"الحوار الوطني" في مصر.. لعبة لدعم نظام السيسي وفخ للمعارضة اليسارية

بعد تساؤلات عن جدوى ما سُمي "الحوار الوطني" بمصر، بسبب حظر الحديث عن الجيش والدستور والسياسة الخارجية، رغم أنها قضايا متعلقة بأهم الملفات السياسية، جاءت جلساته الأخيرة لتكشف أنه "ملهاة ومكلمة" للمعارضين لا جدوى منه.
بل رأى كثيرون أن هذه الخطوة ربما تكون فخا لتقسيم المعارضة اليسارية والليبرالية المشاركة في الحوار وحدها، بعد إقصاء الإسلاميين.
وخاصة بعد تشكيل تكتل سياسي داخل الحوار يُسمي "كتلة الحوار" أسسها منشقون عن "الحركة المدنية"، وموالون للسلطة، ما طرح تساؤلات حول من يقف وراءهم؟
وتساءل البعض: هل وراءهم "حيلة أمنية" لاستبدال قوى "الحركة المدنية" اليسارية، حال انسحبت من الحوار، بالمنشقين الموالين للسلطة، بحيث يقال إن قسما انسحب والباقي حاضر، وتصدر التوصيات الوهمية باسم المعارضة؟.
بنود الحوار نفسها كانت مثار سخرية بعدما تفرعت لمئات الفروع وجرى إضافة قضايا وهمية غير سياسية لاستنزاف المشاركين والادعاء أن هناك "حالة حوار" فعلية، مثل مناقشة سن الزواج وهل يكون 18 أم 21 سنة؟ وتمكين الشباب، برغم أن أغلبهم في السجون.
ويرى المعارضون للحوار أنه لن يحدث تغيير في المشهد السياسي، خصوصاً أنه تزامن مع اعتقال المزيد من المعارضين ومقربين من المرشح المحتمل للرئاسة أحمد طنطاوي، وآخرين، وتزايد قتلى السجون بسبب الإهمال الطبي.
وكان رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي دعا إلى "حوار وطني" خلال حفل "إفطار الأسرة المصرية" في أبريل/نيسان 2022، وإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي.
وبدأت جلسات هذا الحوار في 3 مايو/أيار 2023، ما يعني أن الإعداد له استغرق 13 شهرًا منذ أن دعا السيسي، وانتهى في ذات الشهر.
ولم يشارك السيسي ولا أي مسؤول رسمي في الحوار، واكتفى بكلمة عبر الفيديو كونفرنس مع أنه نقاش بين الحكومة والمعارضة.
وبموجب اللائحة المنظمة لجلسات الحوار الوطني، لن تشمل الجلسات التصويت على أي قرارات، وإنما رفع توصيات (غير ملزمة بالطبع) إلى السيسي.
وبحسب تفسير قاله المنسق العام للحوار الوطني ضياء رشوان لقناة سي بي سي الحكومية 2 مايو 2023: "إذا طرح المتحاورون أكثر من رأي بشأن قضية ما، ولم يجرِ التوافق في نهاية النقاش على رأي محدد، سترفع كل الآراء لرئيس الجمهورية".
مكلمة "الحوار"
بعد مرور نحو أسبوعين على عمل اللجان المختلفة في محاوره الثلاثة، كان من الواضح أن إشراك عشرات الأشخاص ليس هدفه "الحوار" بقدر ما هو التباهي بحضور "الجميع"، رغم أن هذا صحيح، وفي الوقت ذاته قتل فكرة الحوار ذاتها.
كثرة المتحدثين وتضارب ما يتحدثون عنه ما بين الحريات والديمقراطية وشؤون المرأة وسن الزواج وغيرها من الموضوعات التي لا تناسب الحوار حولته إلى مجرد منصة للتعبير عن الرأي، ففقد هدفه وشعاره.
رصد "الاستقلال" لأسبوعين من جلسات الحوار، أظهر أنه تحول إلى "مكلمة" بين سلطة ومعارضة ينتهي بتوصيات محددة تضع حلولاً للأزمة السياسية وحالة القمع الأمني والانهيار الاقتصادي.
