45 عاما من المماطلة.. موقع فرنسي: العقوبات ضد إيران غير مجدية والحرب هي الحل

منذ ١٣ يومًا

12

طباعة

مشاركة

انتقد موقع فرنسي ما أسماه “المماطلة الغربية” في التعامل مع إيران، مما سمح لنظامها بالازدهار رغم العقوبات المستمرة.

وتساءل موقع أتلانتيكو، “عما إذا كانت رغبة الغرب في عدم التصعيد ضد إيران أدت في النهاية إلى تصعيد بطيء، ولكنه هائل وكبير في ذات الوقت؟”

وعرض عبر حوار مع عالم الجغرافيا السياسية ألكسندر ديل فالي، تقييما موجزا للسياسة الغربية تجاه إيران خلال الـ 45 عاما الماضية.

تعزيز الوجود

وأوضح ديل فالي أن "نظام الملالي -منذ تأسيسه- والحرس الثوري خلطا فكر العالم الثالث الثوري والتخريبي الراديكالي اليساري المتطرف الغربي مع الفكر الإسلامي الشيعي".

وبحسب العالم السياسي، فإن هذا الخليط هو "توليفة إسلامية ثورية ذات نطاق إقليمي ودولي جزئيا"، مشيرا إلى أنها "تخفي، في الواقع، الأفكار الإمبريالية في الشرقين الأدنى والأوسط باسم الثورة ضد الشياطين  الكبار والشياطين الصغار". 

ويذهب إلى أن الهدف هو "التوسع الجيوسياسي الإيراني في الأراضي العربية والشرق الأوسط باسم ما يسمى الدفاع عن الإسلام وفلسطين والقدس، ضد الأعداء اليهود والصهاينة الغربيين".

وبالحديث عن المسؤوليات الغربية فيما يخص التصعيد ضد إيران، يوضح أن "المسؤولية ذات أصل أميركي فرنسي".

ويقول إنه "عندما أطلق آية الله الخميني، الإمام الذي اغتصب السلطة، حركته الإسلامية الشيعية المناهضة للغرب، وبعد الثورة من خلال التحالف التكتيكي مع القوى اليسارية الإيرانية والعالمية، لم يوقفه الغرب". 

والأسوأ من ذلك، رُحب به في فرنسا، حيث أطلق دعوات علنية للثورة الإسلامية والمناهضة للغرب ضد نظام الشاه، الذي تركه الغرب وباريس يسقط بحكم الأمر الواقع. 

وتابع: "من جانب آخر، عندما كان جيش الشاه الإيراني لا يزال قادرا على إخماد الثورة الماركسية والإسلامية المزدوجة الجارية ضده، تمكن الخميني من العودة إلى طهران والاستفادة من الثورة مع الأمر الأميركي للجيش الإيراني بعدم القمع".

باختصار، يمكن القول إن "فرنسا، بأمر من الأميركيين آنذاك، سمحت لهذا النظام بالازدهار بعد أن رحبت بالخميني المتعصب"، على حد وصف الموقع الفرنسي. 

وبعد ذلك، يلفت عالم السياسة الجغرافية ديل فالي إلى أن "الحرب الأنجلو-أميركية في العراق عام 1990، وخاصة في 2003، جعلت من الممكن زعزعة استقرار السنة الذين كانوا في السلطة هناك لصالح الانفصاليين الأكراد والشيعة".

وبسبب الهندسة الاجتماعية والسياسية الأميركية لـ"تغيير النظام"، سمح ذلك لإيران بتوسيع عمقها الإستراتيجي في العراق من خلال "استعادة واستغلال الأحزاب الشيعية"، التي فازت في الانتخابات التي شجعتها الولايات المتحدة والمليشيات الشيعية المتطرفة في بغداد. 

"وعلى هذا، فإن زعزعة الاستقرار في العراق في عهد صدام حسين السني أفسح المجال أمام الثورة الشيعية المؤيدة لإيران في العراق".

وبشكل عام، كما هو الحال في العراق، من المفارقة أنه يمكننا القول إن "السياسة الخارجية الأنجلو أميركية تتكون من عناصر تسمح بتوسع الإمبريالية الشيعية الإيرانية في المنطقة"، وفق ما يراه الموقع.

فقد أصبح لبنان محمية لحزب الله، وانتصر الحوثيون وسيطروا على أكثر من نصف اليمن، وعزز النظام السوري تحالفه مع روسيا وإيران لمقاومة الثوار السنة، وهو ما يعني أن "إيران تنتصر على الجبهات كافة".

عقوبات بلا قيمة

وبالحديث عن العقوبات الغربية، يقول "أتلانتيكو" إنه "كما لم تعمل هذه السياسة بشكل فعال على حل أي مشكلة كبيرة تقريبا في الأنظمة منذ الحرب العالمية الأولى، وبما أن روسيا نفسها تقدم لنا اليوم دليلا جديدا على فشلها، فإن الاتفاق النووي الإيراني عام 2015 لم ينجح كذلك".

فمن خلال اتفاق فيينا بشأن الطاقة النووية الإيرانية (JCPOA)، أُعيد دمج إيران تدريجيا في المجتمع الدولي مرة أخرى.

