4 نواب من العيار الثقيل يرحلون عن تيار باسيل بلبنان.. ما علاقة “حزب الله”؟

a month ago

12

طباعة

مشاركة

يواجه التيار الوطني الحر اللبناني، الذي يقوده جبران باسيل، صهر الرئيس اللبناني السابق ميشال عون، أكبر تحدٍّ في وزنه السياسي والنيابي في هذا البلد منذ تأسيسه عام 1994 بعد انسحاب عدد من نوابه منه.

ويعرف التيار بـ"العوني" نسبة لمؤسسه الرئيس السابق ميشال عون حينما كان قائدا للجيش اللبناني في ثمانينيات القرن العشرين، وهو واسع التمثيل في الوسط المسيحي في لبنان فضلا عن أنه متحالف مع جماعة “حزب الله” الشيعية.

التيار العوني

وفي خطوة كشفت حجم الصراع داخل "التيار العوني" خاصة مع رئيسه الحالي باسيل، انشق عدد من النواب، كان آخرهم رئيس لجنة المال والموازنة في البرلمان إبراهيم كنعان في 28 أغسطس/ آب 2024 الذي يعد من "الصقور" داخل هذا التيار.

وسبق كنعان رحيل النائب آلان عون، والنائب سيمون أبي رميا بعده بأيام، وذلك بعد أشهر قليلة من رحيل نائب رئيس مجلس النواب إلياس أبي صعب.

وعدت استقالة النائب إبراهيم كنعان الضربة الأقوى ضد جدار التيار الوطني الحر؛ نظرا لما يمثله كنعان في التيار وخارجه من حضور سياسي ونيابي.

وتعود المشكلة بين التيار وكنعان إلى سنوات، شأنه شأن عون وأبي رميا ومن خرجوا قبلهم لأسباب مختلفة، تبدأ بعدم ترشيحهم للنيابة أو توزيرهم وتمر بالاعتراض على النظام الداخلي وصولا إلى الاعتراض على رئاسة باسيل (54 عاما) للتيار.

وكان للنواب الأربعة خلافات مع باسيل من ناحية توزيع الدوائر الانتخابية في المناطق التي يحظى بها التيار بشعبية كبيرة.

لكن الواقعة التي قطعت الشعرة بين هؤلاء النواب والتيار الذي كانوا يعدون صقورا فيه، حينما انعقدت الجلسة النيابية لانتخاب رئيس للجمهورية في يونيو/ حزيران 2023. 

إذ خرج أبي صعب وعون عن قرار التيار وصوتا لسليمان فرنجية رئيس تيار المردة الذي يرفض جيران باسيل دعمه لدخول قصر بعبدا رغم أن فرنجية هو مرشح الثنائي الشيعي "حزب الله- حركة أمل" أهم حلفاء باسيل الذي ما يزال يخالفهم حول ملف رئاسة البلاد.

وعقب تلك الجلسة بأشهر فصل أبي صعب "سرا" ولم يعلن ذلك رسميا إلا في أبريل 2024 ومنذ ذلك قاطع عون وكنعان وأبي رميا جلسات المكتب السياسي والهيئة السياسية.

أما النائب آلان عون فقد جرى تحويله إلى مجلس الحكماء في التيار الوطني الحر ورفض المثول أمام رئيس الجمهورية السابق ميشال عون أكثر من مرة، وأرسل رسالة إلى الرئيس عدها الجنرال مهينة، ليأتي قرار فصله.

اللافت أن مؤسس التيار الرئيس السابق ميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 وغاب عن الأضواء خرج في ظل هذه المعركة الداخلية للتيار وقفز بعض نوابه من مركبه.

ففي مقابلة صحفية للرئيس السباق عون نشرت في 29 أغسطس 2024 تحدث فيها عما يجرى داخل التيار حيث رأى أن هناك تقصيرا من بعض النواب وأخطاء ارتكبها النواب الأربعة.