"الاستقلال" رصدت مشاركة قرابة 60 متحدثا في جلسة واحدة فرعية ما بين متحدثين رئيسين ومداخلات، و4 دقائق تقريبا للمتحدث دون تفرقة بين كلام "خبير" و"هاو سياسي" يريد الشهرة، ودون فائدة أو نتيجة واحدة يخرج بها الحضور.
بحسب الأرقام المعلنة، شارك في 23 مايو، 130 متحدثًا في 4 جلسات استغرقت 14 ساعة، رغم أن عضو مجلس الأمناء كمال زايد قال لجريدة "الشروق" 7 مايو 2023 إن العدد سيكون 30 شخصًا على الأكثر في الاجتماع الواحد.
دفع هذا بعض الحاضرين للقول إن الحرص على زيادة عدد المشاركين، استهدف "إظهار" مشاركة جميع الأحزاب والتيارات، بينما الحقيقة أنه "فخ" أدى لسيولة الجلسات واستعراض البعض خطبا رنانة دون قرار أو توصية مفيدة.
وصل الأمر لمصادرة الآراء التي تنتقد السلطة، وظهر ذلك حينما حاول عضو مجلس الأمناء عمرو هاشم ربيع، انتقاد نظام القائمة المطلقة التي جاءت بمجلس النواب الحالي.
ورأى ربيع أن نظام القائمة المطلقة جاءت بمجلس نواب "بصمجية"، أي يوقعون على ما تريده السلطة.
وهنا، تصدى له منسق الحوار وزميله ضياء رشوان واحتد عليه معترضًا على ما وصفه بـ "الإساءة لمؤسسات الدولة"، واستمر في مقاطعاته الحادة ورفضه القاطع لهذا النوع من النقد.
وحين حاول المعارض خالد تليمة توجيه انتقادات لمجلس النواب الحالي، قاطعه مقرر الجلسة عضو مجلس الشيوخ محمد شوقي.
ورأى أنه يتحدث خارج موضوع الجلسة، رغم السماح لحسام الخولي نائب رئيس حزب مستقبل وطن بالحديث عن "التجربة الرائدة" للبرلمان المصري، دون مقاطعة.
ويشير تقرير لمراسلة موقع "المنصة" من جلسة الحوار 26 مايو 2023 أنه "غرق في لجان وتفاصيل، بعيدًا عن هدف الإصلاح السياسي، وبدأ جلساته الأولى ببعض الملفات الشكلية مثل فلسفة الهوية المصرية وحمايتها، وتحديات الصناعة".
الحقوقي بهي الدين حسن قال إنه جرت هندسة "الحوار الوطني" منذ عام لكي يكون مكلمة معدومة التأثير على الواقع السياسي والاقتصادي الخرب، لكن يصلح تسويقها دوليا كماكياج "ديمقراطي".
أكد عبر حسابه على تويتر أن بعض المشاركين شاركوا تحت التهديد، وآخرين رأوا في المكلمة غاية المنى، لتفقد مصر بذلك فرصة تكثيف الضغط في أضعف لحظات نظام الحكم.
لقد جرت هندسة "الحوار الوطني" منذ عام لكي يكون مكلمة معدومة التأثير علي الواقع السياسي والاقتصادي الخرب، لكن يصلح تسويقها دوليا كماكياج "ديمقراطي"
— Bahey eldin Hassan (@BaheyHassan) May 26, 2023
بعض المشاركين شاركوا تحت التهديد، آخرين رأوا في المكلمة غاية المني، لتفقد مصر بذلك فرصة تكثيف الضغط في أضعف لحظات نظام الحكم
مقال مهم https://t.co/B6ZBdbL119
عضو الحركة المدنية الديمقراطية، رئيس حزب الدستور السابق، علاء الخيام قال لصحيفة "العربي الجديد" 30 مايو 2023 إنه "لا يوجد حوار سياسي" بمعنى وجود حكومة ومعارضة يتناقشون معا، بل مجرد مكلمة.
ووصف ما يجرى بأنه "مشهد حزين لا يمكنك أن تفرق فيه بين المعارضة والموالاة، بل مجرد تأدية لأدوار محددة، كل شخص يقرأ ورقة لمدة 4 دقائق لتسجيل المواقف، وليس بها أي نقاش أو رؤية سياسية أو حوار يُثار حول الأفكار المطروحة".