وبناء على اقتراح البرازيليين والأتراك والروس، أصبح من الممكن لإيران الحصول على الطاقة النووية المدنية مقابل تخليها عن نظيرتها العسكرية” و"الموافقة على عدم تخصيب اليورانيوم الموكل إلى دول ثالثة مثل روسيا". 

ورغم ذلك، يلفت الموقع الفرنسي الأنظار إلى أن "الاتفاقية لم تنجح رغم أن الغرب والشركاء الروس والصينيين والأتراك والبرازيليين وجدوا أساليب مختلفة تهدف إلى ضمان قدرة البلاد على الوصول إلى الطاقة النووية المدنية دون السيطرة على سلسلة التكنولوجيا بأكملها".

ويعزو نقلا عن عالم السياسة الجغرافية، هذا الفشل إلى أن "بنود الاتفاقية لم تُتبع حتى النهاية". ويبرز أن مشكلة الغرب هي "وضعه سياسات تتغير مع كل انتخابات". 

وفي هذا الصدد يقول: "بعد مغادرة باراك أوباما، القريب من قطر، السلطة الأميركية في نهاية عام 2016، وصل دونالد ترامب، وهو أقرب بكثير إلى السعودية". 

ويتابع: "إن قرب أوباما من قطر يعني قربه من الإخوان المسلمين، وهذا المحور بدوره قريب من إيران. بينما دونالد ترامب من داعمي الخط المتشدد المناهض للنظام الإيراني"، بحسب تعبيره.

ولذلك، فإن هذا التغير يفسر إلغاء ترامب فور توليه السلطة اتفاق فيينا لعام 2015، مما عزز إيران.

“الحل الوحيد”

وبعد كل ما ذُكر سابقا، يتساءل الموقع الفرنسي: “ما الحل الصحيح الذي يجب اعتماده اليوم إذن؟”

ويجيب على هذا السؤال عالم السياسة، ديل فالي، قائلا إن "الخيار الوحيد الممكن لمنع إيران من أن تصبح قوة نووية هو التدخل عسكريا حتى يسقط النظام، لأن طهران ستحصل عاجلا أم آجلا على الأسلحة النووية".

والمهم -من وجهة نظر ديل فالي- أن تكون هذه الأسلحة النووية في أيدي سياسيين أكثر عقلانية، كما كان الحال في عهد شاه إيران.

وهنا، يتساءل مرة أخرى: “ألن يكون الوقت قد فات بالفعل على هذا التدخل العسكري اليوم؟” ولكن ديل فالي يجيب بأن "الإجابة مجهولة، وأن المستقبل القريب هو ما سيخبرنا بذلك". 

وفي حالة التدخل العسكري، يتوقع العالم السياسي أن "الصين لن تتحرك بالضرورة".

ويعزو العالم ذلك إلى أن "إيران ووكلاءها، من خلال قدرتهم على زعزعة الاستقرار الإقليمي، يلحقون أضرارا جسيمة بالتجارة الدولية، وهو ما سيوفر لهم الحماية ضد أي تدخل خارجي في حال حصولها على قدرات عسكرية نووية". 

ويوضح "أتلانتيكو" هذه النقطة أكثر قائلا إن “وكلاء إيران بالفعل سببوا مشاكل في البحر الأحمر”.

وبين أن "إيران النووية لن تكون قابلة للهجوم في حال استخدمت وكلاءها لعرقلة التجارة العالمية من أجل دفع العالم والقوى العظمى إلى الاعتراف لها بمنطقة نفوذ إمبريالية جديدة في الشرق الأوسط، وهو ما يصعب على دول الخليج السنية ومصر والأردن والغرب قبوله".

فعلى سبيل المثال، قد يغلق وكلاء إيران مضيق هرمز في حالة نشوب حرب بين إيران وإسرائيل، وهم يغلقون بالفعل الآن البحر الأحمر والسويس ومضيق باب المندب، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ويلفت إلى أن "هذا الإغلاق يغضب جميع القوى، بما في ذلك الصين، التي لا تكون دائما مع المحور المناهض للغرب، لأنها تريد قبل كل شيء التجارة البحرية وتصدير منتجاتها واستيراد طاقتها بحرية ودون عوائق".

وفي النهاية، يخلص الموقع الفرنسي إلى أن "الغرب كان بإمكانه أن يتحرك منذ فترة طويلة لزعزعة استقرار نظام الملالي". 

"لكنه في المقابل فعل كل ما يلزم لتثبيته موضوعيا، من خلال مساعدته في البداية والتخلي عن الشاه، ثم بشكل غير مباشر من خلال الإطاحة بصدام حسين وإعطاء جزء من العراق لإيران، ثم لبنان وسوريا لاحقا".

وهنا، يؤكد الموقع أن "الأمر أصبح أكثر تعقيدا في الوقت الحالي، لأن الإيرانيين سيكونون محميين قريبا بالأسلحة النووية".

وأشار مرة أخرى إلى أن الخيار الوحيد لمنع ذلك هو "التدخل العسكري، وهو في الواقع أمر معقد للغاية من الناحية الفنية".

"أو من الممكن التوصل إلى اتفاق مع طهران من خلال الاعتراف بقوتها الإقليمية، وهو ما لا يمكن للغرب وإسرائيل قبوله"، وفق الموقع.