ولفت إلى أنه تبين أن لديهم ميولا جديدة وسياسة جديدة، وهناك مواقف وسفرات سياسية إلى الخارج من دون تشاور، لذلك "عم نشيلن.. أو عم يطلعوا".

وبحسب موقع "درج اللبناني" فإن أبي صعب يتمتع بعلاقات متينة مع الحكومة الإماراتية، وقد تلقى دعما كبيرا من حاكم دبي محمد بن راشد.

فقد ساعد أبي صعب في تطوير الجامعة الأميركية في دبي، وسمح له دوره هناك أن يكون صلة وصل غير مباشرة بين الإمارات والأحزاب اللبنانية، بما فيها الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل).

لا بد من التذكير هنا، أن أبي صعب كان عراب اتفاق ترسيم الحدود البحرية للبنان مع إسرائيل، في سياق المفاوضات غير المباشرة التي قادها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، ولعب دور الوسيط ما بين الجهات اللبنانية المختلفة وهوكشتاين.

تحالفات جديدة

إلى الآن لا يوجد رئيس تتوافق عليه جميع الأحزاب اللبنانية لملء الشغور الرئاسي، إذ ما يزال حزب الله يتمسك بمرشحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهو الاسم الذي يرفضه باسيل وغالبية القوى اللبنانية الأخرى.

وما هو لافت أن داخل التيار هناك شخصيات ومن بينهم الأسماء المنشقة عنه حديثا تخالف رفض باسيل لبعض أسماء المرشحين للرئاسة.

وفي ظل تلك المعطيات، فإن خسارة التيار لعدد من نوابه الحاليين، ستنعكس على حجمه المتراجع في المجلس الحالي، وحتى في الانتخابات النيابية المقبلة عام 2026.

وذلك لأن النواب الخارجين لا يعتمدون في فوزهم بمقاعدهم النيابية على أصوات مناصري التيار، بقدر اعتمادهم على الأصوات الشيعية، من خلال حليف الأمس حزب الله، الذي من المتوقع أن يحوِّل كتلة أصواته في دائرتي بعبدا وجبيل لمصلحة النائبين آلان عون وسيمون أبي رميا.

لهذا فإن تأثير تلك الانسحابات والتي تقول أوساط لبنانية إنها ستتوسع لاحقا، سينعكس على الانتخابات وإعادة رسم التحالفات الحزبية من جديدة.

 لا سيما إذا توالت الاستقالات أو توزع هؤلاء على أحزاب تنافس التيار الوطني ما يعني أن هناك معركة كسر عظم ستحدث في الانتخابات النيابية في 2026 والتي ربما سيضعف فيها التيار ويصبح أقل حضورا بسبب سياسات باسيل وانفراده بالقرار، وفق مراقبين.

والأزمة الحالية داخل التيار الوطني الحر أدت لتناقص عدد أعضاء الكتلة إلى 12 نائبا و3 نواب حلفاء من خارجه، من أصل 128 عدد نواب البرلمان اللبناني.

في السياق، نفت مصادر لها علاقات بالنواب الخارجين من التيار نيتهم تشكيل كتلة جديدة مع نواب مستقلين، مشيرة إلى أن الوقت مازال مبكرا لذلك، بسبب تضارب المصالح بين الأعضاء في الانتخابات النيابية والرئاسية.

واتهم التيار، إبراهيم كنعان، بقيادته "حملة إعلامية مدعومة من النواب الثلاثة لترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية خلافا لقرار المجلس السياسي والهيئة السياسية بعدم ترشيح رئيس التيار أو أي حزبي".

كما انتشر تسريب نهاية أغسطس 2024 بصوت النائب آلان عون، في اجتماع لهيئة التيار، يؤكد فيه أنه تبلغ من حركة أمل وحزب الله رسميا أنه سيكون معهما على اللائحة مع إعطائه امتياز اختيار المرشحين المسيحيين الاثنين الآخرين على اللائحة.

