قانون جديد يزيد عدد النواب بالأردن.. ما انعكاساته على برلمان 2024؟

a month ago

12

طباعة

مشاركة

مع صياغة قانون انتخابي جديد يختبر قوة الأحزاب في الأردن، يُنتظر أن تُظهر الانتخابات التشريعية لعام 2024 مدى انعكاس تلك الإصلاحات على حياة المواطن المعيشية.

فقد أصدر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أمرا في 25 يوليو/تموز 2024 بحل مجلس النواب تمهيدا لإجراء انتخابات نيابية مقررة في 10 سبتمبر/أيلول من نفس العام.

وفي أبريل/نيسان 2024، أوعز الملك الأردني بإجراء انتخابات نيابية جديدة مع انقضاء مدة المجلس الحالي، وهي 4 سنوات منذ انتخاب أعضائه في 2020.

ووفقا للدستور الأردني، تجرى الانتخابات النيابية خلال الأشهر الأربعة التي تسبق انتهاء عمر مجلس النواب الحالي.

منافسة حزبية

وجاء حل مجلس النواب التاسع عشر لكون بقائه سيخل في المساواة بين المترشحين، وخاصة مع رغبة عدد من النواب الترشح من جديد.

وتجرى الانتخابات البرلمانية في الأردن وفق قانون جديد، جرى إقراره في يناير/كانون الثاني 2022، رفع عدد مقاعد مجلس النواب من 130 إلى 138 خصص منها 41 لقوائم الأحزاب.

وسيتنافس على مقاعد الأحزاب 38 حزبا بينها جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، أكبر أحزاب المعارضة.

ووفقا للهيئة المستقلة للانتخابات فإن عدد الناخبين المسجلين تجاوز 5,1 ملايين، بينهم نحو 2,7 مليون من الإناث و2,4 مليون من الذكور من مجموع عدد سكان الأردن البالغ نحو 11 مليون نسمة.

وتؤكد صحف ومواقع أردنية أن الاستحقاق الانتخابي القادم يتطلب إقناع الأردنيين بالذهاب إلى صناديق الاقتراع، ومحو الصورة السلبية التي رافقت الانتخابات السابقة عام 2020 بسبب المشاركة الضعيفة.

فقد جرت الانتخابات السابقة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 وسط إجراءات استثنائية مع تأثر المملكة بجائحة كورونا، وبلغ عدد المقترعين نحو 1,4 مليون من أصل 4,6 ملايين ناخب مسجل.

وصياغة قانون انتخابي جديد يدفع بحالة التنافسية على الانتخابات بين المرشحين، لا تبدو هي الضامن الوحيد لتحسين أداء وفاعلية المجلس التشريعي.

فهناك راهنا حالة إحباط عند شرائح من الأردنيين، في ظل الحديث عن تجارب سابقة حصل فيها تزوير، أو تدخلات، أو قيام استثمار البعض المال السياسي في الانتخابات.

وبالرغم من أن هذه التجربة الانتخابية تأتي تحت شعار "تحديث المنظومة السياسية" في المملكة، فقد يشكل البرلمان المقبل الخطوة الأولى نحو تعزيز حضور الأحزاب في المعادلة السياسية بالمملكة، بما يفضي مستقبلا إلى تشكيل حكومات برلمانية.

وفي السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2020، كلف العاهل الأردني بشر الخصاونة بتشكيل الحكومة وأجرى عليها لاحقا تعديلات وزارية متلاحقة.

والخصاونة هو رئيس الوزراء الـ13 في عهد الملك عبد الله الثاني منذ توليه سلطاته الدستورية في السابع من فبراير/شباط 1999.

أمام ذلك، يرى متابعون أن الاستحقاق المنتظر لن يكون فقط اختبارا للأحزاب بل وأيضا أشبه باستفتاء شعبي على الإصلاحات التي أدخلت على العملية السياسية.

"قلق الناخب"

لكن ما يزال المواطن الأردني يشعر بأن التعديلات التي أجريت "ليست حقيقية"، وأنها لن تقود إلى تحسين الوضع المعيشي له طالما أنها ليست "انتخابات شفافة تأتي ببرلمانيين أكفاء".

فقبيل انطلاق الانتخابات البرلمانية في الأردن، أظهرت استطلاعات الرأي نية بعض الناخبين العزوف عن التصويت.

وفي مقابلة لمواطن أردني مع "وكالة الحقيقة الدولية" الأردنية لم تذكر اسمه في أبريل 2024 قال إنه لا ينوي التصويت. 

وأرجع السبب إلى أن "من سيصل للبرلمان إما قادم من خلفية عشائرية أو لنواب يستخدمون المال الأسود في الانتخابات".

وأضاف قائلا: "لم نر البرلمان على مدار السنوات السابقة يأخذ موقفا لصالح المواطن الأردني بل على العكس كانوا خصما له".

وضمن هذا السياق، قال الناشط الشبابي، عبد الله بني هاني لقناة المملكة في 25 يوليو 2024 :"الشباب لن يصوتوا للوجوه القديمة ويريدون التغيير، كما أن ما تفرضه المرحلة الدولية القادمة تتطلب أن يكون هناك نواب لديهم خبرة سياسية تحت قبة البرلمان".

