملص بالاعتذار، بعد تصعيد الأطباء وتدوال الأمر بكثافة.
واستنكر الصحفي أحمد بكري، أن محافظ الدقهلية ومحافظ سوهاج كل مؤهلاتهم في الحياة أنهم لواءات شرطة سابقين.
ووجه سؤالين للمحافظ: “هل حضرتك تقدر تمر على قسم شرطة في سوهاج ومعاك شلة المصوراتيه وتعمل نفس اللقطة دي على الظباط ولا هي البطولة على الأطباء فقط؟ وهل حضرتك سمعت عن عجز الأطباء في مصر اللي طفشوا بسبب التصرفات الرخيصة اللي بتعملها أنت وأمثالك من المحافظين اللواءات؟”
وأكد السينمائي عمرو واكد، أن السلطة عند سيادة اللواء محافظ سوهاج وقبله عند سيادة اللواء محافظ الدقهلية لها مفهوم مبني على الرغبة المفرطة في التسيّد الأجوف، أي بدون حق أو دافع أو سبب، تسيّد من أجل الاحساس بوهم التفوّق وأسطورة السيطرة.
وقال إن هؤلاء اللواءات تجدهم مرصوصين خاشعين كل بدوره أمام سيدهم الذي يخشع هو الآخر لسيده، مؤكدا أنها سلسلة من الأسياد العبيد في منظومة سلطة فاسدة تزوجت من المال والسلاح والقضاء والاحتلال.
ورجح الصحفي صلاح بديوي، تلاعب المخابرات بالناس وفق سياسة الإلهاء والإشغال لا أكثر، مؤكدا أن لقطات إهانة المحافظ للطبيبة صورت عن عمد من قبل الأمن وتوزع على السوشيال ميديا لهذا الغرض.
وعد أحد المغردين، المحافظ العسكرى سواء شرطة أو جيش هو رجل بلا عقل، قائلا: "أخطروهم بالتفاعل مع الجماهير والاهتمام بالخدمات فهرع أغباهم لملاحقة سيدة تعيش على جمع بطاقات وشراء خبز للجيران، والآخر أهان طبيبة وسخر منها وعندما جاء له الأمر بالاعتذار اعتذر".
وعرض الصحفي أحمد عطوان، رسالة زوج الطبيبة يوضح فيها ارتكاب اللواء المحافظ جريمة أخرى لم يكشف عنها الفيديو وهي تهديدها بالإعدام هي ودكتور زميلها في الباطنة، وإهانتها لأنها محتشمة ومنتقبة ولم يعجبه لبسها وشكلها.
وعلق قائلا: "قلنا مرارا إن السادة اللواءات مكانهم المعسكرات ولا يصلحون للحكم المدني أو التعامل مع المدنيين فهم يحتقرون بجنون العظمة أي شيء مدني".
اعتذار وانصياع
وتحت عنوان "لماذا اعتذر محافظ سوهاج للطبيبة المنتقبة.. خلاصة الخلاصة!"، أرجع الصحفي أحمد حسن الشرقاوي، اعتذار المحافظ لحملة التضامن مع الطبيبة والتي دفعت المحافظ للتراجع، مؤكدا أن هذه عادة العسكر، يخشى من تجميع الناس واكتشاف هدفه البعيد، وهو معاداة كل ما له سمت إسلامي سواء الزي أو اللحية والنقاب وغيره.
وعلق الإعلامي أسامة جاويش، على خبر استقبال محافظ سوهاج لطبيبة المراغة بمكتبه واعتذاره لها، قائلا: "برافو يا جماعة الضغط بيجب نتيجة مع المهزأين دول".
وعد الصحفي عماد البحيري، اعتذار مصطفى مدبولي لطبيبة سوهاج جيد، ورأى أن الاعتذار وضع من هبوا بسرعة للدفاع عن المحافظ فى موقف حرج، متسائلا عن المعيار الذي يتم على أساسه اختيار المحافظين مثل محافظ الدقهلية وأشكالهم فى مثل هذه المناصب.
وروى خبير إدارة الأزمات مراد علي، أن منذ سويعات قليلة، كان سعادة اللواء محافظ سوهاج يصرخ ويتنمر على طبيبة المراغة ويتطاول عليها، ظنّا منه أنها ستخضع له كما اعتاد من جنود الأمن المركزي وضباط الشرطة الذين تعامل معهم طيلة مسيرته، لكنّ الطبيبة لم تُذعن، وزوجها وقف جانبها مدعومين من زملائهما ومن نقابة الأطباء.
وقال: "عندما اتحدت القوى في وجه الظلم والبغي، ظهرت هشاشة سعادة اللواء ومن فوقه"، مؤكدا أن الموقف أثبت أنّ القوة الحقيقية لا تكمن في الرتب العسكرية أو المناصب، بل في التكاتف والعدالة والإصرار على الحق.
وأضاف علي، أن متى اتّحد الشعب ضدّ الظلم، سقط جبروت الظالمين الذين يتوارون خلف أوسمتهم، مضيفا أن "هذا الموقف يُعلمنا أنّ الحقّ لا يُدفن، وأنّ الظلم مهما استبدّ لن يصمد أمام إرادة الشعوب الحرة".
وأشار إسلام أبو العنين، إلى اعتذار محافظ بدرجة لواء سابق لطبيبة حديثة التخرج بعد انتصار السوشيال ميديا وزملائها لها، متسائلا: "هل فعلاً هي قوة السوشيال ميديا أم تنفيس وهمي لغضب الجماهير من الاحوال الاقتصادية والاجتماعية الصعبة؟".
وأكد الصحفي علاء بيومي، أن مشكلة المحافظين الجدد في مصر، مثل محافظ سوهاج ومحافظ الدقهلية، هي أكبر من السعي للشهرة أو بعض التغطية الإعلامية ووهم الإنجاز السريع ولو بشكل مخالف للقانون مثل دخول منزل مواطن بدون إذن بحثا عن أكياس عيش أو الإساءة لطبيبة خلال أداء عملها.
وأوضح أن المشكلة هي مشكلة نظام كامل لا يريد أن يعالج مشاكل البلد بشكل مؤسسي ويريد في المقابل التضحية ببعض المواطنين وتصويرهم على أنهم المشكلة، مضيفا أن المشكلة الرئيسة هي محافظون ونظام يريدون إقناع الناس بأن حل مشكلة مصر لا يحتاج مؤسسات ودستورا وقوانين وأن المشكلة هي الناس والذين يمكن تغييرهم ببعض الشدة والانضباط العسكريين.