أكد أن "الأمر أصبح شكلياً، والجميع يؤدي به أدوارا لكن لا تأثير حقيقياً للمعارضة، بل مجرد عنوان بمشاركتها في الحوار في ظل وجود أحزاب ومنظمات مجتمع مدني لم يسمع عنها أحد".
ووصف الحقوقي جمال عيد الحوار الوطني بأنه "خطوة شكلية، مثل الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، أو لجنة العفو الرئاسي، أو قرار وقف حالة الطوارئ، لمحاولة إرضاء الخارج، في حين أن الداخل يتم قمعه".
أوضح لصحيفة "العربي الجديد" 30 مايو 2023 أنه "جزء من تجميل المشهد، وتذرع بمحاولات الإفراج عن سجناء الرأي، والكثير من المشاركين يتجنب غضب الدولة ويحاول تأمين نفسه بالمشاركة في الحوار.
تفكيك المعارضة
كانت مفاجأة حين أعلن عضو مجلس النواب السابق، باسل عادل، خلال اجتماع لجنة التعليم بجلسات الحوار الوطني في 25 مايو 2023 عن تدشين كيان سياسي جديد بمسمى "كتلة الحوار" كإحدى نتائج المشاركة في الحوار الوطني.
قال في بيان إن للكيان الجديد مجلس أمناء يضم 20 عضوًا مؤسسًا برئاسته ما بين مثقفين وأكاديميين وتكنوقراط وسياسيين، بحسب صحيفة "الشروق" الخاصة 25 مايو 2023.
وتحدث عن هدف فضفاض له هو "حب الوطن وإرادة النجاة من الواقع الضيق لآفاق رحبة من الحرية والرفاهية والعدالة".
لكنَّ مصدرين رأيا في تصريحات 27 مايو 2023 لموقع "مدى مصر" المستقل المحجوب في مصر، هذا الكيان الجديد "تكليلًا لنجاح مجموعة من السياسيين في ضرب الحركة المدنية والضغط عليهما".
وقال المصدران من أعضاء الحركة المدنية، إن الهدف منه هو "إيجاد بديل يشبه المعارضة في حال قررت أحزاب الحركة الانسحاب من الحوار الوطني أو الاعتراض على نتائجه"، مشددين على أن غالبية أعضاء الكتلة الجديدة مفصولون من حزب المحافظين.
وعدّا تعاون منظمي الحوار (ضياء رشوان والمستشار محمود فوزي) مع مؤسسي "كتلة الحوار" وموافقتهم على مشاركتهم في جلساته، رسالة إلى أحزاب الحركة المدنية بأن تخفض سقف طموحاتها وشروطها بإطلاق المعتقلين أو تنسحب.
ووصفت مصادر بلجنة أمناء الحوار لموقع "مدى مصر" 3 مايو 2023 ما جرى بأنه "الخطة ب" أو السيناريو البديل، الذي نفذه المنسق العام للحوار الوطني (رشوان) لضمان حضور ممثلين عن المعارضة للجلسات والضغط عليهم.
أوضحت أنه جرى استدعاء عدد كبير من الشخصيات المحسوبة اسما على المعارضة من السياسيين والحقوقيين وممثلي النقابات، لحضور جلسات الحوار لضمان وجود ممثلين لهم كبدائل للحركة المدنية في حال قررت عدم المشاركة.
وكان رشوان أعلن في بيان 30 مارس/آذار 2023 مشاركة 16 شخصية ممن وصفهم بـ "قيادات ورموز سياسية وفكرية وحقوقية وفنية ينتمون لمختلف مدارس الفكر والعمل في جلسات اللجان المتخصصة للحوار".
ثم في 30 أبريل 2023، أصدر بيانًا آخر لم تنشره الصفحة الرسمية للحوار أيضًا، متضمنًا توقيع 14 شخصًا، وصفهم بـ "مجموعة من رموز وقيادات العمل السياسي والإعلامي" يرحبون بالمشاركة في الحوار الوطني ويحددون رؤيتهم له وللأوضاع الراهنة في مصر.
وكان ملفتا أن هذه الضغوط أثمرت حيث خفضت أحزاب الحركة المدنية شروطها لدخول الحوار، بداية من تخفيض عدد من طالبت بإطلاقهم من أعضائها المسجونين من 100 معتقل إلى 37 فقط، قبل بدء الحوار لحفظ ماء الوجه.
