تجسس وتجنيد عملاء.. ماذا يجلب فتح أبواب جامعات المغرب لطلبة إسرائيل؟

منذ ٦ أشهر

12

طباعة

مشاركة

رغم أن مدينة طنجة شمالي المغرب تشهد أكبر مظاهر التضامن مع غزة، إلا أن جامعة عبدالمالك السعدي بالمدينة، تعاكس هذا المسار وتواصل نهجها التطبيعي مع الكيان الإسرائيلي.

إذ أعلنت الجامعة عن إدراج حملة الجنسية الإسرائيلية ضمن الطلبة المتاح لهم التسجيل في سلك الماجستير خلال العام الدراسي 2024/2025.

وأثار القرار جدلا واسعا بين الطلبة والأساتذة والهيئات المدافعة عن القضية الفلسطينية بالمغرب، وعبر جميعهم عن رفضهم للخطوة واستنكارهم الشديد لها.

وفي هذا الصدد، نظم فرعا تطوان وطنجة للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، في 25 سبتمبر/أيلول 2024 وقفة استنكارية أمام رئاسة الجامعة.

وعبر الطلبة خلالها عن رفضهم لكل أشكال التطبيع الأكاديمي، مع التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية.

تطبيع مرفوض

وقال مكتبا فرع تطوان وفرع طنجة للاتحاد الوطني لطلبة المغرب إن هذه الخطوة تأتي في تجاهل تام لموقف الطلبة المغاربة الأحرار، الذين لطالما عبروا عن تضامنهم اللامشروط مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

وأضاف الطلبة في بيان بالمناسبة، إن قرار الجامعة يأتي "في وقت تواصل فيه الآلة الصهيونية حرب الإبادة الجماعية تجاه أهلنا في غزة، وبينما يعاني الشعب الفلسطيني من التجويع الممنهج، والقتل والتشريد، والحصار الشامل، وسط تواطؤ دولي بقيادة أميركا، وبمباركة الأنظمة العربية المطبعة..".

وشددوا على أن "هذه الخطوة لا يمكن عدها أمرا عاديا أو حدثا عابرا، بل هي استمرار ممنهج ومقصود في مسلسل التطبيع الأكاديمي مع كيان يواصل خرق كل المواثيق والقوانين الدولية، وطعنة غادرة في ظهر الشعب الفلسطيني الذي يُقاوم أبشع أنواع الاحتلال والظلم".

كما أن هذه الخطوة المشينة، حسب الطلبة، تتعارض مع مبادئ التضامن الطلابي المغربي الراسخ مع الشعب الفلسطيني ومواقفه المشهودة طيلة معركة طوفان الأقصى، بتقدير أن القضية الفلسطينية قضية محورية في تاريخ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب.

وأعرب الاتحاد عن استنكاره الشديد لهذه الخطوة، وللانحطاط والهوان الذي تردت إليهما جامعة عبدالمالك السعدي بهذا التطبيع الأكاديمي غير المقبول، ويرى أن هذه الخطوة تمثل استفزازا واضحا لمشاعر الطلبة والأساتذة وكل مكونات الجامعة المغربية.

وأكد الطلبة استمرارهم في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة من داخل فضاءات الجامعة بمختلف الأشكال الإبداعية والاحتجاجية.

ودعوا الطلبة المغاربة والقوى الحية كافة في المجتمع المغربي، إلى الوقوف صفا واحدا ضد كل أشكال التطبيع الأكاديمي، وإلى الالتفاف حول كل الخطوات التي تدعم القضية الفلسطينية وترفض التغلغل الصهيوني في الجامعة المغربية.

بدوره، أصدر فرعا طنجة وتطوان لمنظمة التجديد الطلابي، بيانا قالا فيه إنهما تابعا باستغراب واستنكار شديدين الخطوة التطبيعية الجديدة والمتمثلة في إدراج خيار الجنسية الصهيونية الإجرامية في برنامج التسجيل في سلك الماجستير لهذا العام.