وأضاف بني هاني قائلا إن من ترشحوا على القوائم الوطنية (مرشحو الأحزاب المعروفة) لم يتمكنوا من الترشح على القوائم المحلية (مستقلون).

والسبب يعود لأن المجتمعات المحلية رفضتهم لأنها تريد من يمتلك خطابا سياسيا ولديه برامج اقتصادي قوية لجذب شرائح المجتمع الأردني التي تنشد الاستثمار والتنمية المستدامة ومكافحة الفساد والبطالة وتوفير فرص العمل للشباب، وفق قوله.

واستدرك بني هاني متسائلا: "كيف يمكن الطلب من الشباب للمشاركة في الانتخابات البرلمانية وهم عاطلون عن العمل؟".

وارتفع إجمالي الدين العام للأردن إلى نحو 46.1 مليار دولار حتى نهاية أكتوبر 2023، ليشكل ما نسبته 89.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتجاوز معدل البطالة في هذا البلد الصغير 22,3 بالمئة عام 2023، بحسب تقارير البنك الدولي، وهي نسبة ترتفع في صفوف الشباب إلى 46 بالمئة.

ووفقا لبيانات وزارة المالية الأردنية فإن الحكومة اقترضت 3.8 مليارات دولار خلال الشهور العشرة الأولى من عام 2023.

ومطلع  يوليو  2024 أعلن البنك الدولي أنه سيقدم تمويلا على شكل قروض بقيمة 700 مليون دولار لبرنامجين جديدين في الأردن بهدف تعزيز الاستثمار في التعليم والصحة والحماية الاجتماعية.

وأوضح البنك الدولي في بيان أن البرنامجين يستهدفان "تدعيم رأس المال البشري في الأردن، من خلال استثمارات مستهدفة في مجالات التعليم والصحة والمساعدات الاجتماعية، فضلا عن تعزيز قدرة الأسر الأردنية على الصمود في وجه الصدمات".

وقال البنك المركزي الأردني في منتصف يوليو  2024 إن إيرادات القطاع السياحي خلال النصف الأول من العام تراجعت 4.9 بالمئة إلى 3.3 مليارات دولار مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق.

كما كان لافتا تراجع عدد السياح في الأردن إلى 7.9 بالمئة بالنصف الأول من عام 2024 مقارنة مع نفس الفترة من 2023، نتيجة تأثيرات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة على أعداد المجموعات السياحية القادمة إلى المملكة وخاصة الأوروبية منها.

"سوق سوداء"

وعلى الرغم من أن التشريع والرقابة، وهما مهمتان أساسيتان تقعان على عاتق النواب، إلا أن هناك من اتهم المرشحين باتباع "السوق السوداء" للوصول إلى قبة البرلمان.

فقد خرجت انتقادات من مراقبين أردنيين حول الانتخابات البرلمانية وصفوا البرلمان بأنه تحول "لسوق سوداء".

وضمن هذه الجزئية، تحدث المواطن الأردني خالد المعايطة على حسابه بفيسبوك في 15 يوليو 2024، عن وجود ما سماها "عروض مالية  للأحزاب والكتل البرلمانية"، مضيفا أن "السوق السوداء هي المحرك الحقيقي لواقع الانتخابات القادمة".

وقال المعايطة إن "مرشحا في إحدى محافظات الجنوب الأردني دفع مئة ألف دينار (141 ألف دولار أميركي) من أجل كسب موقع الصدارة بقائمته الانتخابية".

وتساءل: "هل سيكون هناك أيضا سوق سوداء لشراء المناصب الوزارية داخل الأحزاب إياها إن نجحت بتشكيل ائتلاف قادر على تشكيل حكومة وكم ستبلغ كلفة الكرسي". 

ويتوقع مراقبون أن الناخب الأردني سيضع نصب عينه على أهلية المرشحين الجدد في "التأثير السياسي" للأردن عقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

إذ يشهد العديد من المدن الأردنية مظاهرات تطالب بوقف العدوان المتواصل منذ 7 أكتوبر 2023 وأدى لاستشهاد أكثر من 39 ألف فلسطيني وتشريد أكثر من مليون ونصف المليون من أهالي القطاع واشتداد حالة المجاعة بين السكان.

وسبق أن شهد محيط السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأردنية عمان مظاهرات حاشدة تطالب بقطع العلاقات مع تل أبيب وإلغاء اتفاقية السلام معها.

ومما كان ملاحظا في انتخابات عام 2024 تأخر تشكيل التكتلات الحزبية والقوائم الانتخابية، لأسباب منها عدم وجود برامج وهوية سياسية لدى الأحزاب المستحدثة، كما قال الباحث في معهد السياسة والمجتمع حسين الصرايرة لقناة المملكة في 3 يوليو 2024.

فضلا عن عدم معرفة المطالب المجتمعية وخاصة تلك المتعلقة بتحسين سبل العيش؛ مما يؤثر وفق المراقبين على قدرة المرشحين على تنفيذها لاحقا تحت قبة البرلمان، وفق الصرايرة.