وكانت "الحركة المدنية" حذرت مبكرا 8 سبتمبر/أيلول 2022 من الالتفاف على "الحوار الوطني"، عبر تصريحات من عضو بارز في الحركة، لم تذكر اسمه، لموقع "المنصة" المصري الموالي للتيار المدني.
قال إن "الحركة المدنية هي الممثل الوحيد للمعارضة في مصر، والسلطة تحاول فرض تمثيل غير متكافئ خلال الحوار الوطني، عبر إدخال أحزاب موالية كحزب الوفد والمصريين الأحرار والتجمع في صف الحركة المدنية لإضعاف تمثيلها".
أوضح أن أحزاب الحركة المدنية اشترطت لدخول الحوار أن تكون الممثل الشرعي للمعارضة، لأنه ليس منطقيًا أن تُحسب أحزاب مؤيدة للسيسي في خانة المعارضة، "ويخرج بحوار لم تستمع فيه السلطة إلا لنفسها وكأن شيئا لم يكن".
أيضا ظهر القيادي في الحركة حمدين صباحي، في مؤتمر صحفي 7 سبتمبر 2022، ليحذر من إفشال الحوار، وحمل السلطة المسؤولية.
وقررت الحركة المدنية مطلع مايو 2023 المشاركة في الحوار الوطني، مع الاستمرار في المطالبة بإطلاق سراح سجناء الرأي ممن تقدمت بقائمة بأسمائهم إلى الجهة الداعية للحوار، بعد "تصويت سري" لـ 12 رئيس حزب و10 من الشخصيات العامة في الحركة.
وصرح المتحدث باسم الحركة خالد داود، أن 13 صوتًا اختاروا المشاركة بدعوى أن الحوار هو السبيل لتحقيق مطالب الحركة.
بينما اختار 9 عدم المشاركة على أساس عدم تحقق المطلب الرئيس والمتمثل في إخلاء سبيل سجناء الرأي (أعضاء الحركة).
والأحزاب الـ 12 هي، التحالف الشعبي الاشتراكي، المصري الديمقراطي، الدستور، المحافظين، الإصلاح والتنمية، الكرامة، العدل، الشيوعي، الاشتراكي المصري، العربي الناصري، الوفاق، العيش والحرية (تحت التأسيس).
أما الشخصيات الـ 10 فهم: حمدين صباحي، وعضو لجنة العفو الرئاسي كمال أبو عيطة، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان جورج إسحاق، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني كمال زايد، والرئيس السابق لحزب الكرامة محمد سامي.
والمتحدث باسم الحركة خالد داود، والمتحدث السابق باسم الحركة الوطنية للتغيير سمير عليش، والرئيس السابق لحزب الدستور علاء الخيام، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد، وعضو الحركة مجدي عبد الحميد.
وكانت مفارقة حين ألغت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية (تابعة للمخابرات) استضافة حمدين صباحي على قناتها "سي بي سي" رغم مشاركته الحوار الوطني، ما عد مؤشرا على خفض سقف الحوار.
وقالت قصواء الخلالي المذيعة في قناة "سي بي سي" في تغريدة عبر حسابها على تويتر إن القناة اعتذرت لحمدين صباحي عن عدم استضافته بعدما كان من المقرر ذلك.
قامت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، بالاعتذار للسياسي الكبير حمدين صبّاحي عن عدم استضافته على شاشاتها، وعن الدعوة المقدمة له من الشركة للظهور في حلقةعلى الهواء، ووافق ا.حمدين صبّاحي وتقبّل الاعتذار بصدرٍ رحب كما تم إبلاغي، ولن يكون ضيف الأحد القادم في المساء مع قصواء على cbc��
— Kaswaa Elkhelaly قصواء الخلالي (@kaswaelkhelaly) May 17, 2023
وسخر ناشطون من إعادة السلطة "تدوير" حمدين صباحي مرة أخرى ووصفوه بأنه "الطقم الصيني بتاع الانتخابات".
معضلة المعتقلين
ظلت مشكلة المعتقلين السياسيين، المحسوبين على التيارات اليسارية والليبرالية فقط دون الإسلاميين، سيفا يسلطه قادة أحزاب "الحركة المدنية" على الحوار، مطالبين بإطلاقهم كشرط للمشاركة.