وذكرا أن الخطوة التطبيعية تأتي "بينما تستمر الحرب الشعواء التي يعلنها الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الأعزل في غزة والضفة، والمدعومة من قوى الإمبريالية العالمية الولايات المتحدة، وفي خضم النضالات السلمية التي خاض غمارها كل من الطلبة بمختلف طوائفهم والأساتذة الجامعيين..".

وأوضحا أنهما كانا ينتظران في هذا السياق من رئاسة جامعة عبدالمالك السعدي أن تتخذ إجراءات منطقية وإنسانية، متمثلة بالدرجة الأولى في قطع العلاقات مع كل أشكال التطبيع الأكاديمي، وليس العكس.

واستدركا بالقول: "للأسف، يبدو أن انتهاج سياسة الآذان الصماء تجاه النضالات المنددة بالتطبيع لن تسقط إلا بتصعيد وتيرة الاحتجاجات".

وعبر البيان عن "استنكاره الشديد لهذه السياسة المستكبرة والمتغطرسة، والمستمرة في إدارة ظهرها لأصوات الديمقراطية المطالبة بإلغاء التطبيع".

وأعلن عزمه "على رفع مستوى التصعيد تجاه هذه الخطوة التطبيعية المستفزة سواء للأساتذة أو للطلبة"، و"تضامنه المطلق واللامشروط مع الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، وكل الشعوب المضطهدة في العالم".

مخاطر متعددة

في تفاعله مع قرار الجامعة، أكد مصطفى علوي، رئيس منظمة التجديد الطلابي، أن هذا القرار مرفوض جملة وتفصيلا، منبها إلى أنه يحمل مخاطر متعددة.

وأوضح علوي لـ "الاستقلال" أن الجامعات مع بداية كل موسم جامعي تعلن عن الجنسيات التي يمكن لها مواصلة الدراسة بها، وفي هذه السنة، تمت إضافة حاملي الجنسية الإسرائيلية للتسجيل في كليات الجامعة.

ونبه المتحدث ذاته إلى أن هذه الخطوة لم تقم بها حاليا سوى جامعة عبدالمالك السعدي بطنجة وجامعة شعيب الدكالي بالجديدة.

وقال علوي إن منظمته عبرت عن رفضها التام لهذا القرار، وتواصلت مع المرصد المغربي لمناهضة التطبيع بغية وضعه في صورة القرار المتخذ والمخاطر التي يحملها، خاصة أن الجامعة لها علاقة شراكة مع جامعة صهيونية.

واسترسل، هذه مناسبة لنجدد استنكارنا لقرار الجامعة، سواء في بعده الرمزي أو السياسي، وأيضا لنقول إن الطلبة والأساتذة لن يسمحوا بهذا الأمر في جامعتهم، لأنهم يؤمنون بالحق الفلسطيني المطلق ويرفضون الاحتلال وجرائمه وأعضاءه.

من جانب آخر، استبعد علوي أن يقدم الطلبة من إسرائيل على تسجيل أنفسهم في جامعة عبدالمالك السعدي، كما أن الأسر الإسرائيلية لن تقبل بهذا، نظرا لحسابات أمنية قد تضعها في الحسبان، خاصة أن المجتمع المغربي في عمومه والطلابي خصوصا، يرفض الصهاينة والتطبيع ولن يقبل به أبدا.

من جانبه، وصف عزيز هناوي، الأمين العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع، تصرف الجامعة بأنه "خطير للغاية" و"أحد أشد أشكال التطبيع".

وحذر هناوي لـ"الاستقلال" من أن السماح للطلاب الإسرائيليين بالدخول إلى الجامعات المغربية قد يمكّن من التجسس وسرقة البحوث العلمية.

وقال إن "هذا يمنح الصهاينة فرصا عديدة للتجسس المباشر والتسلل إلى البحث العلمي المغربي من داخل المختبرات والمعاهد".