والتسريب أثار بلبلة في أوساط التيار وهجوما على عون، ما استدعى إصداره بيانا أوضح فيه أن الكلام "جاء خلال اجتماع حزبي عام وغير سرّي وفي مكتب هيئة قضاء بعبدا في التيار الوطني الحر وبعد صدور التوصية بفصلي من التيار الوطني الحر".

وأضاف أنه "بعد اتضاح النوايا السيئة تجاهي، كان من الطبيعي أن أتواصل مع زملائي النواب على اللائحة في قضاء بعبدا ووجدت لديهم كل الإيجابية والاستعداد للاستمرار في التعاون معا بناء على تجربتنا النيابية المشتركة، علما أن هذا الموضوع لا يصبح نهائيا إلا قبل الانتخابات النيابية بناء على قرار قيادتيهما حينها".

بعدها، انتشر تسجيل ثانٍ لعون يقول فيه إن موضوع ترشيحه “محسوم، ولا جبران ولا ميشال عون بيقدروا يغيروه ”، عارضا على الموجودين أن "يشكّلوا وفدا يزور رئيس مجلس النواب نبيه بري وحسن نصرالله لسؤالهما عمن سيدعمان في بعبدا".

وأمام ذلك، أفادت صحيفة "الجديد" بأن نواب التيار الوطني الحر المنشقين، بصدد زيارة الصرح البطريركي في الأيام المقبلة للقاء البطريرك بشارة الراعي، وأشارت إلى أنه سيكون لهم موقف علني لتوضيح كل الاشكاليات.

"حصر إرث"

من جانبه، كتب الصحفي اللبناني صلاح سلام في جريدة "اللواء" في 29 أغسطس 2024 أن "باسيل يدرك أكثر من غيره أن كتلته النيابية أصبحت أضعف مما كانت عليه قبل خروج النواب الأربعة، ليس بأشخاصهم فقط، بل بما كانوا يمثلون من وزن سياسي ونيابي".

فضلا "عن احتمال انضمام نواب آخرين من التيار إلى حركة المعارضين لإدارة باسيل وأسلوبه في التعاطي مع النواب وإدارة الجلسات، بأساليب تعسفية لا تحترم الرأي الآخر" وفق قوله.

ويرى مراقبون أن اختيار هؤلاء النواب الانسحاب من التيار البرتقالي في هذا الوقت هو بمثابة "حصر إرث"، كما قال الصحفي اللبناني بشارة خير الله لمنصة "هنا لبنان" في 29 أغسطس 2024.

وأضاف خير الله:"النواب الذين خرجوا من التيار الوطني الحر سيستفيدون من الفترة الزمنية والتي سيكون فيها تمديد للمجلس النيابي لكنهم سيكونون عبئا على أي لائحة".

ودعا نائب رئيس التيار الوطني الحر، ناجي حاييك، إلى إخبار الناس بأن ما يحصل داخل التيار جوهره سياسي مرتبط برفض النواب المنشقين لتوافق التيار الوطني الحر والمعارضة على ترشيح جهاد ازعور بوجه مرشّح المقاومة سليمان فرنجية.

واختزلت القوى السياسية في لبنان في الوقت الراهن اسمين لملء الفراغ الرئاسي، للتصويت عليهما داخل البرلمان، وهما "جهاد أزعور" المسؤول في صندوق النقد الدولي، ورئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية الاسم المفضل للثنائي الشيعي.

وفي المحصلة فقد بات واضحا، أن قيادة "التيار الوطني الحر" تحاول استيعاب تداعيات عمليات الفصل والاستقالة التي طالت عددا من نوابه، خصوصا أن الشخصيات الخارجة من كنف "التيار" لها تأثيرها على القاعدة الشعبية، نظرا لتاريخها الطويل في العمل الحزبي والسياسي.

ولهذا يحاول جبران الحد من الخسارة في حزبه والتخلص من معارضيه، مع وجود المؤسس ميشال عون على قيد الحياة.