ورفضت السلطة إطلاق قرابة 100 شخص من أنصار المعارضة اليساريين جرى تقديم قوائم بأسمائهم، ولذلك ظل موقف اليسار مائعا من المشاركة.
زاد الطين بله مواكبة الحوار سلسلة انتهاكات واعتقالات دون أن تنسحب المعارضة رغم تأكيد مصادر منهم لـ "الاستقلال" أنهم لا يثقون في نظام السيسي ولا نيته الحوار أو إطلاق معتقلين أو السماح بالتنافس على السلطة.
ففي 12 أبريل 2023 وقبل أن يبدأ الحوار، جرى استدعاء المتحدث السابق باسم الحركة، يحيى حسين عبد الهادي، للنيابة وتوجيه اتهامات له بـ "نشر أخبار كاذبة" بسبب مقالات رأي كتبها عقب خروجه من السجن.
وقبل انطلاق الحوار بيومين، جرى القبض على القيادية بحزب الكرامة، نجوى خشبة، والقيادية بالحزب الناصري، عايدة محمود.
وهو ما وصفه مدحت الزاهد من حزب التحالف الشعبي عبر فيسبوك بأنه "رسالة (من السلطة) أن مشاركة الحركة المدنية في الحوار لا بد أن تكون «منكسرة».
ويوم الحوار، جرى الإعلان عن اعتقال 5 من أقارب وأصدقاء المرشح الرئاسي أحمد طنطاوي رئيس حزب الكرامة السابق، ثم اختفاء 9 من أصدقائه يوم 27 مايو 2023 خلال توجههم لمكتبه بالقاهرة، وفق موقع "ذات مصر".
وفي 11 مايو 2023، كشفت جميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور، المشاركة في الحوار، عن إقدام السلطات على غلق باب منزل ابنها نجل المعارض المصري أيمن نور، بالشمع الأحمر.
كما أعلن "حزب المحافظين" في بيان أن أجهزة الأمن ألقت القبض على أحد أعضائه وهو إيهاب سمرة، على خلفية تعبيره عن رأيه وفكره عبر صفحته الشخصية.
وانتقدت ثماني منظمات حقوقية، في بيان 11 مايو 2023، قرار محكمة جنايات القاهرة، بتمديد إدراج 1526 مصرياً في قوائم الإرهاب لمدة 5 سنوات إضافية.
وقالت إن هذا "يدحض ادعاءات الحكومة بشأن انطلاق حوار وطني حقيقي يتسع لجميع الأصوات الناقدة ويتقبل الخلاف مع المعارضين من السياسيين والحقوقيين".
وقد وصف عضو الهيئة العليا لحزب الكرامة كمال أبو عيطة، في حوار مع موقع "المنصة" مطلع مارس/آذار 2023 سجناء الرأي بأنهم "رهائن القوى السياسية" لدى السلطة.
وتساءل "ينفع أدير حوار والقوى السياسية عندها رهائن؟" مشددا: "لازم يشوفوا حل وإلا يبقى حوار إذعان".
وتحدث أبو عيطة عن "توحش وتوغل الأجهزة الأمنية على الناس مش بس السياسيين"، وكيف تنتقم أقسام الشرطة من الناس بسبب ما حدث في ثورة 25 يناير 2011، مثل القبض على بعض الذين تحدثوا في فيديوهات ساخرة عن غلاء الأسعار.
وحذر من إمكانية عودة الثورة قائلا: "أرجو ألا يطمئن المسؤولون إن الناس ضد الخروج (الثورة)".
قال إن المرحلة الأولى التي كانت فيها شعبية السيسي مرتفعة "انتهت والرئيس عارف والأجهزة عارفة، والناس ما نزلتش كراهية في موجه الدعوة وليس حبًا في غيره".
ولطالما أعلنت الحركة أنها متمسكة بإطلاق سراح سجناء الرأي كمقدمة لقبولها الدخول إلى الحوار، لأن "بدئه من دون الإفراج عن السجناء السياسيين يفرغه من مضمونه".
و"دون حدوث انفراجة حقيقية في ملف السجناء السياسيين لن يصدق المواطن في جدوى الحوار" حسبما قال خالد داوود المتحدث باسمها في تصريحات صحفية.