واسترسل: "كما يسمح بالتسلل إلى الهيئة الطلابية وتجنيد الباحثين لخدمة أجندة اختراق الجامعة والقطاعات الصناعية والاقتصادية والثقافية".

ووصف الناشط المناهض للتطبيع هذه الخطوة بأنها جزء من جهود التطبيع الرسمية الأوسع نطاقا "التي تُفرض بشكل استبدادي ضد الإرادة الشعبية التي ترفضها".

ولاحظ أن الطلاب والأساتذة في جامعة عبدالمالك السعدي وقعوا على عرائض ضد التطبيع قبل أشهر فقط، ومع ذلك "تصر إدارة الجامعة على تحدي طلابها وأساتذتها".

من جانبها، أعربت عروة الدبوني، طالبة دكتوراه وعضو اللجنة الوطنية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، عن المخاوف القائمة بشأن المخاطر التي يحملها التطبيع الأكاديمي مع الاحتلال.

وأضافت الدبوني في تصريح لموقع " Morocco World News"، في 26 سبتمبر 2024، أن القرار "يتعارض مع إرادة الطلاب والجمهور في رفض التطبيع ومعارضته بكل أشكاله".

وأكدت أنه يوضح "المدى الذي تغلغل فيه النفوذ الصهيوني في هذه الجامعات المغربية" على الرغم من العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة في غزة.

وأشارت إلى أن بعض الجامعات المغربية، بما في ذلك كلية الآداب بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء وكلية العلوم بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، أتاحت للطلبة الإسرائيليين استكمال برامج الماجستير في المغرب بعد تخرجهم من جامعات الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأكدت الدبوني أن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب سيعمل على محاربة كل أشكال التطبيع الأكاديمي إلى أن يتم سحب اتفاقية التطبيع.

وأضافت الدبوني: "نحن الطلبة المغاربة نرفض بشدة هذا الاختيار المتهور الذي اتخذته هذه الجامعات المغربية ونحملها المسؤولية الكاملة".

آلاف التوقيعات

وتفاعلا مع ما يتعرض له الشعب الفلسطيني بقطاع غزة من جرائم إبادة، سبق أن تقدم 600 عضو من أعضاء هيئة التدريس والأطر الإدارية في جامعة عبدالمالك السعدي بتطوان، بعريضة إلى رئيس الجامعة، للمطالبة بإلغاء اتفاقية شراكة تم إبرامها مع جامعة "حيفا" الإسرائيلية.

وذكر موقع "أخبارنا" المحلي، في 31 مايو/ أيار، أن الموقعين طالبوا رئيس الجامعة بـ"إلغاء الاتفاقية الموقعة مع جامعة حيفا، ووقف كل أشكال التطبيع مع كيان الاحتلال ومع المؤسسات الجامعية كافة التابعة له".

وقال الموقعون على العريضة، إن "مبادرتنا تأتي كخطوة تضامنية مع الشعب الفلسطيني ضد جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي يتعرض لها منذ أكثر من 8 أشهر"، وقتئذ.

وتابع أصحاب العريضة تعليقهم، بالقول إن "جرائم قوات الاحتلال استهدفت بشكل متعمد وممنهج كل مؤسسات التعليم العالي التي استشهد فيها رؤساء جامعات وعمداء وأساتذة جامعيون وطلبة".

واستقبل رئيس جامعة عبدالمالك السعدي وفدا يضم 12 أستاذا وموظفا لتسلم العريضة، متعهدا بإدراجها كنقطة ضمن جدول أعمال مجلس الجامعة المقبل بغية البت في الشراكة القائمة.

يُذكر أن كلية الطب والصيدلة بطنجة التابعة للجامعة، استقبلت يوم 12 سبتمبر 2022، مراسيم توقيع اتفاقية إطار عمل للتعاون الأكاديمي بين جامعتي عبدالمالك السعدي وحيفا، بهدف تبادل الباحثين والطلبة وتنظيم ملتقيات أكاديمية مشتركة.

وفي يوليو/تموز 2024، طالب آلاف الطلاب المغاربة بإسقاط اتفاقيات التطبيع الأكاديمي مع إسرائيل، بالتزامن مع استمرار الحرب على غزة.

جاء ذلك بحسب بيان حول "عريضة طلابية لإسقاط اتفاقيات التطبيع الأكاديمي" صادر عن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب.

ووجه الطلاب العريضة إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبداللطيف الميراوي، ورؤساء الجامعات والمؤسسات المشاركين في التطبيع، ووصلت في بدايتها إلى أكثر من 3000 توقيع.

وطالبت العريضة "الوزارة الوصية ورؤساء الجامعات والمؤسسات بالتراجع الفوري عن اتفاقيات التطبيع وإلغاء جميع الشراكات الموقعة مع الكيان الصهيوني".

وبحسب العريضة، فإن "طلاب المغرب يوجهون هذه العريضة للتعبير عن الاستياء الشديد من خطوات التطبيع المتسارعة مع الاحتلال (قبل 7 أكتوبر 2023) داخل مجموعة من الجامعات المغربية".

وأشارت إلى أن "الوزارة الوصية وبعض الجامعات وقعت الاتفاقيات ضدا عن إرادة كل مكونات الجامعة المغربية، الذين يرفضون التطبيع ويناضلون ضد الاختراق الصهيوني للمجالات والفضاءات الحيوية والإستراتيجية وفي مقدمتها التعليم العالي والبحث العلمي".

بدوره، دعا التعاون الطلابي من أجل فلسطين والجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، إلى جعل شهر أكتوبر شهر مناهضة التطبيع الأكاديمي في المغرب.

وفي هذا السياق، دعت المجموعتان في بيان مشترك، في مطلع أكتوبر/تشرين أول 2024، للمشاركة في مسيرة وطنية في العاصمة الرباط في 6 أكتوبر 2024، لإحياء الذكرى السنوية الأولى لمعركة "طوفان الأقصى".

وتم التشديد في الدعوة على أهمية شهر أكتوبر كمحطة لمواصلة مناهضة التطبيع الأكاديمي والدعوة إلى مقاطعة الكيان الصهيوني.

وفي يونيو/حزيران 2024، وثقت "حركة المقاطعة بي دي إس المغرب" و"الحملة المغربية للمقاطعة الثقافية والأكاديمية لإسرائيل"، مبادرات طلبة مغاربة من أجل إسقاط شراكات تجمع مؤسسات جامعية مغربية بمؤسسات جامعية إسرائيلية.

ووفق إحصاء "بي دي إس المغرب"، التي أعلنت أنه ليس مكتملا بعد، فإن من بين الجامعات والمعاهد المغربية التي لها اتفاقيات أو شراكات مع جامعة أو جامعات أو مؤسسات أكاديمية إسرائيلية:

الجامعة الدولية بالرباط، وجامعة عبدالمالك السعدي، والجامعة الأورومتوسطية بفاس، وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات، ومعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، والمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث.

وقالت حركة مقاطعة إسرائيل فرع المغرب، إن ما يقارب 1300 طالبة وطالب وخريجة وخريج من جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية وقعوا رسالة إلى الإدارة تطالب بقطع العلاقات بين جامعتهم وشركائها الإسرائيليين. مما فرض على الإدارة التفاعل.

ودعت الحركة الأكاديميين المغاربة والأساتذة الجامعيين ونقابات التعليم العالي إلى “دعم نضال الطلاب والتنظيمات الطلابية والمجالس والأندية وجمعيات الخريجين”.

لأنه “عبر تكثيف ضغط الطلبة والأكاديميين المناهضين للتواطؤ مع جامعات الاحتلال، ستنتهي جميع العلاقات بين الجامعات المغربية والمؤسسات الأكاديمية الصهيونية الخادمة لجيش الاحتلال” بحسب الحركة.