وخلال جلسات الحوار، تساءل أحد المشاركين: كيف نناقش في جلسة "حرية الأحزاب" التعددية الحزبية، بينما رئيس حزب مصر القوية (عبد المنعم أبو الفتوح) ونائبة (محمد القصاص) مسجونين، ويشارك بعض أعضاء الحزب في الحوار؟
خروج عن النص في #الحوار_الوطني!! #مزيد #جلسات_الحوار_الوطني #مصر #الحياة_السياسية #المعتقلين pic.twitter.com/e2erluBtIr
— مزيد - Mazid (@MazidNews) May 23, 2023
ويؤكد تقرير نشره موقع "ستراتفور" الأميركي 10 مايو 2023، تعليقا على الحوار الوطني المصري أنه "من غير المرجح أن يولد التغييرات السياسية الجادة التي يطالب بها الناس بشكل متزايد".
أشار إلى أن لجان الحوار الوطني أوعز لها بمناقشة أكثر من 100 موضوع واسع النطاق، بما في ذلك الانتخابات والتعليم والهوية الوطنية والاقتصاد، لكن في اليوم نفسه قال المنظمون إن بعض الموضوعات سيحظر مناقشتها تماما.
شدد على أن "استبعاد الفاعلين الحقيقيين بالشارع المصري (الإسلاميين) جعل منه حوارا بالاسم فقط".
أوضح أنه تمت السيطرة على الحوار عبر فحص أمني دقيق لمن حضروا الجلسات، لضمان مشاركة "المؤيدين الصريحين للحكومة" والمعارضة "غير المثيرة للجدل"، واستبعاد من ينتمون أو يتعاطفون مع الإسلاميين أو حركة الإخوان المسلمين كافة.
وكان المنسق العام للحوار الوطني ضياء رشوان، زعم 23 مايو 2023 أن الإخوان كان يأملون بالعودة الآن من خلال الحوار الوطني ويعتقدون أنهم لو عادوا سيتسللون للحياة السياسية ويصبح لديهم شرعية الأمر الواقع.
قال خلال برنامج «حديث الأخبار» عبر قناة «إكسترا نيوز» التابعة للمخابرات المصرية، إن "الإخوان مصنفة قضائيا جماعة إرهابية ولن تشارك في الحوار الوطني".
وتابع "ستراتفور" أنه "من دون وجود متنفس للناس للتعبير عن إحباطهم بشأن القضايا السياسية والاقتصادية الرئيسية، فإن قبضة السيسي القوية على السلطة قد تتعرض للتهديد في نهاية المطاف".
ويقول "مركز ويلسون"، للاستشارات الذي يعتمد عليه الكونغرس الأميركي في تقرير مطلع مايو 2023 إنه "لا جدوى من الحوار الوطني بمصر لأنه من جانب واحد (هو السلطة ومؤيدوها) بينما المعارضة الحقيقية غائبة".
أكد أن الحوار بذلك "لن يقدم جديدا" لمعالجة التحديات الاقتصادية والسياسية الهائلة التي تواجه البلاد، رغم أنه وسيلة لكسر المأزق السياسي لنظام السيسي.
فالمشاركة مقصورة على نطاق ضيق من الأشخاص والجماعات المتحالفة بشكل أساسي مع الحكومة، والهدف منه ليس التوفيق بين الخصوم، ولكن إصدار التوصيات مباشرة إلى السيسي، بينما هو سبب المشكلة.
وينبه الكاتب "صبحي حديد" في صحيفة "القدس العربي" 27 مايو 2023 إلى أن غالبية القوى المعارضة المشاركة في الحوار "صفّقت لانقلاب السيسي في يوليو 2013.
"بل ورفضت (بإباء مجاني، لا تُحسد عليه!) أيّ توصيف انقلابي لخطوات الإطاحة بأول رئيس منتخب ديمقراطياً في تاريخ مصر (محمد مرسي)".
كما بين أنهم وافقوا على "إعادة الجيش إلى مؤسسات الرئاسة والأمن والسياسة والاستثمار الاقتصادي والفساد والإفساد والاستبداد ومهازل التعديلات الدستورية التي تُبقي السيسي في السلطة حتى 2030، أو إلى أبد الآبدين، تحت ذريعة وحيدة، هي الخلاص من جماعة الإخوان المسلمين".